ديفيد كاميرون «متهم» بالوقوف وراء تفكك المملكة المتحدة

استقلال أسكتلندا سيكون زلزالاً يهز بريطانيا

صورة

لا يمكن الاستهانة بالصدمة «الكهربائية» التي تمر بها النخب السياسية في لندن هذه الأيام، بعد نشر أول استطلاع للرأي يظهر ميل غالبية الأسكتلنديين للاستقلال. إذا صوتت أسكتلندا لصالح الانفصال عن إنجلترا، سوف يثير ذلك أكبر أزمة سياسية ودستورية في بريطانيا خلال ثلاثة قرون. ويأمل المعسكر الانفصالي أن تترجم نتائج الاستطلاع المثير في الاستفتاء المقبل، والذي يظهر تأييد نصف الإسكتلنديين للاستقلال. من جانبهم، يرى القائمون على الحملة المؤيدة للاتحاد، أن الاستطلاع يوجه دعوة للاستيقاظ، ويحث الناخبين على اختيار البقاء ضمن الاتحاد والحفاظ على الدولة البريطانية والمملكة المتحدة الموحدة. ويشعر الموالون للوحدة بالاستياء وتراجع الروح المعنوية في صفوف المؤيدين. ويرجح مراقبون انفصال أسكتلندا لثلاثة أسباب، أولها غياب المحافظين سياسياً في أسكتلندا. والأسوأ من ذلك أن المحافظين في انجلترا نفسها يعتقدون أن بريطانيا دولة مفلسة دمرتها الديون.

ما لم يدركه المحافظون أبداً من خلال تصورهم النخبوي وغير الصحيح لبريطانيا منذ عام 2010، ما دفع الأسكتلنديين للتساؤل عن جدوى البقاء ضمن دولة فقيرة، حيث الطرح السياسي الوحيد هو خفض الإنفاق والمزيد من التقشف. وشمل ذلك الأجور والمعاشات والصحة العامة والتعليم والإسكان. وفتح ذلك الباب لاقتراح أكثر إغراءً: لماذا لا ننظر عبر بحر الشمال في الدول الاسكندنافية الصغيرة التي نجحت في الجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. ولم تؤدِّ أخطاء الساسة في لندن إلى تهميش المملكة المتحدة في أوروبا فحسب، ولكن أيضاً إلى مشكلات في ليبيا أو سورية، حيث دعا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى التدخل العسكري، وأدى هذا التدخل إلى تنامي التهديدات الإرهابية في بريطانيا، وتجنيد المزيد من البريطانيين في الجماعات المقاتلة، وفي المقابل كان هناك تهميش أكبر لأسكتلندا التي لم توافق أبداً على حرب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في العراق.

المشكل الثاني في أسكتلندا يكمن في فشل حزب العمال الداعم للوحدة، في إقناع الناخبين بجدوى هذه الوحدة. في المقابل، استقطب الحزب القومي الكثير من النخب الليبرالية واليمينية. أما السبب الثالث فيعود إلى رفض بريطانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إذ يدّعي المحافظون في لندن أن مستقبل بلادهم سيكون أفضل إذا ظلوا خارج الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن الكثير في أسكتلندا بات لديهم الاتجاه الانفصالي نفسه. إذا صوت الأسكتلنديون ورعايا الاتحاد الأوروبي المسجلون على قوائم الانتخاب هناك، في الـ18 من سبتمبر، لصالح الانفصال، فإن ذلك سيكون له أثر كبير في بريطانيا، ومنها تراجع حزب العمال الذي سيفقد دعماً كبيراً باستقلال جزء مهم من المملكة المتحدة. كما يتعين طرح مشروعين جديدين ومنفصلين، انجليزي وآخر أسكتلندي، سواء بالنسبة للعلاقات في ما بين الدولتين الجديدتين أو مع الاتحاد الأوروبي. وقد يعتقد الكثير أن كاميرون هو من يقف وراء تفكك المملكة المتحدة وقد تدفعه الضغوط إلى الاستقالة من منصبه، الأمر الذي يعتبر نكسة تاريخية لحزب المحافظين.

وعلى المستوى الأوروبي، سيكون هناك سؤال ما إذا كانت أسكتلندا يمكن أن تستمر كدولة عضو أو كدولة أنشئت حديثاً. وفي هذه الحال يتعين عليها أن تقدم طلباً جديداً لعضوية الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد اليورو كعملة لها. ويقول مراقبون إن انفصال أسكتلندا سيشجع قوى انفصالية في دول الاتحاد الأوروبي، لاسيما كاتالونيا في إسبانيا، أن تحذو حذو أسكتلندا.

 

تويتر