300 ألف شخص لا يملكون وثائقهم الثبوتية قبل الأزمة

اللاجئون السوريون يواجهون ضياع جنسيتهم

صورة

يتذكر أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري بلداتهم وقراهم ويستخدمون الماضي عندما يتحدثون عنها. وتقول الجدة سفارا التي تعيش في مدينة إربد الأردنية، «كانت درعا والآن لا يوجد هناك درعا». ويخشى العديد أن تضيع جنسية النازحين السوريين بعد أن ضاعت بلداتهم وقراهم. وتقول وكالة الأمم المتحدة للاجئين والمفوضية السامية للاجئين، إن مئات الآلاف من السوريين قد يصبحون عديمي الجنسية نتيجة الحرب الوحشية التي بدأت منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. فالكثير من الذين تركوا منازلهم سيقضون وقتاً طويلاً خارج سورية، فضلاً عن قوانين الجنسية الصارمة في البلدان المضيفة، الأمر الذي يضع هؤلاء في خطر وقد يضافون إلى 10 ملايين شخص بلا جنسية في جميع أنحاء العالم.

النازحون

قدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمفوضية أنه بنهاية عام 2013 بلغ عدد المتضررين جراء الصراع ومن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية بنحو 6.5 ملايين سوري، من بينهم 4.25 ملايين نازح داخلياً. وتعمل المفوضية على مساعدة ما يصل إلى 660 ألف عائلة في كل القطاعات. وقد وضع التخطيط العام الخاص بالنزوح الداخلي على افتراض أن اللاجئين والنازحين السوريين لن يعودوا بأعداد كبيرة إلى ديارهم خلال عام 2014.

بالنسبة للكثيرين، يصعب إثبات أنهم سوريون بعد أن هربوا من بلدهم تاركين وراءهم كل شيء بما في ذلك وثائقهم الثبوتية. وبالنسبة لآخرين فجوازات سفرهم انتهت صلاحيتها (صلاحية جوازات الذكور الذين لم يكملوا خدمتهم العسكرية عامين فقط). ويتم تجديد الجوازات سواء بالعودة إلى سورية وهذا أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً بالنسبة للكثيرين، أو من خلال السفارات السورية في الخارج التي تعمل بشكل جزئي. وفي الدول المجاورة يتطلب التجديد السفر إلى إسطنبول أو عمان أو بيروت، وهو أمر مكلف مادياً، وينتظر المتقدمون بطلبات التجديد أشهراً طويلة للنظر في طلب التجديد وفي النهاية قد يرفض الطلب. ولا يتجرأ السوريون المطلوبون من قبل سلطات بلادهم الاقتراب من السفارات. ويقول البعض إن طلباتهم رفضت، في الوقت الذي يقال إن تنظيم «داعش» قام أخيراً بتدمير الوثائق التي يعثر عليها بما في ذلك الجوازات والسجلات القضائية.

يتأثر الأطفال النازحون بشكل أكبر في ما يخص مسألة الجنسية، لأنهم تركوا سورية قبل الحصول على بطاقة الهوية أو جواز السفر. وتقول المنظمات الإنسانية إن نحو 8000 طفل عبورا الحدود دون مرافق أو وثائق. كما أن وضع أكثر من 51 ألف طفل ولدوا في المنفى يعتبر أكثر تعقيداً. والأطفال الذين ولدوا في الخارج يمكن التعرف إليهم كسوريين إذا تم تسجيلهم بعد ولادتهم من قبل الدول المضيفة، وبعد ذلك يمكن تقديم الطلب للحصول على الجنسية من السلطات السورية. وتمنح الجنسية السورية فقط للأطفال من أب سوري، لذلك تطلب السلطات الأردنية واللبنانية شهادة زواج صالحة للوالدين قبل تسجيل المواليد الجدد.

يتولى مسؤولية ربع الأسر اللاجئة نساء فالكثير من الرجال إما قتلوا أو فقدوا أو بقوا في سورية. وغياب وثائق الجنسية أو انتهاء صلاحية جوازات سفر تحول دون تسجيل الزواج خارج البلاد. إضافة إلى ذلك، ولد العديد من الأطفال من أمهات دون السن القانونية أو من خلال زيجات غير معترف بها قانونياً. وتزداد المشلكة سوءاً مع تزويج البنات في سن صغيرة على أمل أن يتمكن زوجها الجديد من دعمها وحمايتها. وفي هذا السياق، تقول جمعية «أنقذوا الأطفال» الخيرية إن ربع حالات الزواج بين السوريين في الأردن غير قانونية لأن العروس دون السن القانونية في حين وجدت دراسة أجرتها مفوضية اللاجئين أن أكثر من 75% من أطفال اللاجئين الذين ولدوا في لبنان ليسوا مسجلين بصورة قانونية.

لا تمنح دول الجوار الجنسية للنازحين السوريين وبالتالي فإن الحصول على جنسية أخرى ليس أمراً سهلاً. ودون وثائق صالحة فإن السوريين يحرمون الحصول على الإقامة في لبنان وتركيا. وبعض السوريين الذين لا يملكون تلك الوثائق منعوا بالفعل من دخول الأراضي التركية. ويعيش الكثير من السوريين في لبنان في حالة من الخوف وهم غير قادرين على تخطي حواجز التفتيش أو العمل أو حتى استئجار المنازل. وأجبر هذا الأمر بعض اللاجئين على القيام برحلة محفوفة بالمخاطر إلى سورية للحصول على وثائق رسمية.

ولأن السياسات الجديدة في كل من لبنان والأردن تمنع اللاجئين العائدين من سورية من الدخول مرة أخرى، انتشرت تجارة الجوازات المزورة في تركيا. واضطر بعضهم لدفع مبالغ كبيرة لمصلحة مسؤولين سوريين في محاولة للحصول على الوثائق الشخصية. ولهذا السبب، أطلق ناشطون حملة تطالب الائتلاف السوري المعارض الممثل الرئيس للمعارضة بإصدار الجوازات.

يشمل مسمى عديمي الجنسية جماعات من البدو الرحل والجماعات العرقية غير المعترف بها رسمياً من قبل دول المنطقة و«الروهنغا» من المسلمين المحرومين الجنسية في ميانمار. وقبل بداية الصراع، كانت سورية تضم نحو 300 ألف من عديمي الجنسية، إضافة إلى نصف مليون فلسطيني يعيشون في البلاد، وهم يكافحون ليجدوا دولاً يمكنهم الهروب إليها. وانتقدت منظمات حقوقية إعادة السوريين من أصل فلسطيني إلى سورية.

وأغلبية عديمي الجنسية من الأكراد الذين يصل عددهم إلى مليوني نسمة في سورية، حيث إنه يحرم العديد منهم حق المواطنة، والمفارقة أنهم مسجلون كأجانب في سجلات السلطات السورية. وفي 2011، صدر مرسوم يتيح تقديم طلبات الحصول على الجنسية لبعض الأكراد ولكن هناك آخرين لا تنطبق عليهم الشروط أو أنهم هربوا قبل القيام بذلك. وفي العراق، وجدت دراسة شملت عدداً من اللاجئين الأكراد في كردستان العراق، العام الماضي، أن 10% لا يملكون الجنسية هناك.

ودعت مفوضية اللاجئين دول الجوار التي تستضيف اللاجئين إلى تبسيط إجراءات تسجيل السوريين وطالبت هذه الحكومات بعدم تعقيد الإجراءات من خلال عدد أقل من الوثائق لإثبات الهوية وتسجيل الزواج. وتستخدم المفوضية الرسوم التعبيرية لتوعية اللاجئين -الذين لا يقرؤون أو يكتبون- بضرورة الحفاظ على وثائقهم وتسجيل الولادات وحالات الوفاة والزواج. ويقوم ضابط السجل المدني بزيارة مخيم الأزرق في الأردن، بشكل منتظم، ويستقبل المخيم الآن نحو 97% من القادمين الجدد إلى البلاد من سورية. وتقول مديرة مكتب المفوضية في المخيم، بيرناديت كاسل هولكسورث، إن «الكثير من الولادات غير المسجلة تكاد تنتهي ولكن الوصول إلى كل المعنيين خصوصاً الذين يعيشون خارج المخيم يعتبر أمراً صعباً جداً».

تويتر