تمتعوا بحرية عبادة وحركة غير مسبوقة في الغرب

«الإخوان» يهربون من دولهم إلى «دار الدعوة»

صورة

لعل أول وجود نشط للجماعة الإرهابية في الغرب يعود إلى أواخر خمسينات وأوائل ستينات القرن الماضي، عندما غادرت مجموعات صغيرة منهم مختلف دول الشرق الأوسط، لتستقر في جميع أنحاء أوروبا وشمال أميركا، ومن بين هؤلاء المغادرين حفنة تضم شخصيات متشددة مثل سعيد رمضان، ويوسف ندا، بعد ان اكتشف الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، حقيقة أمرهم وحاربهم، في منتصف خمسينات القرن الماضي.

وفي العقود التالية هاجر بعض أعضاء الجماعة من دول شرق أوسطية أخرى الى أوروبا، هرباً من ملاحقة الأنظمة المحلية. ومع ذلك، فإن معظم الناشطين المرتبطين بـ«الإخوان»، كانوا من الطلاب الذين يتعلمون في الغرب، والمتعلمين في المناطق الحضرية، وأبناء الطبقات المتوسطة في الشرق الأوسط، الذين كانوا قد انضموا بالفعل، أو راودتهم فكرة الانضمام إلى «الإخوان» في وطنهم. ومع وجودهم في الغرب لمواصلة دراستهم في الجامعات، واصل هؤلاء الطلاب مشاركتهم في الأنشطة الإسلامية في بيئاتهم الجديدة.

وأتاحت الحرية الغربية لـ«الإخوان المسلمين» ممارسة انشطتهم علناً، على خلاف ما يحدث في مواطنهم الأصلية، كما استطاعوا بالقليل من الأموال نشر مجلاتهم، وتنظيم المحاضرات، واستخدموا جميع الطرق التي يستطيعون بواسطتها نشر ايديولوجيتهم، وسريعاً ما استقطبت أنشطتهم تلك جماعات صغيرة من الطلاب والعمال المسلمين، الذين لم يكن لهم أي احتكاك مع «الإخوان المسلمين» في أوطانهم.

وكانوا في البداية يشكلون مجموعات صغيرة، وفي بداية سبعينات القرن الماضي بدأت هذه المجموعات المعزولة عن بعضها بعضاً تتفاعل، وتشكل في ما بينها شبكات اتصال رسمية وغير رسمية، امتدت عبر أميركا الشمالية وأوروبا.

من ناحية اخرى، ادرك الهاربون الأوائل من «الإخوان» في الغرب ان المصطلح التقليدي بشأن «دار الحرب» وهي دار العدو، و«دار الإسلام»، وهي المكان الذي يتم فيه تطبيق الشريعة، لا ينطبقان على وضعهم في أوروبا، طالما أنهم يمارسون شعائرهم الدينية بحرية، ولهذا السبب اطلقوا على أوروبا «دار الدعوة».

الأمر اللافت للانتباه هو أنه لا توجد منظمات في العالم الغربي تحت مسمى «الإخوان المسلمين»، كما أنه لا يصح من الناحية الفنية أن نتحدث عن منظمات مثل منظمات «الاتحاد الإسلامي» في فرنسا، أو «الجمعية الإسلامية» في ألمانيا، أو «الجمعية الإسلامية» في بريطانيا، أو مجلس العلاقات الإسلامية الأميركي، بوصفها منظمات تابعة لـ«الإخوان المسلمين»، وأن قادتها أعضاء في هذه الجماعة، ولكن اذا ما تبنينا نهجاً غير رسمي، يمكننا أن نؤكد أن جميع المنظمات الإسلامية الغربية، تعمل وترتبط تاريخياً ومالياً وشخصياً وايديولوجيا، بـ«الإخوان المسلمين»، وحركات الإحياء الإسلامي في العالم (جماعة الإسلامي، وميلي غورس لجنوب آسيا، وجماعات الشتات التركية).

ونستطيع القول إن «جماعة الإخوان المسلمين الغربية» تتكون حول شبكات من العلاقات الشخصية، ونادراً ما تتشكل حول خطة رئيسة واضحة المعالم، ولكنها تتأصل من تفاعل مجموعات صغيرة من الأفراد الأذكياء المتعلمين، أو بعبارة أخرى من شبكات صغيرة غير رسمية من الناشطين المرتبطين بروابط المصاهرة، والعمل، والصداقات القديمة، والأهم من ذلك بالرؤية المشتركة، فكل منظمة تنتمي الى الحركة تعمل باستقلالية، وتصيغ إجراءاتها وفقاً للبيئة التي تعمل فيها، لكنها في النهاية هي منظمة ذات مبادئ وأهداف مشتركة بين الجماعة، ولهذا يمكن أن نطلق على جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، انها منظمة لها روابط مع جميع «الإخوان المسلمين» في العالم، لكنها تعمل بشكل لا يشير الى أنها لها علاقة مع «الإخوان المسلمين» في مصر، على سبيل المثال، أو اي فرع آخر من الجماعة في الشرق الأوسط.

تويتر