واشنطن مستمرة بتقديم الدعم الواسع لتل أبيب من دون شروط

علاقات الولايات المتحدة وإسرائيل.. تحالف بين قوى استعمارية

صورة

لم تتخذ الولايات المتحدة موقفاً حازماً وصلباً في تأييد إسرائيل على مدى 66 عاماً مضت، كموقفها الأخير من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في صيف هذا العام، إذ لم يتردد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكل فريق إدارته في إلقاء اللوم على حركة (المقاومة الإسلامية) «حماس» وتحميلها مسؤولية بدء الحرب. ورأى البعض أن هذا الموقف الأميركي انطلق من اعتقاد بأنه من الضروري للغاية الحفاظ على الوجود اليهودي في الشرق الأوسط، بالاستناد إلى فكرة نمطية تقليدية تنتشر بين الأميركيين منذ وقت طويل، بأن «إسرائيل جزيرة صغيرة من الديمقراطية، يحيط بها جو عربي إسلامي شديد العداء». ولم يجد الأميركيون حرجاً في السماح لصحافييهم بتغطية الأحداث اليومية للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة، لمعرفة ما كانت تسفرعنه من قتلى وجرحى خصوصاً من النساء والأطفال. وفي الانتفاضة الفلسطينية الأولى كان طبيعياً أن يشاهد الأميركي أو الغربي بشكل عام جنوداً في دبابات في القرى والأرياف الفلسطينية، وفي مقدمتها تم تقييد أيادي أطفال لا تزيد أعمارهم على الـ10 أعوام ممن كانوا يرمون الحجارة على تلك الدبابات وجنودها.

عنصرية إسرائيلية مقابل تفاؤل فلسطيني

تتدخل إسرائيل في مختلف شؤون وتفاصيل الحياة اليومية للفلسطينيين، ليس بهدف التسهيل عليهم، وإنما لجعل حياتهم أكثر صعوبة وقسوة، ولكن الفلسطينيين يصرون على استمرار الحياة والإبداع حتى إنهم حولوا أجزاء من جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل على حساب أراضيهم في الضفة الغربية إلى لوحات فنية جميلة ومؤثرة، تنتقد اقامة الجدار وممارسات الاحتلال. ومع أنه لا تلوح في الأفق أي إشارة على أن العنف في الشرق الأوسط ستكون له نهاية قريبة، فإن الفلسطينيين لا يمانعون في كثير من الأحيان في الجلوس إلى إسرائيليين ويهود في أي مكان في العالم، ومن خلال أي اطار أكاديمي أو ثقافي أو فني أو شعبي، للحديث عن السلام ومستقبل الدولتين الجارتين والتعايش السلمي بين الطرفين.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/215425.jpg

 الفلسطينيون حولوا أجزاء من الجدار العازل إلى لوحات فنية تنتقد الجدار العازل وممارسات الاحتلال. أرشيفية

ويعرف الإسرائيليون أن مفردات مثل «يهودي»، و«دولة يهودية»، و«أمن» يستخدمها كل إسرائيلي على اختلاف موقعه في كل وقت. كما أن التاريخ عميق وكبير وقابل للتشكيل، ولهذا كان هناك الأكاديميون الذين يشحذونه ويضيفون إليه.

وبعد ان انتعشت خلال الفترة بين عامي 1921 و1948، قصة قيام إسرائيل والصعود بها، أتت الفترة بين 1967و 2000 بمؤشرات على أن نجمها يخبو وسياساتها تتعثر.

وحينما تكون الحياة أقل إثارة للخوف يرى اليهود أن عبارات مثل «إذا كنت معادياً للسامية فأنت غير وطني»، تصبح أكثر رواجاً وانتشاراً، وفي واقع الأمر فقد استغلت إسرائيل وجماعات الضغط الموالية لها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مسألة مناهضة السامية بصورة بشعة إلى أبعد الحدود، حتى أصبحت سيفاً مصلتاً على رقاب كل مشجعي حرية التعبير في ما يتعلق بالسلام ومقتضيات العدل في الشرق الأوسط.

وفي كل يوم أتجول بين الفلسطينيين في كل مناطق فلسطين، وأطلع على تفاصيل حياتهم اليومية وعاداتهم وطريقة تفكيرهم، واعترف بأنني لا أعرف الكثيرعنهم، إلا تعلقهم القوي بكتب تتحدث عن تحرر الشعوب والحرية لزعماء مشهورين أمثال نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ ، بل إن بعض هذه الكتب يأخذ مكانه في رفوف مكتبات الأطفال الفلسطينيين، ولا أعرف ما إذا كان أحد هذه الكتب يتحدث عن القائد الفتحاوي الأسير في سجون الاحتلال مروان البرغوثي، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، حيث يذهب بعضهم إلى الاعتقاد بأن الإفراج عنه مرتبط بالاقتراب من انتهاء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في قمع شعب بأكلمه، وانتهاء الدعم من الولايات المتحدة وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية لهذا الاحتلال الذي يتفق مع تلك القوى في انه يتخذ طابعاً استعمارياً، وهذا دفع فريقاً إلى التساؤل، هل كان ضرورياً أن يتم قتل 2100 مدني فلسطيني أغلبيتهم من النساء والأطفال بالقوة العسكرية؟ وفي معظم الحالات يجيد الطرفان الإصغاء باهتمام لبعضهما بعضاً ثم يعترف الطرف الإسرائيلي او اليهودي بأن أساس

المشكلة هو التخلص من الاحتلال باعتباره أول وأكبر عامل لتسميم العلاقات بين الجانبين ونشر ثقافة الكراهية والتعصب وعدم التسامح او تقبل الآخر. ومن خلال نظرة تأمل سريعة لحياة الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن إدراك كيف شكّل العنف والخوف عقلية الأكثرية من الطرفين، وأصبح المحرك للممارسات إسرائيل، باعتبارها القوة المسؤولة عن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وحين يفرغ كل طرف من الإدلاء بما جاء من أجله ستحل في وجه كل فلسطيني ويهودي وإسرائيلي ملامح الثقة والارتياح محل العنف والخوف المتبادل بعد أن كان كل منهم يعتبر الآخرعدواً له ليباشر الجميع التأسيس لعلاقات صداقة وتفاهم.

ولا يمكن اهمال موقف الاتحاد الأوروبي من الشرق الأوسط، على الرغم من استحواذ الولايات المتحدة على دور الوسيط في الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي في العقود الثلاثة الأخيرة. وليس من المتوقع في المستقبل المنظورأو المتوسط أي تغيير ملموس في دور الوسيط الأميركي، بحيث يتزحزح كما يأمل الفلسطينيون والعرب، ليقترب من الحد الأدنى من مقومات الوسيط النزيه والمحايد.

يأتيني صوت عبر الهاتف من إيلينوي: هل أنت بخير في فلسطين؟ وآخر يطرح عليّ السؤال ذاته من خلال الـ«فيس بوك»، وغيره يتساءل: قل لي يا مارك، ما هي حركة «حماس»؟ ولماذا تطلق صواريخ على تل أبيب؟ ولماذا تنفجر الحافلات في القدس؟

مارك روتش - صحافي أميركي يعيش في الضفة الغربية

تويتر