مذبحة «شارلي إيبدو» زادت شعبية الحركة

مستقبل غامض ينتظر «بيغيدا» بعد استقالة زعيمها

صورة

خلال الخريف الماضي لاحظنا تزايد ظهور «حركة الأوروبيين ضد أسلمة الغرب» المعروفة اختصاراً بـ«بيغيدا»، وأسرع ظهور كان في مدينة دريسدن الألمانية. وتميزت هذه الحركة بزعيمها الغامض الذي يتسم بكاريزما غريبة، إضافة إلى الاستياء من الجميع ومن كل شيء، فهم يكرهون معظم السياسيين، وأجهزة الإعلام، وبصورة خاصة الأعمال البسيطة، والتقاعد، والمخاوف من المستقبل. هذه المخاوف تحولت إلى كُره للأجانب، خصوصاً اللاجئين السوريين والعراقيين الذين كانوا يتخذون من أي مكان مركزاً لإقامتهم.

وعلى الرغم من أن مسيرات «بيغيدا» التي قامت بها، الاثنين الماضي، كانت غير عنيفة، إلا أنها تعيد إلى الأذهان مسيرات أصحاب القمصان البنية التي جرت في الجيل السابق في ألمانيا الغربية.

ولكن مقابل «بيغيدا» كان هناك مزيد من الآلاف الذين تظاهروا ضد تظاهرات الكراهية، مرحبين بالقادمين من اللاجئين، ومطمئنين العائلات المسلمة التي عاشت في ألمانيا لفترات طويلة، وكانوا يفوقون تظاهرات «بيغيدا» من حيث العدد، كما أنهم قاموا بمنع تقدمها في كل مكان باستثناء دريسدن.

وجاءت حادثة القتل في صحيفة «شارلي إيبدو»، لتؤدي إلى زيادة تصاعد قوة «بيغيدا». وبعد ثلاثة أيام من تلك المذبحة، قامت «بيغيدا» بتظاهرة كبيرة. في المقابل قام قادة جميع الأحزاب بالتظاهر عند بوابة براندبورغ في برلين ضد العنف والقتل، وضد كراهية المسلمين أيضاً، حتى إن المستشارة الألمانية، انغيلا ميركل، تحدثت بقوة، وقالت «المسلمون هم من المجتمع الألماني». ولم يكن الجميع سعيداً في الجوقة التي تعاطفت مع «شارلي إيبدو» من حيث الظاهر، إذ على الرغم من التأييد الكامل للصحيفة من قبل البعض إلا أن كثيرين عارضوا الطبيعة الاستفزازية للصور الكاريكاتورية للصحيفة. وأشار آخرون إلى أن بعض القادة الذين تجمهروا في باريس ارتكبوا خطايا ضد حرية الصحافة في بلادهم، وأن وجود رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لم يكن يهدف إلى دعم حرية التعبير وإنما لحشد دعم الناخبين. وأبدى بعض من أعضاء حزب ميركل تحفظاتهم على المسلمين، وأشاروا إلى أنه يتعين مراقبة المسلمين عن كثب لحماية «أنفسنا من هؤلاء المتطرفين».

وفي 13 يناير الجاري، تعرض خالد إدريس بحراي (20 عاماً) للقتل بالقرب من المبنى الذي يقيم به، وهو طالب لجوء إريتري. و بعد أن أمضت الشرطة وقتاً طويلاً في تفحص الجثة قررت أن ما حدث مع خالد هو حادث، متجاهلة الجرح العميق في صدره وعنقه. وكان الرجل في طريقه إلى التسوق عندما صادف تظاهرة لـ«بيغيدا». في ذلك اليوم بلغت قوة التظاهرة 25 ألف شخص، في حين أن 8000 من الشجعان عارضوا تقدمهم واستخدموا المكانس «لتنظيف الشوارع من قذارتهم العنصرية» وبعد أيام عدة كانت ردة الفعل على حادثة القتل قوية، فقد أوردت سلطات دريسدن تهديداً غريباً بالقتل لزعيم «بيغيدا» لوتس باتشمان، وقررت منع جميع التظاهرات في المدينة لمدة يوم. وفي 21 يناير دعت «بيغيدا» 60 ألفاً من أنصارها للتظاهر، لكن الشرطة منعتهم من التظاهر. ومن ثم ظهر على موقع «فيس بوك» صورة لباتشمان بمظهر يبدو شبيهاً تماماً بهتلر، لكنه قلل من أهمية ذلك باعتباره نكتة. لكن نحو 15 ألفاً من المتعصبين تظاهروا في لايبزيغ، وعلى الرغم من أنهم كانوا تحت حماية الشرطة إلا أنهم واجهوا تظاهرة مناوئة لهم تزيد على 20 ألفاً. وفي مساء ذلك اليوم الحافل قرر باتشمان أنه يتعين عليه التنازل عن قيادة الحركة. ولكن مستقبل الحركة لايزال غير واضح.

 

تويتر