«الجيش الأحمر» يتعرض للهلاك

لم يكن تجنيد الأطفال في الخدمة العسكرية مرتبطاً فقط بالحرب الأهلية الحالية في دولة جنوب السودان، بل استخدمهم زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان، الراحل جون غارانغ. والجيش الشعبي هو الذراع العسكرية للحركة الشعبية لتحرير السودان. وجند غارانغ الأطفال للعمل كمقاتلين في هذه الحركة المتمردة، التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم منذ ثمانينات القرن الماضي إلى أن حصل الجنوب على الاستقلال عام 2011. وسلطت بعض الدوائر الدولية الضوء على محنة عشرات الآلاف من الأطفال الذين احتجزتهم الحركة في ظروف سيئة، وجندتهم للعمل في صفوفها كمقاتلين.

ورفضت الحركة لم شمل هؤلاء الأطفال بعائلاتهم. ووصفت بعض المنظمات الدولية اختطاف الحركة للأطفال وعزلهم عن المجتمع بأنه قريب الشبه باستخدام النازيين للأطفال لأغراض سياسية وعسكرية، حيث تهدف الحركة من وراء ذلك إلى تكوين وحدة في الجيش الشعبي أطلقت عليها «الجيش الأحمر».

وفي أواخر عام 1994، نشرت منظمات حقوقية تقارير خاصة بالجنود الأطفال في جنوب السودان. واستندت التقارير إلى زيارة لتقصي الحقائق داخل السودان وكينيا وأوغندا. ووثقت استخدام الجيش الشعبي للأطفال، وبعضهم يبلغ السابعة فقط من العمر، إذ يتم احتجاز الآلاف من هؤلاء الأطفال في مخيمات الحركة الشعبية في إثيوبيا وأماكن أخرى. وأضافت التقارير أن «الظروف في بعض هذه المخيمات بالغة الشدة، إذ لا يوجد تعليم، أو نظافة، وهناك عدد قليل من الذين يهتمون بأمرهم، ويرتدون ملابس رثة ومصابون بالمرض، ولا يتوافر لديهم سوى القليل من الطعام».

ويتلقى الأولاد الذين تزيد أعمارهم على 12 عاماً دورات عسكرية كاملة، بينما يتم تدريب الذين لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات فقط خلال الفترات الدراسية. وتم نشر هذا الجيش جنباً إلى جنب مع وحدات الجيش الشعبي العادية، لكن من دون أن تنجح في إحراز أي نصر. وتعرض معظم أفراد الجيش الأحمر للذبح في معركتهم الأولى. ويقول ضابط متمرد سابق «تم نقلهم إلى خط المواجهة، ولم يكونوا جنوداً جيدين لأنهم كانوا صغاراً جداً». ومع ذلك، عندما كان الدكتاتور الإثيوبي منغستو هايلي مريم على وشك الإطاحة به من قبل الثوار الإريتريين وجبهة التيغراي بين 1990 و1991، قدم الجيش الشعبي لتحرير السودان وحدات من الجيش الأحمر للقتال في الجيش الإثيوبي، ولكن لم ينجُ منهم إلا القليل.

تويتر