بطش وإرهاب وقتل جماعي للشباب باسم الشريعة

ناجون يروون مذابح «بوكو حرام» في «غوزا»

أحد مشاهد الدمار الذي خلّفته الحركة خلال اقتحامها للمدن. أ.ف.ب

بعد ثلاثة أيام من سقوط مدينة غوزا النيجيرية في أيدي جماعة «بوكو حرام»، بدأت الجثث تظهر على قارعة الطريق، وتروي النساء كيف أن الرجال اختبأوا في المنازل، وأن مقاتلي «بوكو حرام» بدأوا بطرق الأبواب يستفسرون عن وجود مقاتلين ذكور داخلها.

كان عباس آغا، (56 عاماً)، مختبئاً داخل منزله عندما سمع طرقاً على الباب، وأصوات رجال تسأل زوجته ما إذا كان هناك أحد من الذكور في الداخل، وأخبرتهم الزوجة بأن جميع الرجال غادروا المنازل، إلا أن مقاتلي «بوكو حرام» اقتحموا المنزل ليجدوا آغا وخمسة آخرين من بينهم صبي في الـ15 من عمره مختبئين في إحدى الغرف، فسحبوهم إلى الخارج وأمروهم بالانبطاح أرضاً على وجوههم. وظل آغا يردد آيات قرآنية إلى أن أمره أحد عناصر الميليشيا هو ورجل عجوز آخر بالوقوف على أرجلهم ليشهدوا بأعينهم مصرع الصبي وشباب آخرين أطلقت الميليشيا النار على رؤوسهم خلال انبطاحهم على الأرض. وقضت الميليشيا على العشرات من الشباب بعد اقتحامها المدينة بناءً على أوامر حاكمها الجديد البالغ من العمر 50 عاماً. وظلت الجثث منتشرة في الشوارع أياماً عدة لتتحلل وتتعفن بعد أن كف أقرباء القتلى عن دفنهم خوفاً من بطش سلطات المدينة الجديدة. وتحدث آغا وناجون آخرون من كبار السن عن الفظائع التي تحدث في تلك المدينة التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، والتي أعادت «بوكو حرام» تسميتها بـ«بوابة المؤمنين». وتتحدث رواياتهم عن البطش والإرهاب تحت تلك المجموعة التي استرعت اهتمام العالم عندما اختطفت 276 فتاة من إحدى المدارس قبل سبعة أشهر، ويبدو أن الحركة تعتزم الآن إقامة خلافتها عبر شمال شرق نيجيريا متخذة من مدينة غوزا عاصمة لها. وخلال السنوات الخمس الماضية ساءت سمعة «بوكو حرام» أكثر فأكثر بعد أن صارت تذبح مئات من طلبة المدارس، وتقطع رؤوس سائقي سيارات النقل بمناشير قطع الأخشاب، وتنسف الكنائس والمساجد وتغتال القادة الدينيين، وتختطف المسيحيين. وخلال الشهور الأخيرة وجهت الميليشيا اهتمامها نحو الاستيلاء على المناطق، مستلهمة ذلك ربما مما يفعله تنظيم «داعش» في العراق وسورية.

ويروي آغا الذي وصل إلى مدينة مديغوري كيف أن «بوكو حرام» أخبرتهم أنها «تتصرف وفقاً لإرادة الله، على الرغم من أن معظم الرجال الذين اغتالتهم أمامي هم مسلمون»، ويضيف أن ابنه البالغ من العمر 25 عاماً، والذي ينتمي إلى مجموعة تم تشكيلها للدفاع عن المدينة استطاع قتل اثنين من مقاتلي الميليشيا ببندقية مصنوعة محلياً في اليوم الأول من اقتحام المدينة، إلا أن الميليشيا استطاعت في ما بعد القبض على الصبي والقضاء عليه. وعندما اقتحمت الميليشيا المدينة في أغسطس الماضي اعتقد السكان أنهم سيبقون هناك ليلة أو يوماً واحداً، ولهذا فضل معظمهم البقاء داخل المدينة من دون الهرب منها واختبأوا في منازلهم، ولكن بدلاً من المغادرة بدأت «بوكو حرام» في إقامة نظامها الخاص بها في المدينة. وبعد الموجة الأولى من أعمال القتل والسلب والنهب بدأت الحركة تنظم نفسها في وحدات مختلفة، كل وحدة يتم تمييزها بلون العمامات التي ترتديها، فالأفراد الذين يرتدون عمامات صفراء شكلوا جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بينما يرتدي العمامات البيضاء الخطباء والخضراء للرجال الذين يشجعون الشباب على مناصرة قضية الحركة، أما أكثر الأفراد إرهاباً فهم من يرتدون العمامات السوداء والحمراء، إذ إن هؤلاء مختصون بأعمال القتل والذبح.

تويتر