20 ألفاً من رجالها يتدربون على القتال أو يقاتلون «التنظيم»

العشائر العراقية قوة أساسية لدحر «داعش»

صورة

في الأسابيع الأخيرة، تقدم عناصر تنظيم «داعش» باتجاه بغداد، ووضع الجيش العراقي والحكومة الجديدة تحت ضغوط متزايدة، وتحدى قدرتها على الحفاظ على أي مظهر من مظاهر دولة عراقية متماسكة. وبدعم من القوة الجوية الغربية وقوات الأمن التي يهيمن عليها الشيعة، وقوات البشمركة الكردية استطاع العراق قتال المسلحين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالانتصارات المقلقة للتنظيم في المناطق السنّية، يقول بعض زعماء العشائر النافذين في العراق إنهم قد يثبتون أنهم قوة حيوية ومهمة، على الأقل حتى يصبح الحرس الوطني العراقي المقترح واقعاً.

رفض القوات الطائفية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/212741.jpg

يقول الشيخ وصفي العاصي، الذي يترأس مجلس العشائر المناهض لتنظيم «داعش»، إنه يود أن يرى كل منطقة من مناطق العراق مسؤولة عن أمنهاً، معارضاً إنشاء حرس وطني للسنّة فقط، المطلب الذي قدمه إلى الحكومة العراقية وإلى المبعوث الأميركي المكلف بناء تحالف مضاد لـ«داعش» الجنرال المتقاعد، جون ألن، الذي زار بغداد أخيراً، والتقى زعماء العشائر هناك. ويرى العاصي أن إنشاء ثلاثة جيوش في العراق (للسنّة والشيعة والأكراد)، يعني «دفع المجتمع العراقي نحو التقسيم والحرب الأهلية».

ويقول الشيخ وصفي العاصي، الذي يترأس مجلس العشائر المناهض لتنظيم «داعش»، إن نحو 20 ألفاً من رجال العشائر يتدربون على القتال أو يقاتلون بالفعل عناصر التنظيم جنباً إلى جنب مع المقاتلين الأكراد والقوات الحكومية في مناطق مختلفة من العراق. ويوضح أن «عدد المتطوعين في تزايد نتيجة السلوك السلبي لمسلحي التنظيم في هذه المناطق». ويلفت إلى ضرورة الاهتمام بهؤلاء المتطوعين وتخصيص موارد مالية لهم، وإمدادهم بالسلاح والمعدات من أجل الاستمرار. وأنشئت مجالس العشائر في بداية أغسطس الماضي، وتبنتها الحكومة في سبتمبر، وتشمل أكبر العشائر العراقية، ومنها عشيرة الجبور التي تنتشر في الوسط والشمال والجنوب أيضاً، إضافة إلى عشيرة العبيدي التي ينتمي إليها العاصي. وإلى الآن قدمت مجموعات مسلحة تابعة للعشائر الدعم للجيش العراقي في محافظة ديالى شرق البلاد. وفي الأنبار حيث جند «داعش» عدداً من مقاتليه، انضمت أربع عشائر إلى قتال التنظيم إلى جانب القوات الحكومية. وتمكنت العشائر بحسب الأمم المتحدة من حماية ثاني أكبر سد في البلاد، لكنها خسرت قاعدة جوية بالقرب من هيت، وكان قتال بين التنظيم والقوات الأخيرة أجبر 180 ألف جندي على الفرار.

ويقول مدير «مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية» في بغداد، واثق الهاشمي، «ليس لديهم اليد الطولى، لكنهم (العشائر) يمكن أن يلعبوا دوراً مهماً إذا عرف صنّاع القرار كيفية استخدام ورقة العشائر للوصول إلى المصالحة».

وتراجع تأثير التجمعات القبلية في العراق على مدى عقود، خصوصاً منذ الإطاحة بـ(الرئيس السابق) صدام حسين في 2003. وفي التسعينات، أبرم الرئيس السابق صفقات مع القبائل القوية في المحافظات مثل الأنبار لتجنب تهديدات محتملة لحكمه. ويقول محللون وشيوخ عشائر إنه كان ماهراً في الاستفادة من قوة القبائل. وبعد الغزو الأميركي عام 2003، ومجيء الأحزاب الإسلامية الشيعية إلى السلطة، حاولت تقليص نفوذ زعماء القبائل السنّية، وتنظر إليهم باعتبارهم حلفاء الدكتاتور السابق.

ويؤكد الشيخ الشيعي حسين الشعلان، أن العشائر التي تضم سنّة وشيعة وأكراد تساعد على تماسك البلاد، ويقول إن «العشائر هي أداة الوصل الحقيقية التي تصل العراق بعضه ببعض». ويضيف أنه «إذا تم تهميشهم فإن الفوضى ستعمّ، وإذا تم إدراجهم ضمن الحل، فبإمكانهم دعم العملية سياسياً». أما الشيخ السنّي حسن شويرد فيعبر عن تفاؤله إزاء الوضع الراهن، ويقول إن «المشكلة الطائفية يمكن حلها في غضون أيام، بالنظر إلى الروابط الموجودة بين العشائر العراقية». ويضيف، أنه «تم حل هذه المشكلات في 2006 و2007 بفضل الصحوات بقيادة العشائر وتم تحرير العراق حينها من الإرهابيين والميليشيات في آن واحد». ويرى شويرد أن «العشائر يمكنها أن تلعب اليوم دوراً إيجابياً لحل المشكلة الأمنية، وعندما يوجد جيش قوي ويسود القانون، فإنه يمكن الاعتماد على العشائر، لأن لديها الكلمة الأخيرة على الأرض».

وخلال الحملة الأميركية قبل سبع سنوات اعتمدت الولايات المتحدة بشكل كبير على العشائر السنية في حربها ضد تنظيم القاعدة. ومع ذلك، قطع السياسيون الشيعة بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في وقت لاحق، المدفوعات وألغوا حماية رجال القبائل وسجن بعض زعمائهم، الأمر الذي مهد الطريق للتمرد السني الجاري. واليوم هناك بوادر تعاون عبر الخطوط الطائفية والعرقية في مواجهة أكبر عدو مشترك يتمثل في تنظيم «داعش». ونجح التحالف بين العشائر السنّية وقوات الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في الدفاع عن الضلوعية على نهر دجلة، شمال العاصمة. كما ساعد رجال عشيرة شمر السنّية، عناصر البشمركة في طرد المتشددين من بلدة ربيعة الحدودية الاستراتيجية، القريبة من سورية.

ويشير البعض إلى أنه في المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» تبدو العشائر عاجزة عن التدخل. بدلاً من ذلك، تعلو الأصوات المعارضة للتنظيم في بغداد وأربيل وعمان. حتى لو عارض العديد من شيوخ القبائل التنظيم، فإن الشباب السنّي، الذي يمتلك فرصاً اجتماعية واقتصادية محدودة فضلاً عن تجارب سلبية مع قوات الأمن التي يهيمن عليها الشيعة، يتأثر إلى حد كبير بأيديولوجية الإرهابيين.

ويقول العضو في لجنة المصالحة في بغداد زهير الشلبي، «لم يتجرأ شيخ عشيرة واحد في الموصل على الحديث بشيء ضد (داعش)». ويضيف أن ذلك «يرجع إلى أن أغلب رجال العشائر انضموا إلى التنظيم، وأغلب عناصر هذا التنظيم من أبناء العشائر، وهم ليسوا أبناء أطباء أو أساتذة أو مهندسين أو مفكرين أو ضباط».

وفي غضون ذلك دعا المفتي مهدي الصميدي، الذي يخطب في بغداد، إلى إنشاء قوات منفصلة من أجل حماية العرب السنّة. ويقال ان الصميدي لديه قوائم تضم نحو 130 ألف متطوع يمكن أن ينضموا إلى هذه القوة المقترحة، كما أنه حصل على موافقة عشائر مهمة بما في ذلك الجناب والغرر والصميدي والقيسية.

ويقول المفتي إن هذه القوة ضرورية، بحيث يقوم السنة بخوض المعركة مع «داعش»، بدلاً من الشيعة، ولكن أيضاً لحماية مجتمعهم من العنف الطائفي. وهذه المخاوف لها ما يبررها، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية أخيراً تقريراً مفصلاً للهجمات الطائفية والاعتقال التعسفي والإعدامات التي تقوم بها الميليشيات الشيعية في بغداد وسامراء وكركوك، انتقاماً على ما يبدو من المدنيين السنّة عن العنف الذي يرتكبه التنظيم. ويشكك الصميدي، الذي اعتقل من قبل قوات التحالف بعد إدانته العملية العسكرية في الفلوجة في 2004، في النيات الغربية من خلال تدخله حاليا في العراق. ويحذر من «النزاعات القبلية والدعوة إلى الانتقام» رداً على أي هجمات تقوم بها الميليشيات الشيعية على السنّة. وعلى عكس الشيخ وصفي العاصي، لا يجري الصميدي مشاورات لا مع الحكومة ولا مع قوات التحالف.

ويرى البعض في إعلان الصميدي وجود آلاف المتطوعين المستعدين للقتال، مجرد موقف من الأزمة الحالية. ويقول العاصي، «نحن قلقون من ادعاءات بعض الخطباء بوجود ولاء عدد كبير من الناس لهم».

تويتر