مخاوف من تحوّل قصف «داعش» إلى مواجهة كبيرة

حرب أميركية سيئة أخرى في العراق

صورة

قبل عامين قدمت هيئة فيدرالية توصية ضد الاستخدام الروتيني لاختبار معين من أجل فحص مرض سرطان البروستات، لأنه كان ينطوي على «القليل من الفائدة المحتملة وضرر محتمل كبير».

وهذه الطريقة لا تنطبق على الطب فحسب، وإنما تتعداه إلى أكثر من ذلك، فعندما استنكر الرئيس الأميركي باراك أوباما أفعال تنظيم «داعش»، دعا إلى اتخاذ الخطوات اللازمة «لاستئصال شأفة هذا السرطان كيلا ينتشر». وتقوم الولايات المتحدة بقصف مواقع «داعش» في العراق وربما توسع هذا القصف ليشمل سورية. وربما يمثل ذلك مقدمة لحرب أميركية كبيرة. وعلى الأقل هذا ما يلمح إليه المسؤولون الأميركيون. وادعى وزير الدفاع تشاك هاغل بأن «(داعش) يشكل تهديداً أكبر من أي شيء رأيناه من قبل». ووصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي تنظيم «داعش» بأنه «مروع» وينبغي «هزيمته».

وتؤكد حالة الهستيريا هذه على أن حكومة الولايات المتحدة يمكنها أن تحول أي عدو إلى «غول» هائج يشكل خطراً وشيكاً على بقاء الشعب الأميركي. وفي واقع الأمر، فإن «داعش» تنظيم لا يزيد تعداد افراده على 10 آلاف مقاتل منتشرين في خطوط ضعيفة، ويمكن أن يتغلب عليهم الجيش العراقي. ومع ذلك تمكن «داعش»، من تفتيت الجيش العراقي، واكتسب السيطرة على مساحات من الأراضي العراقية. ويدعي قادته بأنهم أنشؤوا دولة دينية متعصبة لكل المسلمين في العالم، وأنهم يتعهدون «برفع رايتهم في البيت الأبيض».

ولكن إصدار التهديدات أسهل بكثير من تنفيذها، كما أن الاستيلاء على منطقة معينة ليس مثل المحافظة عليها. ونجاح «داعش» يعد بنهايته. وفي واقع الأمر فإن تدخل الجيش الأميركي من المحتمل ان يضاعف من المخاطر ولن يقللها. وحتى ديمبسي نفسه يعترف بأنه ليس هناك دليل على أن «داعش» يخطط للهجوم على الولايات المتحدة، إذ إنه منشغل حالياً بالجيشين الكردي والسوري. ولكن من المفترض النظر باهتمام إلى أن «داعش» يسيطر على منطقة كبيرة من الأرض، وهي الميزة التي لم يكن يمتلكها القاعدة. ولكن الخبير السياسي من جامعة ولاية اوهايو جون ميللر، يقول إن هذه ليست ميزة إيجابية لدى «داعش». ويضيف «الحقيقة انهم يريدون السيطرة على المزيد من المساحات ومن المحتمل ان يثيروا نفور السكان بصورة عميقة، الأمر الذي يعني أنهم سيكونون، وبخلاف الإرهابيين، أهدافاً ميسرة، في الوقت الذي يحيط بهم عدد كبير من السكان الذين يبدون استعداداً كبيراً للتعامل مع الاستخبارات ليقدموا معلومات عنهم».

وتنظيم «داعش» هش وضعيف تماماً ازاء أي ردة فعل ضده. وأما في ما يتعلق باحتمالات أن يقوم بضرب الولايات المتحدة، فلأن مشكلة الأميركيين عادة في ردع الإرهابيين تكمن في انه ليس هناك مكان واضح يقصفونه لردع الإرهابيين، في حين أن «داعش» يعرف هدفه بوضوح.

ولكن «داعش» سيكون في وضع سيئ لأنه ليس الأكراد فقط هم من سيواجههم، وإنما الجيش العراقي وإيران وسورية. وبالنظر إلى جميع المتاعب التي سيواجهها «داعش» فإنه لن يكون في حالة تسمح له بالتركيز على مهاجمة الولايات المتحدة، إلا إذا ركزت واشنطن على ضربه. ولذلك فإن تدخل الولايات المتحدة سيزيد الطين بلة، ولن يساعد ذلك على نحو إيجابي. وهذه قصة تورط الولايات المتحدة في الحروب بهذا الجزء من العالم منذ حادثة 11 سبتمبر، فكلما قامت أميركا بالمزيد من الأعمال العسكرية هناك زاد شعور الأميركيين بالخوف، وليس العكس.

تويتر