تنازلات كبيرة لموسكو عبر قانونين أجازهما البرلمان

الرئيس الأوكراني يرضخ للمطالب الروسية

صورة

«الصراع المجمّد» الذي افتعلته روسيا، بدأ الآن بصورة فعلية. ووافق البرلمان الأوكراني على مشروع قانونين قدمهما الرئيس بيترو بوروشنكو، يوم الثلاثاء الماضي، حيث يعرض منح العفو عن المتمردين غير المتورطين في جرائم خطرة، ويمنح إقليمي دونتسك ولوهانسك، اللذين يسيطر عليهما المتمردون حكماً ذاتياً لمدة ثلاث سنوات.

ويعتبر القانونان تنازلاً كبيراً لروسيا والمتمردين المدعومين منها، وعلى سبيل المثال فإن قرار منح المتمردين حكماً ذاتياً يضفي الشرعية على الاستفتاء غير الشرعي الذي عقد في شرق أوكرانيا في مايو الماضي، عندما ادعى المتمردون أنهم يمتلكون 90% من أصوات السكان في المنطقة لصالح الحكم الذاتي. ووصف وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، استفتاء مايو بأنه «غير شرعي بكل المقاييس»، ولكن الكرملين دعا إلى تنفيذ الاستفتاء في الحال. وبعد مرور أربعة أشهر، يبدو ان الكرملين هو الذي ينفذ ما يقول.

وحسب ما يقول بوروشنكو، فإن اشتراط السنوات الثلاث ضروري لضمان الإصلاح الدستوري الملائم، وبعدها فإنه يمكن أن تعود دونتسك ولوهانسك إلى حضن الحكومة الأوكرانية. وقال بوروشنكو «خلال هذه الفترة من الزمن سنكون قادرين على إدخال قضية التخلص من المركزية العميقة التي يجب أن تؤمن التعديل المحترم للقانون»، وأضاف «ليس هناك اكثر أهمية بالنسبة لنا من السلام»، ودعا إلى انتخابات محلية في نوفمبر لتحديد من سيحكم مناطق الحكم الذاتي.

وثمة وجهات نظر مختلفة لإدارة مناطق الحكم الذاتي بين المتمردين. وقال أندريا بورجين النائب الأول لرئيس الحكومة، الذي نصب نفسه في جمهورية دونتسك الشعبية، لوكالة الأنباء الروسية نوفوستي، إنه يجب ان تمنح دونتسك ولوهانسك الحكم الذاتي. وقال ايغور بلوتنسكي، رئيس حكومة لوهانسك، إن القانون الجديد يمثل «أول فرصة لتسوية سلمية».

وفي هذه الأثناء أدى القصف إلى مقتل ستة أشخاص، وتحدثت وسائل الإعلام الأوكرانية عن مناوشات بين الميليشيا المدعومة من روسيا و «مجموعات إرهابية محلية»، وترسم وزارة الخارجية الأوكرانية صورة جميلة لما ستؤول إليه الأمور في شرق أوكرانيا خلال السنوات القليلة المقبلة. ووصفت محطة (بي.بي.سي) «الصراع المجمد»، عندما يكون الكرملين مشاركاً فيه، بأنه «صراع مناطقي دموي من دون أفق للتوصل إلى حل، مع تدخل روسيا لصنع سلام بشروطها الخاصة». وفي الأسبوع الماضي أعلنت كل من دونتسك ولوهانسك أنهما عملتا على دمج ميليشياتهما في قوات موحدة هي الجيش الموحد لنوفورسيا، الذي سيعمل على تحرير أوكرانيا من النازيين الحثالة، وهؤلاء هم الأشخاص الذين سيحكمون سكان دونتسك ولوهانسك خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ولكن حكومة الرئيس بوروشنكو لا يمكنها البقاء في حال ظلت تواصل عملية «مقاومة الإرهابيين» في شرق أوكرانيا، خصوصاً الآن، في الوقت الذي أوضح شركاؤها الأوروبيون الغربيون بصورة لا لبس فيها أنهم غير مستعدين لتقديم المساعدة الى أوكرانيا. وقطعت روسيا إمدادات الغاز، وأدت الحرب إلى تدمير صناعة الفحم الحجري في البلاد. وقال رئيس الحكومة، ارسيني ياتسنيوك: «تم قصف المناجم، ولذلك ليس هناك أي إنتاج للفحم الحجري. ودون إمدادات هذا الفحم إلى منشآت توليد الطاقة، سيكون هناك الكثير من المشكلات في مجال طاقة الكهرباء المستخدمة في التدفئة».

وبالنظر إلى التنازلات السريعة التي تقدمها الحكومة الأوكرانية الجديدة فإنها تبدو شبيهة تماماً بسابقتها. وكانت الكتائب التي حاربت إلى جانب الجيش الأوكراني قد عادت أدراجها إلى كييف، وهي غير راضية عن تصرفات قادتها. وقال أحد جنودها للصحافة: «سنغلق الحدود ومن ثم نعود إلى كييف لتغيير النظام. الناس يموتون في الميدان، وما من أحد يهتم لذلك».

ويتزايد المحتجون خارج البرلمان الأوكراني الذين يطالبون ممثليهم بإصدار القوانين التي تهدف إلى عزل السياسيين الفاسدين عن مناصبهم. وبعد مرور عام على الثورة فإن الانتخابات المقبلة تقدم مستقبلاً أكثر قتامة.

 

تويتر