بالتوازي مع منع تدفق المال والمجندين إلى التنظيم

هزيمة «داعش» تتطلب محاربته في سورية

صورة

تيقنت الولايات المتحدة ومعظم دول العالم من أن تنظيم «داعش» يعتبر منظمة إرهابية وخطرة. وتعمل هذه المنظمة على فرض وجهة نظرها في المجتمع على الملايين من الأشخاص الذين تحكمهم. وكما اتضح بصورة دراماتيكية منذ سقوط مدينة الموصل العراقية في يونيو الماضي، فإن «داعش» ينوي تمديد سيطرته وعدد الذين يخضعون لتلك السيطرة إلى أبعد حد ممكن.

ولكن أكبر تساؤل يواجهه العالم الغربي حالياً يتمثل في ما يمكن عمله بشأن سورية. وهي جارة العراق، والمكان الذي رسخ فيه «داعش» نفوذه، والذي يدير عملياته منها. والحقيقة الواضحة أن العالم لن يتمكن من هزيمة «داعش» في العراق أو أن يحد من قدراته في أي مكان آخر، إذا ظل هذا التنظيم يتمتع بحرية العمل في سورية، التي يواجه رئيسها بشار الأسد تهم جرائم حرب لقيامه بتأجيج صراع أدى إلى مقتل نحو 200 ألف سوري.

وأول ما ينبغي فعله، على الرغم من رفض البيت الأبيض لذلك، الاستفادة مما قاله رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي الأسبوع الماضي، إذ أكد الرجل انه يجب على الولايات المتحدة توجيه ضربات إلى «داعش» في سورية. وهناك المزيد الذي يجب القيام به، وهو منع تدفق المال والمجندين إلى «داعش».

وبدعم من القوات الخاصة الأميركية، يتعين على قوات البشمركة الكردية والقبائل السنية والقوات البرية العراقية العاملة في العراق، إغلاق الحدود ومنع تسرب أي قوات أخرى إلى داخل العراق. لأن الضربات الجوية يكون تأثيرها محدوداً. ويبقى ما نحتاجه الآن هو قوات برية من سورية، وهنا تكون الأمور أكثر تعقيداً.

ومن حيث المبدأ ثمة خيارات أربعة: يمكن لحكومات الدول الأوروبية والولايات المتحدة أن تقدم القوات البرية. فأولاً وبالنظر إلى العدائية الكبيرة لتجدد تورط هذه الجيوش في المنطقة بعد الحروب التي وقعت في العراق، وأفغانستان، فإن ذلك ليس محموداً من الناحية السياسية، لأن مثل هذه القوات ستنطوي على تكاليف ومخاطر عالية جداً، من دون وجود احتمالات قوية بإنهاء المهمة بسرعة. ويتمثل الخيار الثاني في تشكيل قوات عربية، تحوي وحدات من الأردن والسعودية والإمارات العربية وربما مصر. ولكن تشكيل مثل هذه القوات ونشرها ستكون مهمة صعبة. وربما تؤدي إلى تدخلات خارجية من حلفاء سورية مثل ايران، الأمر الذي سيزيد الأمور سوءاً.

ويتمثل الخيار الثالث في تشكيل قوات من المعارضة السورية الداخلية، اعتماداً على العناصر الموجودة حالياً، ولكن حتى هذا الخيار يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً. وأما الخيار الرابع يبقى في الرجوع إلى نظام الأسد كي يأخذ دور القيادة في القضاء على «داعش»، وهذا يعني القبول خلال المستقبل المنظور بنظام ارتكب جرائم حرب، ومدعوم من إيران وروسيا، التي يوجد بينها ودول الغرب خلافات استراتيجية كبيرة، وهذا ما تعارضه دول مثل السعودية.

وبالطبع فإن تغيير السياسة على هذا النحو سينطوي على تكاليف باهظة، ولكن ليس إلى الحد الذي ستكون الحال في حالة السيناريو الذي ستقوم به «داعش» باستخدام الأراضي السورية كي تشن هجمات على المنطقة وما بعدها. وربما كانت حكومة النظام السوري شريرة، ولكنها ليست بقدر الشر الموجود لدى «داعش». ويتطلب مثل هذا التكيف الكثير من الدبلوماسية إذا كان لابد له أن ينجح. ويجب التوصل إلى التفاهمات مع دمشق، ومع المعارضة العلمانية، التي ضعفت كثيراً خلال ثلاث سنوات من القتال العنيف، ضد النظام و«داعش» معاً.

وكما هي الحال دائماً، فإن الخيارات الأفضل تكون غير معقولة، إذ إن الخيار الذي يبدو معقولاً يمكن أن ينطوي على صعوبات مميزة. والحسابات المنطقية هي التي تحدد أي الخيارات التي ينبغي تبنيها ويتعين على الولايات المتحدة والعالم الغربي التعايش معها، حتى العمل مع نظام حاولوا التخلص منه طوال السنوات الثلاث الماضية.

تويتر