مصممة على أسلمة نيجيريا بالكامل.. وأهدافها من المسلمين والمسيحيين

«بوكو حرام» تعود من جديد

ضعف السلطات الفيدرالية في البلاد يزيد من قوة «بوكو حرام». أ.ف.ب

لفترة قصيرة بدت الجماعة الإسلامية التابعة للقاعدة والمعروفة بـ«بوكو حرام»، كأنها انسحبت، وأجبرت على الخروج من مدن شمال نيجيريا، ولم تعد قادرة على القيام بهجمات واسعة النطاق. ولكن في الأسابيع الأخيرة، كما ذكرت وكالة رويترز للأنباء، فإن الجماعة قامت بـ«إعادة تجميع وتسليح نفسها»، وأصبحت فاعلة في عدد من المناطق شمال نيجريا. وأخيراً أعلن الرئيس النيجري غودلاك جوناثان حالة الطوارئ في ثلاث ولايات في الشمال، معترفاً بأن المتمردين الإسلاميين يسيطرون على الوضع هناك.

وأصبحت أساليب «بوكو حرام» أكثر وحشية، ففي بداية الشهر الجاري وصل نحو ‬200 فرد من أفراد هذه الجماعة الجهادية إلى بلدة باما الشمالية في عدد من الحافلات وشاحنات «بك اب»، وقاموا بمهاجمة ثكنات الجيش ومراكز الشرطة، وقتلوا ‬42 شخصا. وقاموا أيضاً بضرب أحد السجون وأطلقوا سراح ‬100 سجين، منهم عدد كبير من أتباع الجماعة. ومنذ عام ‬2009 قتلت «بوكو حرام» ‬3000 شخص على الأقل حسب التقديرات المحافظة، اذ قامت بعض الجماعات التابعة لها، بقتل عدد من السكان المسيحيين، وهذه الجماعة لا تحارب المسيحيين فحسب، وإنما تحارب المسلمين ايضاً، اذ انها تهاجم المسلمين الذين لا يتفقون مع أهدافها، ولا يرضون عن اساليبها، أو ربما الذين يصطدمون معها.

وأعلنت «بوكو حرام» عن عدائها مع كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا وإسرائيل، و«الصليبيين» مهما كانت جنسيتهم، أو اينما كانوا. وأرسلت المقاتلين الى مالي لقتال الجنود الفرنسيين والجزائريين. وكانت إحدى الهجمات التي أثارت الانتباه أكثر من غيرها، قد وقعت عام ‬2011 عندما قدم أفراد «بوكو حرام» من الكاميرون الجارة الشرقية لنيجيريا، وقاموا بتفجير سيارة مفخخة بمبنى الامم المتحدة في العاصمة النيجرية ابوجا، ما أدى إلى مقتل ‬21 شخصاً.

وذكرت تقارير إخبارية أن أفراد الجماعة قاموا بكتابة عبارة «الثورة الآن» على جدران الكنائس التي هاجموها. وادعت الجماعة أنه «لا توجد قوة على وجه الأرض قادرة على منعها من أسلمة نيجريا برمتها»، وأنها تعهدت في «حالة انعدام الحكم بقتل وإبادة جميع القادة السياسيين الذين يتسمون باللامسؤولية من جميع الملل. وسيطلقون النار على جميع من يعارضون حكم الشريعة في نيجريا، وضمان أن الكفرة لن يمروا من دون عقاب».

ويعني اسم هذه الجماعة «بوكو حرام» (التعليم الغربي محظور)، ومن بين الأفكار التي تعتبرها الجماعة آثمة، القول بأن الكرة الأرضية كروية. ويعارض أعضاء الجماعة كل ما يعتبرونه علوماً غربية، وبالطبع الثقافة الغربية ايضاً. ويأتي جزء من تمويل «بوكو حرام» من اوروبا، ومن الفديات التي تدفع لهم مقابل اطلاق سراح الأوروبيين المخطوفين. وتلقت الجماعة قبل فترة ‬3.15 ملايين دولار من فرنسا والكاميرون نظير اعادتها سبعة من اعضاء عائلة فرنسية، خطفوا وتم التهديد بقتلهم من قبل الفرع الكاميروني للجماعة. ويرى المسؤولون الأميركيون أن دفع هذه الاموال للجماعة يشجعها على مزيد من أعمال الخطف.

وكان الجيش النيجيري فعالاً في بعض الأحيان في مواجهته للجماعة، ولكن في أحيان أخرى، أثار عدم احترام الجيش للسكان المدنيين غضباً شديداً في اوساطهم. وربما نتيجة لذلك تبدو الحكومة النيجرية متلهفة للاتفاق معهم عن طريق المفاوضات، بحيث يتم العفو عن القتلة من افراد «بوكو حرام» مقابل وضع نهاية للصراع. واعتبر الكاتب النيجيري الشهير الحائز جائزة نوبل للأدب وول سيونكا هذا الأسلوب في التعامل أنه «ترضية منحطة»، وعلى الرغم من أن سيونكا غير راضٍ بالمطلق عن اداء الجيش النيجيري، إلا أنه يعتقد أيضاً، أنه من غير الأخلاقي ولا المفيد التفاوض مع قتلة. وقال إن «الخيار المتوافر بسيط وجلي فإما يختفي المجتمع، وإما تختفي مجموعة من القتلة الذين يتصرفون خارج حدود سيطرة الدول».

وربما تكون وجهة نظر سيونكا غير ممكنة، على الأقل في الوقت الحالي. وكان متحدث باسم «بوكو حرام» قد أعلن أن الجماعة لن «تفكر في المفاوضات قبل أن تتمكن من تركيع الحكومة». وتبدو أجزاء من الشمال الشرقي في نيجيريا على وشك الانهيار، ومن غير الواضح عما اذا كانت السلطات الفدرالية في البلاد، قادرة على فعل أي شيء يحول دون ذلك. وإذا وقع ذلك فعلاً، فإن «بوكو حرام» ستكون قد سيطرت على إقليم يجاور أربع دول افريقية هي بينين، والنيجر، وتشاد، والكاميرون. وتتميز هذه الدولة بحدود يسهل عبورها، كما أن حكوماتها المركزية ضعيفة. وبناء عليه فإن زعزعة الاستقرار فيها لن يكون أمراً صعباً. وسيكون من السهولة بمكان ربط العديد من أفرع القاعدة في المنطقة مع بعضها بعضا، مثل مالي والجزائر وليبيا والصومال. وتتسم فروع القاعدة في قلب افريقيا بالقوة والحيوية، والنتيجة يمكن أن تكون أصعب مما يفترضه كثيرون.

دويت جيورجيز- مسؤول إثيوبي سابق

تويتر