احتجاجات واسعة ضد حكومة شريف

الفوضى تعود إلى باكستان من جديد

صورة

يصادف يوم استقلال باكستان الـ14 من أغسطس، لكن في العام الجاري تأتي هذه المناسبة على البلاد وسط أزمة وطنية. وتعم البلاد احتجاجات ساخنة، منذ الخميس الماضي، ضد رئيس الحكومة نواز شريف وحكومته. ودعا قادة المعارضة الرئيسيون إلى الاحتجاج والزحف إلى العاصمة إسلام آباد من لاهور، ما دفع السلطات إلى نصب المتاريس من حاويات الشحن في الشوارع الرئيسة التي تربط المدينتين. وتعيش إسلام آباد في ظل تشديد أمني، حيث المتاجر مغلقة، وسط انتشار رجال الامن.

وفي ولاية البنجاب، قاعدة سلطة شريف التقليدية، تم اعتقال نحو 1000 ناشط معارض حتى الآن. وخلال ذلك يتوقع المراقبون مشاركة الجيش الباكستاني في الاضطرابات الجارية في البلد. وبالطبع فإن الجيش له سابقة في القيام بمثل هذا العمل، في عام 1999، عندما كان شريف نفسه رئيساً للحكومة.

وفي العام الماضي حققت باكستان أول انتقال ديمقراطي وناجح للسلطة المدنية في تاريخها، حيث عاد حزب شريف من المنفى في عام 2007، وحقق الانتصار في الانتخابات، وهو الآن رئيس الحكومة للمرة الثالثة. ويبدو أنه في موقف يمكنه من حل مشكلة الطاقة المستعصية في البلاد، ووضع الأرضية المناسبة لانعاش الاقتصاد، ويبذل ما يستطيع من جهود لتعزيز المؤسسات المدنية،

لكن الوضع السياسي في باكستان لا يساعده على تحقيق ما يصبو إليه، إلا أن جهوده المبذولة حتى الآن من أجل استقرار الاقتصاد المتداعي تبدو إيجابية، كما كتب الباحث في «اتلانتك كاونسل» أحمد همايون، لكن «عليه أن يحسن الحياة اليومية لمعظم الباكستانيين على نحو مهم»، إذ إن نقص الكهرباء يظل حقيقة بارزة في الحياة الباكستانية، حيث يشعر الكثير من الباكستانيين بالإحباط نتيجة الافتقار إلى تحقيق أي تطور من قبل شريف، وهو سياسي مشهور بمهارته في التعامل مع المال والاعمال.

وكانت الشخصيتان الرئيستان في طليعتا أعمال الاحتجاجات التي اندلعت في 14 أغسطس الجاري هما رئيس حزب «الحركة من أجل العدل»، عمران خان، لاعب الكريكت السابق، الذي تحول إلى سياسي متحمس، والداعية المعتدل طاهر قادري. ويحظى حزب عمران خان بدعم الطبقة المتوسطة المدنية، التي اكسبته الفوز بـ35 مقعداً في انتخابات العام الماضي، لكن خان يعتقد أن ثمة خداعاً في فوز شريف، وأنه يصر على إعادة إحصاء أصوات الناخبين.

ويعترف معظم المراقبين المستقلين بأنه كان ثمة تجاوزات أثناء الانتخابات، لكنها أثرت في العديد من المرشحين، وأنها لم تكن بالأهمية الكبيرة التي تغير النتيجة النهائية للانتخابات.

ولدى قادري الكثير من الاتباع في باكستان، لكن مطالبه السياسية أقل وضوحاً من مطالب خان.

وفي يناير من العام الماضي، تظاهر اتباع قادري بأعداد كبيرة ضد الفساد في مدينة إسلام آباد، ما أدى إلى إيقاف الحركة في المدينة، وهو يطالب الآن بحكومة تكنوقراط وتصريف الأعمال، إضافة إلى تنظيف كامل للنظام السياسي الباكستاني.

وستندمج ثورته من أجل إصلاح البلاد مع حزب خان.

وهناك الكثير من المظالم في البلاد، ويرجع جزء منها، كما يقول المراقبون، إلى عجز النخبة السياسية عن تطوير قوانين الأعمال والانتخابات والإصلاحات السياسية، التي من شأنها تعزيز صدقية العملية السياسية.

وهذه الإحباطات ليست وقفاً على باكستان وحدها، فقد ظهرت بقوة في انتخابات الهند المجاورة لها هذا العام، بيد أن باكستان ليس لديها الاستقرار الديمقراطي النسبي الموجود في الهند. ويخشى الكثيرون تقدم الجيش إلى واجهة الاحداث خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً إذا اتخذ شريف موقفاً صلباً من الاحتجاجات المتنامية. ويشير همايون إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة أن يقوم أحد كبار ضباط الجيش بفرض نفسه في الحكم، خصوصاً إذا أظهر شريف تشدداً في موقفه، كما أن قوات حفظ الأمن بالغت في قمعها للمتظاهرين.

تويتر