النفوذ الأميركي ينحسر على الساحة الدولية

مطالبة الأميركيين لأوباما بالتركيز على قضاياهم الداخلية زاد من انكفاء واشنطن على نفسها.

أدت تفاعلات الأزمة الأوكرانية وما صاحبها من شد وجذب بين الولايات المتحدة وروسيا، وتعثر مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية إلى تضاؤل النفوذ الأميركي وانحساره على الساحة الدولية. ويبدو أن فشل المتفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى في تحقيق اختراق باتجاه اتفاق إطار عام للسلام أفقد واشنطن دورها القيادي في الشرق الأوسط. وفي محاولة منه لإنقاذ المفاوضات عرض وزير الخارجية الأميركي جون كيري على الإسرائيليين إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، والمعتقل لدى الولايات المتحدة في محاولة لتحريك عجلة المفاوضات ودفع إسرائيل إلى إطلاق دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين من سجونها، إلا أن إسرائيل لم تنفذها. وعلى الرغم من زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة للرياض، إلا أن هناك مؤشرات عدة إلى أن السعودية بدأت تدريجياً بالابتعاد عن أميركا لأنها شعرت بأن واشنطن فقدت دورها القيادي في الشرق الأوسط.

كما اصبح أقرب حلفاء واشنطن ضعفاء وهي تجد صعوبة كبيرة في استبدالهم بآخرين. كما أن تغييراً كبيراً طرأ على فكر أوباما وسلوكه فبعد أن بدأ حياته السياسية بفورة من قيم المثالية، ترجمها واستبدلها بالبراغماتية.

وهناك نسبة مهمة ومتزايدة من الأميركيين تحث أوباما على التركيز على معالجة القضايا الداخلية التي تهم الشعب الأميركي. وهذا المزاج الأميركي هو من دفع إدارة أوباما إلى الانكفاء على الداخل وجعل أوباما يقرر الانسحاب من العراق وأفغانستان، ويعدل عن توجيه ضربة عسكرية إلى سورية والتوجه نحو عقد اتفاق مبدئي مع طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني.

كما دفع انكفاء الولايات المتحدة إلى الداخل أوروبا إلى ان تحذو حذوها لتصبح غير قادرة على الاضطلاع بدور قيادي، وسط طموح روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين لإحياء مجد الاتحاد السوفييتي السابق

ويزداد دور الولايات المتحدة في رسم مستقبل العراق اضطراباً وتراجعاً، خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية منه، إضافة إلى أنه بات واضحاً أن هذا الدور الأميركي في مصر وسورية ومناطق أخرى قد تراجع.

ويبدو أن عالم اليوم يتوجه نحو تشكيل قوى اقليمية تتسم بالقوة والحزم، ويبدو انه سيكون من الصعب على الرئيس الذي سيخلف أوباما وقف مد هذه القوى الإقليمية.

تويتر