مع سيطرة الميليشيات الإسلامية على طرابلس

أوقات عصيبة تعيشها العاصمة الليبية

صورة

كل ليلة هي عبارة عن حالة من الرعب في منزل النخيل، وهو فيلا فاخرة واقعة في الجزء الغربي من طرابلس. وسكانها هم من ضمن آلاف السكان الخائفين من الاعتقال على يد الميليشيا الإسلامية الليبية المعروفة باسم «فجر ليبيا»، التي استولت الأسبوع الماضي على العاصمة الليبية، وهي تستهدف القبائل المعارضة لها.

وكما هي الحال لدى الجيران، عمدت العائلة التي تقطن هذه الفيلا إلى إرسال النساء إلى مكان آمن، بيد أن الرجال الذين ظلوا في المكان يعيشون حالة من الارتباك. فإذا غادروا المكان، فإن المنزل سيتعرض للسرقة والنهب. وإذا بقوا فيه، وعثرت عليهم الميليشيا الإسلامية، فإن الأمور ربما تكون أسوأ. وقال الابن الأصغر لهذه العائلة، وهو طالب مدرسة «لا نستطيع المغادرة، وإلا فإنه سيتم تدمير البيت، ولذلك علينا البقاء، إنها ليال طويلة».

وكانت السمة الخاصة التي ميزت احتلال طرابلس من قبل «الفجر»، وهي أحدث الحركات الثورية التي تعلن عن نفسها في الشرق الأوسط، تتمثل في التركيز على السكان من القبائل «الخطأ»، وتم احتلال العاصمة بعد خمسة أسابيع من القتال، بين حركة «الفجر» الليبية ومقاتلين قبليين من الزنتان، وورشفان، وورفلة. والآن يتم اعتقال السكان الذين تشير أسماء عائلاتهم إلى أنهم ينتمون إلى إحدى هذه القبائل. وقال الطالب «حدث ذلك لأحد الجيران من شارع آخر، قبل بضعة ليال. فقد عملت الميليشيا المحتلة على توقيفه في الشارع، وطلبت هويته الشخصية، وبعد أن عرفت اسمه، تعرض للضرب، ومن ثم أخذوه إلى منزله بسيارته، وهناك قاموا بتدمير بيته».

وهو ليس الوحيد الذي يتم اعتقاله بهذه الصورة. وبثّ مفتي ليبيا الأكبر الشيخ صديق الغرياني، وهو أكبر سلطة دينية، رسائل الدعم للميليشيا من مكان وجوده في بريطانيا، وحث حركة «الفجر» على أن تُحكم سيطرتها وبقوة على المدينة التي احتلتها حديثاً.

وخلال النهار ترتفع أعمدة الدخان من المنازل التي تؤيد الحكومة، حيث ذكرت صحيفة «ليبيا هيرالد» حدوث نحو 280 حريقاً، بما فيها الفيلا التي يملكها رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالله الثني، الذي فرّ للنجاة بحياته. وأما في الليل فإن السكان من القبائل المؤيدة للحكومة يحاولون حماية أنفسهم في منازلهم.

وقبل بضعة أيام، احتلت الميليشيا مجمع السكن التابع للسفارة الأميركية، الذي تم إخلاؤه قبل شهر تقريباً. وكان أحد قادة الميليشيا أعلن أنه تم تأمين المجمع. وأمضت مجموعة على «فيس بوك» معظم الأسبوع الماضي في البحث عن مسؤولين في الهلال الأحمر لاسترجاع 10 من الجثث غير المعروف أصحابها، التي تم إلقاؤها عند وزارة الداخلية، التي تم اقتحامها وإخلاؤها من قبل «ميليشيا مصراتة».

وكانت حركة «الفجر» الليبية، وهي ائتلاف من الميليشيا الإسلامية من مدينة مصراتة، التي تبعد 100 ميل إلى الشرق، خسرت الانتخابات البرلمانية التي جرت حديثاً في طبرق، فعمدت إلى تأسيس حكومة خاصة بها، حيث أعلن عن تعيين المقاتل الإسلامي السابق عمر الحاسي، رئيساً للحكومة. ويصرّ قادة الائتلاف على أنهم يدعمون الديمقراطية.

ودعا المفتي الأكبر وحدات «الفجر» إلى الامتناع عن النهب والسرقة، ويقول الحاسي إنه يؤيد القانون والنظام. وأضاف «نحن نرفض الإرهاب، وأنا لست مع مجموعة أو حزب معين، أو مدينة، وإنما أنا رئيس حكومة تمثل كل ليبيا».

ويبدو أن الحكام الجدد لطرابلس يفتقرون إلى البراعة، والموهبة في حكم المدينة التي سيطروا عليها حديثاً، إذ إن الماء والكهرباء والوقود مقطوعة دائماً.

وتبدو طرابلس هذه الأيام مثل حكاية مدينتين. وعلى الرغم من أن الخوف يلازم الضواحي الغربية، فإن ثمة شيئاً قريباً إلى الوضع الطبيعي يعود إلى الضواحي الشرقية، التي يقطنها مؤيدو حركة الفجر.

وانتشر القتال على طول الساحل البحري باتجاه الحدود التونسية. وفي بنغازي، تقترب ميليشيا أنصار الشريعة الإسلامية، التي تعتبرها واشنطن مسؤولة عن مقتل سفيرها كيس ستيفنسن، قبل عامين، من مطار بينينا.

تويتر