طهران تتحالف مع واشنطن سراً لحماية مصالحها

هلع إيراني من صعود «داعش»

صورة

أثارت الهجمات الأخيرة التي نفذها مسلحون في العراق هلع السلطات في إيران التي لا تريد أن ترى موازين القوة في بلاد الرافدين تتأرجح لمصلحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، الذي لا يخفي عداءه لطهران. إنه سيناريو كارثي يمكن أن يزج بالبلدين نحو صراع طائفي قد تترتب عليه نتائج وخيمة في المنطقة.

ويعتقد الصحافي الإيراني، شهرافند، أن «أمن إيران واستقرارها لم يهددا بهذه الطريقة من قبل والأمر يتعلق بأسباب أيديولوجية». ونظراً إلى التهديدات الخارجية، يضيف الصحافي المنتمي للتيار الإصلاحي، «فإن الخلافات الداخلية بين المحافظين والإصلاحيين في طريقها للاختفاء». ومن الناحية الاستراتيجية، لدى إيران أسباب وجيهة تدعوها لأن تدق ناقوس الخطر، فبعد أن استفادت بشكل كبير منذ 2003- تاريخ سقوط نظام صدام حسين وبداية الغزو الأميركي - تواجه طهران اليوم تحديات كبيرة في سورية ولبنان بسبب المسلحين السنة، الذين يقتربون من حدودها شيئاً فشيئاً. والصعود القوي لتنظيم «داعش» في الآونة الأخيرة يذكر الإيرانيين بالحرب التي خاضها ضدهم صدام حسين، في الثمانينات بكل قساوة.

بالنسبة لطهران تعتبر العتبات المقدسة وأضرحة الأئمة في النجف وكربلاء «خطاً أحمر» وتبدي استعدادها للدفاع عنها بشتى الوسائل. وتلقى القادة في إيران نبأ محاولة استيلاء المسلحين على سامراء بقلق كبير إذ إنها تعتبر مدينة لها رمزية خصوصاً بالنسبة للشيعة، إذ يوجد فيها ضريحان لإمامين بارزين. ولم يتأخر الرئيس الإيراني حسن روحاني، كثيراً ليعلن الدعم الكامل لحليف بلاده رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بل ذهب بعيداً من ذلك، إذ لم يستبعد التعاون مع واشنطن من أجل قتال المسلحين في العراق. يذكر أن طهران تعتبر أميركا العدو الأكبر منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979 بقيادة الخميني.

هذا التحالف غير المألوف بين البلدين ليس جديداً، فقد ساعدت إيران أميركا بشكل سري، وذلك خلال غزوها لأفغانستان في أعقاب أحداث سبتمبر 2001، من أجل القضاء على عدو مشترك يتمثل في طالبان وتنظيم القاعدة. في المقابل، نفى روحاني التدخل العسكري المباشر وإرسال قوات إلى العراق، خلافاً لما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي قالت إن وحدات من الحرس الثوري موجودة على التراب العراقي حالياً.

وفي هذا السياق تشارك وحدات من قوات النخبة الإيرانية في القتال إلى جانب الجيش السوري ضد المعارضة. وحسب مصادر إعلامية، فإن اللواء في الجيش الإيراني محمد حجازي، قال إن بلاده مستعدة لدعم الحكومة العراقية بالمعدات العسكرية والخبراء، موضحاً «لا أعتقد أن نشر قوات إيرانية (في العراق) ضروري».

وتدرك طهران جيداً أن أي تدخل عسكري في العراق سيكون مكلفاً للغاية، لذا يتعين عليها أن تضع في حساباتها أن ترتيباتها السرية يجب أن تخضع للمعطيات الجيوسياسية في المنطقة. فقد تعرضت سفارتها في بيروت ومركز ثقافي تابع لإيران، للهجوم على خلفية دعم الأخيرة لنظام بشار الأسد.

وتعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما لضغوط من أجل التفاهم مع إيران لمعادلة الضغط الذي يشكله «داعش» في المنطقة، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، وبالتالي فإن إيران تكون المستفيد الأكبر مما جرى في العراق أخيراً.

في غضون ذلك، لا تريد طهران أن تشعل فتنة داخلية، فهناك أقلية عربية سنية في شمال غرب البلاد يمكنها أن تثور ضد طهران وتساند المجموعات المسلحة على الجانب الآخر من الحدود.

 

تويتر