الحرب ستارة خلفية للانتخابات البرلمانية.. والنقاش الأبرز يدور حول تدهور الأمن

المالكي يقدم نفسه «المنقذ الوحـــيد للعراق» وسط سيطرة المسلحين على الأنبار

صورة

في 2010، أجريت انتخابات عامة في العراق وكان الجنود الأميركيون حينها يجوبون شوارع بغداد، والمسلحون يضربون في كل مكان. واليوم اختفت القوات الأميركية من المشهد، إلا أن خطر الجماعات المسلحة مازال قائماً ويخشى أن يعرقل التحول الديمقراطي الذي يشهده هذا البلد المنقسم.

وتعلو لافتات المرشحين للانتخابات النيابية أعمدة الإنارة والمباني والساحات العامة في بغداد والمدن العراقية الأخرى. ويهيمن السياسيون على المشهد العام هذه الأيام ويطلقون وعودهم التي قد لا تتحقق، وأهم هذه الوعود تحسين الخدمات.

وقد يكون الاستحقاق الانتخابي في الـ30 من أبريل فرصة للمجتمع العراقي ليحدث تحولاً حقيقياً، على الرغم من حالة الشك التي تخيم على المشهد العام وزحف الفوضى الجهوية.

قليل من العراقيين الذين يعتقدون أن الانتخابات المقبلة ستحمل أجوبة للمواطنين المنهكين بسبب تدهور الوضع الأمني، أو أن هذه الانتخابات ستسهم في حل مشكلات العراق المزمنة، بما في ذلك استفحال ظاهرة الفساد وغياب الخدمات الأساسية.

نفوذ المالكي

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/127642.jpg

يرى مشرعون عراقيون أن الوضع الأمني المتدهور والعنف المتزايد يصب في مصلحة المالكي، ومن المرجح أن يفوز بولاية ثالثة. وقد لا يكون الفوز سهلاً هذه المرة أيضاً وقد يلجأ المالكي إلى أساليب جديدة تمكنه من كسب الدعم الضروري لبقائه في السلطة. وهذا ما دفع بالكاتب والمحلل السياسي وليد الزبيدي، إلى وصف الحالة العراقية بـ«المعقدة» جداً، قائلاً «الأوضاع الأمنية المتردية تلقي بظلال كبيرة على الانتخابات، والجميع يدرك أن المؤسسة الأمنية لا تعمل إلا باتجاه تصفية خصوم المالكي من ناحية، واعتقال آلاف العراقيين في السجون، من ناحية أخرى».

ويقول أبورضوان (مهندس) «كل أربع سنوات نسمع مما يسمون القادة السياسيين هذا الكلام عندما يرغبون في البقاء على مقاعدهم (النيابية)». ويضيف «نعطي لهم السلطة مرة أخرى، وبالتالي يستمرون في سرقة كل ما يريدونه. ولا شيء يبقى لنا».

ويقول المعلقون في وسائل الإعلام إن رئيس الوزراء نوري المالكي، في الخط الأول سعياً للفوز بولاية ثالثة، حيث يقدم الأخير نفسه المخلص الوحيد للعراق، في الوقت الذي اشتد فيه العمل المسلح وفقدت فيه حكومة بغداد، منذ ديسمبر الماضي، السيطرة على أغلب المناطق في محافظة الأنبار التي تمثل ثلث مساحة البلاد تقريباً. وتعتبر الحرب في الأنبار امتحاناً آخر لقدرات المالكي الأمنية.

وقال مسؤولون في بغداد لـ «الغارديان» إنه بحلول شهر مارس قتل نحو 1700 جندي نظامي في المحافظة. وأخفق الجيش في دحر المسلحين في الفلوجة والرمادي، ويعتقد أنهم على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».

وتسعى الحكومة حالياً لتأمين المناطق الواقعة غرب بغداد لمنع تقدم المسلحين إلى هناك، فيما يخشى أن يكون ذلك تمهيداً للزحف على بغداد.

والخوف من الجماعات المتشددة على نقاش ما قبل الانتخابات البرلمانية، يليه الحديث عن الأمن الذي يعتبره الكثيرون شرطاً أساسياً لإعادة تأهيل الخدمات العامة.

في المقابل، لم يتطرق السياسيون إلى مسائل مهمة أخرى مثل ندرة المياه الصالحة للشرب وانقطاع الكهرباء وحالة الطرقات والإسكان، إلا بشكل عابر.

كما تجنب المتسابقون في الحملة الانتخابية الحديث عن المصالحة التي كانت نقطة مرجعية في السياسة العراقية.

وفي هذا السياق، حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى بغداد من أن الاستقطاب السياسي سيعرقل الاستثمار ويزيد من حدة العنف.

ويقول مشرعون عراقيون إن الوضع الأمني المتدهور والعنف المتزايد يصب في مصلحة المالكي، ومن المرجح أن يفوز بولاية ثالثة.

ويقول أحد المؤيدين لرئيس الوزراء «إنهم يعملون بكل قوة في ما يخص محاربة المتشددين، ولكن هذه الجهود لن تذهب بعيداً مع المتمردين وسوف يتم إهمال المناطق (المضطربة) وهذه ستكون مشكلة لاحقاً».

ولم تتم تسوية الانقسامات والخلافات الطائفية الحادة، على الرغم من مرور سبع سنوات من الحرب الأهلية، وما تتخللها من الاقتتال الأخوي بين السنة والشيعة الذي أدى إلى نزوح ملايين العراقيين.

ويتهم السنة حكومة المالكي بتهميش مناطقهم والعزوف عن تحسين الخدمات فيها، فضلاً عن عدم التجاوب مع مطالبهم.

ويقول زعماء السنة في الأنبار، إن انتفاضة أهالي المحافظة جعلت مؤيدي حكومة المالكي ذات الأغلبية الشيعية، يتجاهلون مطالبهم.

في المقابل، غذت الثورة السورية المجموعات المسلحة في المحافظة، ما جعل العمليات المناوئة للنظامين العراقي والسوري تأخذ بعداً إقليمياً. ويقول مسؤولون في بغداد إن الثورة السورية تشكل خطراً حقيقياً على بلادهم.

ويقول نائب رئيس الوزراء المكلف بحقيبة النفط، حسين الشهرستاني «إنها بحق مصدر قلق لكل بلدان المنطقة»، مضيفاً «ان المسلحين الدوليين المتمرسين في القتال تمكنوا من الحصول على دعم مالي من بعض الدول، ما جعلهم تهديداً أمنياً حقيقياً لنا جميعاً».

ويوضح الشهرستاني ان النظام السوري ارتكب خطأ استراتيجياً عندما تصرف مع مطالب مشروعة بتلك الطريقة، مشيراً إلى الاحتجاجات التي بدأت في درعا قبل ثلاث سنوات.

ويعتقد هذا المسؤول العراقي أن التعامل السيئ مع الاحتجاجات أدى إلى التذمر الشعبي.

ويقول «يجب علينا الآن مواجهة الواقع، وكيف يمكننا حماية الناس (في العراق) من أن يقعوا رهينة مثل هذا التهديد الإرهابي».

من جهته، قال رئيس الوزراء السابق إياد علاوي «الجميع متخوف من هذا. لقد بات الوضع محبطاً للغاية بأن نرى الأمور تسير في الاتجاه الخطأ في كل البلدان».

وقد أخفق علاوي في تشكيل أغلبية في 2010 بعد 10 أشهر من الجدل الذي انتهى في نهاية المطاف إلى فوز المالكي بمنصب رئيس الوزراء. ويضيف «أخاطب جميع العراقيين من أربيل حتى البصرة. نحاول أن نشرح، لمن كان ضدنا في الانتخابات السابقة، ما يحدث حالياً»، موضحاً «لن نتعامل مع أولئك الذين استولوا على ثروات البلاد. لم نتلق أي دعم من أي دولة ولم نسرق أي شيء».

ويشير علاوي إلى أن الجهاز التنفيذي في العراق يتحكم في القضاء وهذا أمر غير مقبول.

تويتر