اكتفت بدعم تسليح الأكراد لإيقاف تقدم «داعش»

أوروبا تعمل جاهدة لإيجاد أجوبة حول العراق

صورة

في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة في العراق، لاتزال أوروبا بطيئة في تجاوبها معها، إذ إنها تكره الانجذاب إلى مستنقع آخر في المنطقة. لكنها ربما ستأتي مجتمعة كي تتخذ إجراءات قوية حيالها. وخلال الوقت الجاري لاتزال أوروبا مترددة بشأن التحرك لتقديم الدعم العسكري لبغداد، بالنظر إلى عجزها المستمر في تشكيل حكومة شاملة من شأنها أن تعالج المظالم الأساسية التي ساهمت في ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).

لكن تقديم السلاح للأكراد للدفاع عن المنطقة المستقرة حتى الآن، والتي أصبحت تحت خطر مرتقب من «الدولة الإسلامية»، وتقديم نوع من الغطاء الإنساني الملح، يمثل مهمة يسهل القيام بها. وبخلاف الوضع في سورية، حيث كافح العالم الغربي لمدة ثلاث سنوات لإيجاد عناوين موثوقة يمكن ان يرسل إليها السلاح والمساعدات، فإن حكومة المنطقة الكردية وقوات البشمركة تمثلان شريكاً يمكن الاعتماد عليه، إذ تشعر اوروبا بالثقة إزائه ويمكنها المشاركة معه عسكرياً.

وفي الوقت الجاري أعلنت فرنسا انها ستشحن الأسلحة إلى أربيل، وكذلك دول أوروبية أخرى، بما فيها إيطاليا وهولندا وحتى ألمانيا.

وللحقيقة فإن الإستجابة الأوروبية للأزمة المتطورة في العراق كانت ضعيفة. وحتى قبل ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» القوي على الأراضي العراقية، كانت العلامات التحذيرية للأزمة جلية تماماً، مثل استيلاء التنظيم على الفلوجة، والرمادي في يناير الماضي، وتعميق «الدولة الإسلامية» وجوده في سورية، ومع ذلك فإن ذلك لم يأت أحد على ذكره، ناهيك عن أي تحرك أوروبي فاعل يمكن ان تقوم به أوروبا.

وبالطبع ثمة أسباب مفهومة بهذا التردد الأوروبي، فبعد 11 عاماً من التدخل الحاسم للعالم الغربي في العراق، الذي نجمت عنه حرب أهلية، وفتح الباب للصراعات الطائفية التي تضرب المنطقة برمتها، ليس لأحد في أوروبا شهية للرجوع إلى المنطقة مرة ثانية.

وعلى الرغم من الأعمال الوحشية التي يتم عرضها، فإن الأوروبيين لا يغمضون أعينهم عن التعقيدات التي يتميز بها الصراع الجاري والصعوبات التي سيواجهونها في جهود حله. ولابد من التأكيد أن الوضع في العراق مرتبط بصورة مباشرة بالحرب الأهلية في سورية، وما يرافقها من حرب إقليمية عريضة، حيث إنه وبعد ثلاث سنوات من الأعمال الوحشية والدموية، لم يكن لدى أوروبا أي تأثير في المساعدة لصياغة الحل لهذه الحرب. وأوروبا مدركة تماماً أن ظهور «الدولة الإسلامية» في العراق يعتمد على التحالف القوي مع السنّة المحليين في الأماكن التي يوجد فيها التنظيم، الأمر الذي يعكس وجود صراع أهلي بين السنّة المهمشين مع الحكومة الشيعية في بغداد.

وكما هي الحال لدى الولايات المتحدة، فإن بعض الدول الأوروبية الأخرى يمكن أن تتحرك لدعم بغداد عسكرياً، إذا شكلت حكومة جديدة وشاملة، حيث يأمل البعض أن يقوم رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي بذلك، ولكن السيناريو لايزال حتى الآن ساكناً.

ولكن تقديم السلاح للأكراد أمر من الواضح أن الدول الأوروبية جميعها متفقة عليه، وهي خطوة يمكن أن تحقق اختلافاً على الواقع. ويمثل تسليح الأكراد وسيلة للمساعدة على وقف تقدم «الدولة الإسلامية» نحو العاصمة الكردية أربيل، إضافة إلى وقف هجماته الوحشية على الاقليات. ولكن ثمة مخاوف من أن تسليح الأكراد سيقوي رغبتهم القديمة المتجددة في الاستقلال، الأمر الذي يؤدي إلى التفكك السياسي في العراق.

وبالطبع فإنه، كلما طالت الأزمة السياسية الحالية في بغداد، واستمرار تقدم «الدولة الإسلامية»، زاد الضغط الذي تواجهه أوروبا، واحتمال تدخلها العسكري بغض النظر عن الوضع السياسي في العراق.

 

تويتر