واشنطن تجر أوروبا والحلفاء إلى مواجهة مع روسيا والصين

الموقف الأميركي في أزمة أوكرانيا فقاعة إعلامية

صورة

كسبت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، حتى الآن الحرب الإعلامية والدعائية في الأزمة الأوكرانية، لكن هذه الإدارة لاتزال بعيدة عن رياح الحرب والمواجهة أو الدفع بالأزمة في هذا الاتجاه، ما يعني أن روسيا هي التي تكسب على أرض الواقع. وهناك كم كبير من لقطات الفيديو على الإنترنت التي انجزها الوطنيون الراديكاليون في كييف، والتي تكشف عن كثير من التهويل والمبالغات والتخويف من تطورات الموقف الروسي ومشاركة حكومة كييف في هذه المبالغات.

ويميل تيار يميني قومي أوكراني تعود جذوره إلى معاصري حزب الشعب الاشتراكي الألماني «النازي» إلى العنف في أوكرانيا أكثر من غيره، وهو الذي اطاح بالحكومة الأوكرانية المنتخبة أيضاً بدعم من واشنطن التي تدعم الحكومة الحالية في كييف. ولا يستبعد فريق من المحللين إمكان اندلاع حرب أهلية في أوكرانيا إذا ما استمرت المصادمات العنيفة بين اليمين القومي وقوات الشرطة التي تحاول استيعاب استفزازات القوميين واحتوائها. ومازال من الصعب حتى الآن معرفة أين تكمن نقطة توازن القوة بين الحكومة والقوميين، وما اذا كانت واشنطن قد أرسلت مرتزقة لدعم تلك الحكومة.

وقد شاركت آلة الإعلام في كل من واشنطن وحلفائها بصورة نشطة ومكثفة في لوم الرئيس فلاديمير بوتين، وانتقاده بسبب موقفه من الأزمة واتهامه بأنه السبب في تأجيجها وتفاقمها، في حين أن كل ما فعلته موسكو هو تأييد حق المناطق الأوكرانية ذات الأغلبية الروسية في تقرير مصيرها ومستقبلها والحفاظ على حقوقها. وحين استقلت أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي الذي انهار واختفى في بداية التسعينات، أبقت روسيا على المناطق ذات الأغلبية الروسية ضمن وحدة أراضي أوكرانيا مقابل تسهيلات بحرية للأسطول الروسي في قاعدة سيفاستوبول البحرية في البحر الأسود، غير أنه وفي ردة فعل عكسية للضغط الأميركي عبرت تلك المناطق عن رغبتها في الانضمام إلى روسيا.

وخلص المحافظون الجدد الذين سيطروا على السياسة الخارجية الأميركية منذ أواخر عهد إدارة الرئيس السابق بل كلينتون، إلى أن انهيار الاتحاد السوفييتي يعني أن التاريخ اختار أميركا كنموذج النظام الاجتماعي والاقتصادي العالمي، وأعلنوها دولة استثنائية فوق القانون الدولي ولها الحق ومطلق اليد في غزو الدول وارتكاب الجرائم والتدمير والسيطرة.

وتماثل مزاعم المحافظين الجدد بشأن مفهوم «أميركا الاستثنائية» مزاعم ادولف هتلر بشأن ألمانيا النازية. كما أدى التدخل الأميركي في أوكرانيا إلى اطلاق سراح رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، المدانة بالفساد من السجن، التي وصفها كثيرون بأنها تعاني «فوبيا روسيا». وفي مقابلة مع صحيفة « بيلد» الألمانية الأسبوع الماضي شنت تيموشينكو هجوماً على بوتين، وقالت إنه أكثر خطورة من هتلر.

ومنذ اكثر من عقدين وروسيا تراقب عن كثب التحركات الاستراتيجية لأميركا ضدها وضد مصالحها وسيادتها. ويدرك بوتين أنه يسمع غالباً دعاية مضادة لروسيا تقوم كلياً على أكاذيب خالصة، كما أنه يفهم أن الولايات المتحدة وعدت ميخائيل غورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفييتي، بأنها لن تعمل على توسع حلف الأطلسي في دول اوروبا الشرقية، لكنها فعلت.

وما يجري في العالم هو محاولة جر دول أوروبا وغيرها من دول العالم إلى مواجهة، من تصميم هندسي أميركي، مع روسيا والصين، وأن الدعاية التي تروج لفكرة أن الغرب هو الأمل للعالم ما هي إلا كذبة كبيرة.

بول كريغ روبرتس

 

تويتر