مع التملص الإسرائيلي من حل الدولتين بغطاء أميركي

اعتراف السويد بدولة فلسطين بحاجة إلى الدعم الدولي

صورة

قوبلت مبادرة رئيس وزراء السويد، ستيفان لوفن، بالاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، في خطابه أمام برلمان بلاده في الثالث من أكتوبر الجاري، بكثير من الترحيب والتأييد داخلياً وخارجياً. وقال في معرض تفسيره للخطوة التي أقدم عليها والأسباب التي دفعته إلى ذلك، إن إعلان الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين كان بنداً موجوداً في أجندة حزبه الذي يشجع الاستمرار في المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي على أساس صيغة حل الدولتين، مشيراً إلى أن مبادرته تعد دعوة للجميع للتقدم باتجاه الاستناد إلى القانون الدولي في المراحل المقبلة من دبلوماسية الجهود والمفاوضات الخاصة بالنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ومن شأن الاقتراب من القانون الدولي، والاستناد إليه في المراحل المقبلة، إحداث تحول كبير في مسار عملية السلام التي بدأت باتفاقات أوسلو 1993، غير أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانت لهما منذ البداية وجهة نظر مختلفة، وهي تأييد أي اتفاق يتم التوصل إليه من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية وليس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها. ومن شأن وجهة النظر هذه تكريس فكرة تفوق طرف على الطرف الآخر من خلال الأخذ في الاعتبار «الحقائق والوقائع على الأرض»، مثل المستوطنات الإسرائيلية القائمة على أرض فلسطينية مصادرة بصورة غير شرعية و«الغطاء الدبلوماسي» الذي توفره الولايات المتحدة لما تقوم به إسرائيل من أنشطة وأعمال غير قانونية وحمايتها للمصالح الإسرائيلية. إن الخطوة السويدية بالاعتراف بفلسطين هي، من وجهة نظر حكومة السويد، وسيلة لمساعدة القادة الفلسطينيين من خلال وجود دولتين. وحين اتخذت استوكهولم خطوتها لم تفكر كثيراً في مبررات وأسباب أو في دليل على خبرة وتجربة بأن دولة فلسطينية ستولد من دبلوماسية المفاوضات. ولم يشر أي مسؤول سويدي من بعيد أو قريب إلى المستوطنات والى الجدار العازل الذي يبتلع مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية، أو إلى أن الدولة الفلسطينية التي ستقام على أراضي وحدود 1967 لا تزيد على 22% من مساحة فلسطين التاريخية، في حين أن قرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة 1947 أعطى الفلسطينيين أقل من نصف مساحة بلادهم، ما جعل الأمر يبدو ظلماً بيّناً لحق بهم وبحقوقهم بموجب القانون الدولي. وكانت الناطقة باسم الحكومة الأميركية، جين بساكي، ذكية مناورة في رد فعلها إزاء المبادرة السويدية حين قالت «نحن بالتأكيد ندعم قيام دولة فلسطينية ولكن على أن يأتي ذلك من المفاوضات والاعتراف المتبادل من الطرفين»، مع ملاحظة غياب الإشارة إلى أي كلمة عن القانون الدولي. وخلف هذا الموقف الأميركي يتجلى الموقف الإسرائيلي الذي لا يبذل أي جهد حقيقي ليظهر للفلسطينيين والأميركيين والعالم حرصه على التوصل إلى اتفاق نهائي بقيام دولة فلسطينية من خلال التفاوض. ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو «إن تنفيذ المبادرة السويدية سيبدو عقبة أمام المفاوضات وليس خطوة لإثارة الآمال وتعزيزها، ولن يتم التوصل إلى أي اتفاق لا يحمي المصالح الوطنية لإسرائيل ويضمن الأمن لمواطنيها». ولم يكن غريباً أو مستهجناً أن يكون موقف زعيم حزب العمل الإسرائيلي المعارض، اسحق هيرتزوغ، من المبادرة السويدية قريباً من موقف نتنياهو.

ومن جانبها كان طبيعياً أن تسجل القيادة الفلسطينية، ممثلة بالرئيس محمود عباس، وكبير المفاوضين صائب عريقات، موقفاً يليق بالمبادرة السويدية، إذ كان ترحيبهما بها قوياً وحاراً، ووصفاها بأنها خطوة عظيمة مميزة وجريئة. وأشارا إلى أنها ستؤدي إلى تكثيف الضغط الدولي باتجاه استئناف المفاوضات على أساس صيغة حل الدولتين، وتلفت انتباه العالم إلى فشل اتفاقات أوسلو من وجهة النظر الفلسطينية.

ريتشارد فولك مفوض الأمم المتحدة سابقاً بشأن حقوق الإنسان في فلسطين

 

تويتر