اتفاق جنوب السودان بارقة أمل جديدة

صورة

ساد التفاؤل الحذر بعد تقبل ثلاثة فصائل في الحركة الشعبية لتحرير السودان المسؤولية عن الحرب الأهلية. ورأى الكثيرون أن هناك وميضاً من الأمل لاستعادة السلام في جنوب السودان. ويرى مراقبون أن قبول المسؤولية من قبل الفصائل المسلحة، الأسبوع الماضي، في مؤتمر السلام المنعقد في مدينة أروشا التنزانية، يعد بداية لحل قد ينهي صراعاً دام 10 شهور على السلطة في الدولة الفتية. وجاء في نص الاتفاق الذي وقع نيابة عن الرئيس سيلفا كير ونائبه السابق المقال رياك مشار، أن «الطرفين يقران مسؤولية جماعية عن الأزمة في جنوب السودان، التي أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات».

وكانت الفصائل الثلاثة تشكل غالبية القوات المتمردة على الخرطوم، وخاضت حرباً ضدها لعقدين، انتهت بانفصال جنوب السودان في يوليو 2011. وتقول وثيقة أروشا إن الانقسام في الحركة الشعبية لتحرير السودان سيؤدي بشكل تلقائي إلى تقسيم البلاد، وفقاً للتصدعات الجهوية والعرقية. ودعا المشاركون في المؤتمر إلى «حوار حقيقي ونزيه يضع مصلحة شعب جنوب السودان فوق كل شيء». وربما يكون الندم على الماضي من قبل زعماء الفصائل عاملاً يسهم بشكل جيد في تحقيق اتفاق دائم هذه المرة، لأن الاتفاقات الماضية انهارت بسرعة.

والسبب الآخر للتفاؤل الحذر جاء بسبب الضغوط الدولية المكثفة على جنوب السودان. ولعب الحزب الحاكم في تنزانيا دوراً مهماً وكان وراء هذه المبادرة. ولكن العملية لديها دعم أوسع من ذلك بكثير، فقد شارك رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما بنشاط، وكذلك فعل الاثيوبيون، كما أعطت الولايات المتحدة وبريطانيا دعمهما، وقام الرئيس الفنلندي السابق، مارتي أهتيساري، بمساعي حثيثة من أجل جمع الأطراف حول طاولة الحوار.

وعلى الرغم من هذه الجهود الكبيرة لا يوجد ضمان بأن المبادرة لن تنهار، فانعدام الثقة والغضب داخل الحركة الشعبية عميقان، وينظر إلى «قرارات كير بأنها غير حاسمة، وقد تعرض الأخير لانتقادات بسبب مستشاريه الذين كانوا حريصين جداً على كسب ود الخرطوم». ويقول أحد السياسيين المشاركين في المؤتمر: «لقد قام بتهميش المقربين السابقين في محاولة للتقرب من الخرطوم والرئيس السوداني عمر البشير، إنه يريد إنهاء الصراع مع الشمال».

وتضاءلت الثقة في نائب الرئيس السابق مشار، فلم ينسَ أي مواطن في جنوب السودان دوره في «مجزرة بور» عام 1991، عندما قتل 2000 شخص. كما أن الجنوبيين لم يغفروا لمشار قراره المنفرد بصنع السلام مع الخرطوم، وحصل على مكافأة من الشمال وأصبح مساعداً للبشير في عام 1997. وفي الأزمة الحالية، كانت هناك ادعاءات متكررة بأن الشمال يدعم المتمردين التابعين لمشار في صراعهم مع حلفائهم السابقين في جوبا. وتقول وثيقة مسربة من اجتماع جرى في أغسطس، وجمع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في الخرطوم، إن إمدادات الأسلحة لمشار أخذت النصيب الأكبر على جدول الأعمال.

ومع ذلك، فإن السلام في جنوب السودان لن يتحقق من دون دعم من كل من كير ومشار، بعد أن أدت الأزمة إلى مصرع الآلاف، على أسس عرقية، في كثير من الأحيان، فالسياسة في جنوب السودان معقدة بشكل لا نهائي. ومن دون المصالحة بين قبائل «النوير»، وكثير منهم يرشحون مشار للقيادة، وقبائل «الدينكا»، التي يستمد منها كير كثيراً من قوته، لن يتحقق شيء.

والخطوط العريضة لهذا الاتفاق تكمن في تقاسم السلطة، مرة أخرى، بين هذين الرجلين. على أن يظل كير رئيساً ومشار رئيساً للوزراء. وعملية السلام قد تنهار بسبب هذه المسألة. والقضية الرئيسة الأخرى تكمن في دور المجموعة الثالثة، من المعتقلين السابقين، والعديد منهم كبار قادة الحزب، بما في ذلك باقان أموم، الذي انتقد بشدة عملية أروشا للسلام.

 

تويتر