مبادرة «مجلس التعاون» أفضل الحلول للخروج من المأزق

فوضى اليمن تؤثر في أمن منطقة الخليج

صورة

يدرك كل باحث أو محلل في شؤون شبه الجزيرة العربية يقيناً أن هناك علاقة وثيقة تاريخياً بين ما يجري في اليمن وجاراته في شبه الجزيرة العربية.

وما يدعونا إلى القلق والاهتمام التطورات الأخيرة التي شهد ها اليمن، حيث رحل نظام المستبد علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن اكثر من 35 عاماً واستولى الحوثيون على البلاد.

وتتقاسم السيطرة على اليمن حالياً ثلاث قوى: الأولى الحوثيون، والثانية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومؤيدوه، والثالثة تنظيم «القاعدة» وتنظيم أنصار الشريعة المرتبط به. وتشهد دول عربية تعد في قلب العالم، مثل العراق وسورية وليبيا ومصر ولبنان، مشكلات واضطرابات يحلو للبعض تسميتها بالربيع العربي، لكنها تشيع جواً عاماً من عدم الاستقرار في المنطقة

بالمقابل، فإن دول منطقة الخليج لها مشكلاتها الداخلية والخارجية الخاصة بها، لكنها تنعم بالاستقرار، ويميل سكانها إلى تفضيل الهدوء العام والاستقرار السياسي على حالة الفوضى والتعامل مع مختلف القضايا بالدبلوماسية، وزاد ارتفاع حساسية القضايا الأمنية حول دول مجلس التعاون لدول الخليج من حساسية الوضع العام في هذه الدول، ودفع معظمها إلى التخلي عن أساليبها الأمنية التقليدية والبحث عن أساليب وسياسات جديدة تواكب العصر. كما انه لا يمكن إلقاء أي لوم على دول الخليج في ما يتعلق بالنفوذ الإيراني المرتبط بالانقسامات الطائفية في المنطقة.

وعلى كل حال فإن دول الخليج تدرك حالياً الحاجة لاتخاذ إجراءات وتدابير أمنية لمواجهة وجود وعمل التنظيمات المتطرفة في العراق وشمال سورية، والآثار الناجمة عن استمرار نظام بشار الأسد في السلطة والنفوذ الإيراني في المنطقة بشكل عام. وهذا لا يكفي، إذ لابد من العمل دولياً وإقليمياً لبلورة حلول ممكنة التطبيق، ومنها التدخل الغربي على سبيل المثال، لكن معظم المحللين يجمعون على صعوبة تنفيذه.

وفي لعبة المصالح والتجاذبات السياسية الإقليمية يصبح طبيعياً أن تلعب إيران بأي ورقة إقليمية متاحة. وحينما سحبت دول الخليج يدها تماماً من العراق، دخلت إيران - بكل ما عندها من نفوذ - مستفيدة من حالة الفوضى الأمنية والسياسية الشاملة، وإن كانت دول الخليج قد خسرت العراق فإنها كارثة أن تخسر اليمن لصالح الفوضى ومن يقف وراءها. ويجب ألا ننسى أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح يراهن على الفوضى التي تعم اليمن لأنه من اكبر المستفيدين من استمرارها في اليمن. وكانت مبادرة دول مجلس التعاون أفضل الحلول للخروج باليمن من مأزق الثورة التي لم تكتمل، كما أراد شباب التغيير. لكنها ليست سوى خطوة واحدة في طريق طويلة لاستقرار حقيقي في اليمن. وإن لم تنظر دول المجلس لليمن كمحور أساس في أمنها القومي، وتتعامل معه كأولوية أمنية وسياسية إقليمية، فإنها إنما تترك لغيرها استغلال فوضى اليمن لتطويق دول المجلس بمزيد من المخاطر.

 

سفيان بن عزير مفكر وكاتب مؤلف كتب عدة منها «الصوفية» والمقال منشور في موقع «فورن بوليسي جورنال»

 

 

 

تويتر