بدأ بضمّ «القرم».. وصعّد من تدخّل الجيش الروسي

بوتين يختبر العالم الغربي في أوكرانيا

صورة

منذ فترة من الزمن تتزايد الأدلة، ولكن لم يعد هناك أدنى شك: الجنود الروس موجودون في روسيا، ليس كمتطوعين، مثلما كان زعيم المتمردين في دونتسك يريد من العالم أن يصدق، وإنما كوحدات مزودة بمدافع متحركة ومعدات عسكرية أخرى ثقيلة.

وذكر أحد كبار المسؤولين في حلف شمال الأطلسي، يوم الخميس الماضي، أن الحلف راقب «تصعيداً مهماً» في «تدخّل» الجيش الروسي في أوكرانيا، وأن نحو 1000 جندي روسي يعملون الآن داخل الجنوب الشرقي لأوكرانيا. ودعا العميد نيكو تاك، هذا التصعيد تدخلاً، وذلك ربما لأن الغزو يعني أن الهجوم شامل من الجيش الروسي. ولكن بغض النظر عن التسمية، فإنه تصعيد كبير وغير مقبول أن تقوم روسيا بعدوان ضد أوكرانيا.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما على صواب في مؤتمره الصحافي، الخميس الماضي، ليستبعد القيام بأي تدخل عسكري، وإنما عقوبات اقتصادية غربية جديدة أكثر قسوة، يمكن فرضها على روسيا لجعل بوتين يدرك أن الغرب يرى أن أكاذيبه وتصعيده للعدوان تهديد كبير.

وأحجم الرئيس أوباما عن التحدث عن «غزو» خلال تعليقاته المقتضبة نسبياً، واصفاً التطورات الأخيرة بأنها فقط «استمرار» لما قامت به روسيا، وأنه يتوقع أن يعمق الحلفاء الغربيون العقوبات. وكانت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سامنثا باور، أكثر وضوحاً في خطابها، يوم الخميس الماضي، في مجلس الأمن الدولي، حيث وصفت ما قامت به روسيا بـ«الجهود المتعمدة لدعم الانفصاليين غير الشرعيين، والآن تقوم بالقتال إلى جانبهم في دولة أخرى ذات سيادة»، وهذه ستكون الحقيقة التي سيسترشد بها الرئيس أوباما عندما يلتقي بحلفائه في حلف الأطلسي الأسبوع المقبل.

ويتوقع الحلف أن الأهداف الروسية ستكون منع هزيمة المتمردين عسكرياً، وتجميد الصراع في وقف مفتوح لإطلاق النار، حيث تكون روسيا في وضع سيطرة على قلب أوكرانيا الصناعي، على شاكلة الصراعات المجمدة مع ملدوفيا وجورجيا. ولكن محفز روسيا ليس هو القضية هنا، وإنما انتهاك روسيا للمبدأ الأساسي للنظام الدولي المتمثل في عدم الاستيلاء على أرض الغير بالقوة.

ولكن بوتين لعب لعبته الخطرة في أوكرانيا بخبث وخداع منذ الإطاحة بالرئيس الأوكراني الفاسد فكتور يانكوفيتش، الذي كان يتلاعب به كيفما شاء. وبداية قام بضم القرم بصورة كاملة، وعلى الرغم من الصدمة والغضب اللذين نجما عن ذلك إلا أنه على الأقل لم تنجم عنه إراقة أي قطرة دم. وادّعى بوتين أن حقائق التاريخ وتعداد السكان الروس في المنطقة يبرر له هذا الاستيلاء، ولكن ردة فعل العالم الغربي كانت مقصورة على العقوبات المتواضعة.

ومنذ ذلك التاريخ وجّه بوتين انتباهه إلى جنوب أوكرانيا، حيث أخذ يجري تدريبات عسكرية مرعبة على الحدود مع أوكرانيا، وأخذ يرسل المزيد من الرجال والسلاح دعماً للانفصاليين في دونتسك ولوهانسك.

وبعد أن قام الانفصاليون بإسقاط طائرة تجارية ماليزية بصاروخ روسي، وبعد أن حققت كييف انتصارات ضد الانفصاليين، أصبح التدخل الروسي أكثر جلاء مع ظهور تقارير تتحدث عن قصف مدفعي على الحدود، وأرتال من المصفحات تعبر إلى داخل أوكرانيا، واعتقال أو قتل جنود روس داخل أوكرانيا، قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بزيادة العقوبات على روسيا، لكن بوتين واصل إنكار تدخّله في أوكرانيا.

وأظهرت تعليقات بعض القادة الأوروبيين، يوم الخميس الماضي، أنهم يدركون خطر هذه التعليقات. ويجب أن يلتقي اجتماع الاتحاد الأوروبي المقرر السبت المقبل مع رأي الولايات المتحدة الرامي إلى توسيع العقوبات الاقتصادية على روسيا.

تويتر