كلاهما تعرّض لحصار وقصف من حكومات.. واختراقات من جهاديين

مخيم اليرموك على خطى مأساة «نهر البارد»

مخيم اليرموك بعد أن وصلته نيران الصراع السياسي السوري. أ.ف.ب

يقول فلسطينيون في دمشق، منهم مثقفون وكتاب من اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وبينهم الباحث المستقل حمد سعيد الموعد، أن هناك مؤشرات تفيد بأن مخيم اليرموك أكبر مخيم فلسطيني في سورية في طريقه ليواجه مصيراً مماثلاً لمخيم نهر البارد الفلسطيني القريب من مدينة طرابلس شمال لبنان.

وهناك بعض نقاط وأوجه الشبه بين المخيمين، فهما من بين افضل ‬57 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة لهم، وهي سورية ولبنان والأردن، اضافة الى الضفة الغربية، كما أن كلاً منهما تعرض لتوغل مقاتلين وجهاديين سلفيين، حدث هذا في «نهر البارد» في عام ‬2007 بينما دخل مخيم اليرموك هذا العام مقاتلون سلفيون ينتمون الى ‬29 دولة. وفي الحالتين وصفت الحكومتان الأميركية والإسرائيلية ما حدث في المخيمين بأنه أمر مفيد وايجابي، ويصب في ما يمكن وصفه بـ«الفوضى الخلاقة» الذي يعود الفضل في اطلاقه الى وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس.

كما تعرض كل من المخيمين للحصار المحكم والقصف الجوي، في اطار خطة او فكرة لإخلاء اكبر عدد ممكن من اللاجئين الفلسطينيين وبعثرتهم، لتقويض حقهم غير القابل للتصرف او التهميش في العودة الى ارضهم في فلسطين.

وعلى مدى الأسابيع الـ‬10 الأخيرة من القصف المتواصل لمخيم اليرموك، قتل ‬40 فلسطينياً وتم تدمير ‬28 مدرسة وستة مستشفيات و‬15 مسجداً اضافة الى ‬10 سيارات اسعاف للهلال الأحمر الفلسطيني.

وخلال الأسبوع الأخير ارتحل عن المخيم آلاف من سكانه هرباً بحياتهم من القصف، ومنهم من عبر الحدود السورية الى لبنان ومنهم من هام على وجهه في شوارع دمشق وحاراتها ونام على الأرصفة وتحت الاشجار وفي الحدائق تحت المطر وفي ظل برد شديد.

وبغض النظر عن مدى خطورة الدور الذي لعبته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، وقائدها احمد جبريل، في تصعيد القتال في المخيم، فإن شخصيات تسعى بشكل حثيث وعلى مدار الساعة لإنقاذ المخيم وإعادته الي أجواء الأمن والاستقرار من خلال تعهدات للقوات الحكومية السورية والجيش السوري الحر.

وكان لي لقاء مع عضو المكتب السياسي للجبهة، انور رجا، فتابعت معه الموقف حيث يمضي معظم وقته في الرد على اتصالات هاتفية من سكان المخيم واصدار تعليمات الى رجاله بالتحرك هنا وهناك لحل مختلف المشكلات، كما يشارك ممثلون لفصائل فلسطينية اخرى ومن جبهة النصرة وجماعات سلفية اخرى في الجهود الرامية الى انقاذ المخيم وحفظ الأمن والنظام فيه.

وعلى الرغم من مجاهرة كثيرين في مخيم اليرموك بأن جبريل لم يعد شخصاً مرغوباً في وجوده في المخيم، الا انه يمكنه ان يعود اليه في أي لحظة. وتبدو المعلومات صحيحة بشأن استئجار جبريل بضع مئات من الفلسطينيين مقابل ‬150 دولاراً أسبوعياً لكل منهم، ليشكل منهم «لجاناً شعبية للأمن» في «اليرموك» للحفاظ على موقف محايد ومتوازن، وتردد ان بعض هؤلاء يواجه اتهامات بترويج المخدرات وتوزيعها وارتكاب جرائم سرقة وغيرها، وعلى اي حال فإن تلك اللجان قد انهارت واختفت وبدأ اهالي المخيم العودة ليجدوا مسلحين خارجيين ومنهم «عناصر جبهة النصرة » مازالوا فيه. كما يبدو ان التقارير التي تتحدث عن نزاع طائفي مفتوح وصريح في «اليرموك» غير دقيقة، فأهالي المخيم يُجمعون على أن أياً منهم ليس طرفاً في النزاع، ولا يريد ان يتم احتسابه على أي طرف، وانهم يدركون جيداً أن هناك من يحاول استدراجهم للتورط في ما يجري في سورية. وعلى مدى الأشهر الأخيرة فإن ما شهده مخيم اليرموك من احداث عنف كان يحمل رسالة تحذر سكانه من تأييد الحكومة السورية او الثوار المعارضين، وإلا فإن المخيم سينتهي به الأمر الى مصير «نهر البارد» في شمال لبنان.

فرانكلين لامب - محلل وكاتب صحافي أميركي

عن «فورن بوليسي جورنال»

تويتر