اعتبر الأمر «شائعات» و«محض هراء»

بوتين يستسخف اتهام واشنطن لدمشق باستخدام «الكيماوي»

صورة

خلال المقابلة التي أجرتها وكالة «أسوشيتد برس» والتلفزيون الروسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحدث هذا الأخير باستسخاف حول تأكيدات الولايات المتحدة والآخرين بأن الجنود السوريين استخدموا الأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل 1429 شخصاً بالقرب من دمشق. وقال بوتين «إذا كان هناك دليل على انه تم استخدام الأسلحة الكيماوية، وبالتحديد من قبل الجيش النظامي، فإن هذا الدليل يجب تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي». وأضاف أنه «يجب أن يكون هذا الدليل مقنعاً وليس مستنداً إلى الشائعات، أو على معلومات تم الحصول عليها من قبل وكالات المخابرات أو من خلال مخبرين أو محادثات أو ما شابه ذلك».

بوتين رفض احتمال قيام الجيش السوري بالهجوم الكيماوي، وفي مقابلة أخرى اعتبر أن الأمر «محض هراء»، ولطالما كان الرئيس الروسي هو الداعم الصلب للنظام السوري في الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد، ولكن ذلك لم يمنحه رخصة لتجاهل الحقائق، وتجنب ذكر كل الحقائق التي لا تناسبه. ومخزون الأسلحة الكيماوية في سورية يعود أصله إلى الحرب الباردة عندما تم عقد صفقات بين سورية والاتحاد السوفييتي السابق، الذي كان راعياً للجيش السوري، ويتضمن المخزون قنابل يمكن ضربها عبر الجو، والتي يمكن ملؤها بغاز السارين، إضافة إلى صواريخ سكود التي يمكن تزويدها بغاز الأعصاب «في اكس».

وإذا كانت الشكوك تساور بوتين بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الجيش السوري، فربما يستطيع أن يسأل زملاءه السابقين من جهاز الأمن الفيدرالي كي يبحثوا في أرشيف جهاز المخابرات الذي كان في عهد الاتحاد السوفييتي المعروف باسم «كي جي بي»، حيث كان بوتين يعمل. وربما يريد رؤية الملف لدى الجنرال المتقاعد أناتولي كونسيفيتش الذي أدار منشأة سرية لاختبار الأسلحة الكيماوية لدى الاتحاد السوفييتي في العقد الأخير من وجود الاتحاد.

وحصل كونسيفيتش على جائزة لينين لعمله على سلاح كيماوي متطور جداً، وفي بداية عام 1992 وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عينه الرئيس الروسي في حينه بوريس يلتسين رئيساً للجنة نزع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية عبر البحار، لكن بعد مرور عامين فقط طرده يلتسين من منصبه لأنه ارتكب «انتهاكات كبيرة للمسؤوليات الملقاة على عاتقه»، وكشف المسؤولون الروس لاحقاً أنه جرى التحقيق مع الجنرال كونسيفيتش بتهمة تتعلق بالمساعدة على نقل نحو 1700 رطل من المواد المولدة لغاز الأعصاب إلى سورية، ولم تتم إدانته في روسيا، لكن في نوفمبر من عام 1995 فرضت الولايات المتحدة على الجنرال كونسيفيتش عقوبات لأنه «قدم المساعدة المادية عن تصميم وإدراك» لبرنامج الأسلحة الكيماوي السوري، وتوفي الجنرال عام 2002 في رحلة جوية بين سورية وروسيا.

ولا يمكن اعتبار بوتين مسؤولاً عن كل عقد عسكري للاتحاد السوفييتي، ولا عن الصفقات القذرة التي قام بها الجنرالات المارقون في تسعينات القرن الماضي. وخلال العقدين الماضيين، تعاونت روسيا مع الولايات المتحدة لتدمير مخزونات الأسلحة الكيماوية، لكن الهجوم الذي وقع في دمشق بغاز السارين، يجب ألا يتم رفضه بسهولة، ومن دون تكلف من قبل بوتين واعتباره «سخيفاً»، وبدلاً من السخرية من العالم الغربي، ينبغي على بوتين أن يضع دعم روسيا خلف تحقيق محايد بشأن هذا العمل الوحشي، وهي جريمة مرعبة تم ارتكابها في سورية، وبالنظر إلى ماضي روسيا لا يمكن للرئيس الروسي أن يتجاهل الأمر.

تويتر