الهجوم على حلب يقوّض قاعدة سلطة الأسد

يخشى السوريون ـ الذين يفرون من القتال في حلب ـ احتمال أن يوجه الرئيس بشار الأسد آلته العسكرية نحو المدينة، التي بقيت لفترة طويلة بمعزل عن الانتفاضة المستمرة ضده، منذ 17 شهرا.

ويقول البعض إن قرار الأسد، باستخدام الطائرات الحربية، وطائرات الهليكوبتر، والدبابات، والمدفعية، ضد المعارضة المسلحة، الساعية للسيطرة على حلب، يمكن أن يشكل ضربة قاضية لفرصه في النجاة. وقال نبيل نجار (72 عاما)، ويعمل نجارا، بينما كان يجلس على حشايا في شقة من غرفتين قليلة الأثاث، بمدينة أنطاكيا التركية «لم أتوقع قط أن يفعل الأسد هذا».

وأضاف «حلب هي نهايته، لقد حذره والده (الرئيس الراحل حافظ الأسد)، إذا اردت البقاء في السلطة فعليك أن تكسب حلب، لقد خسرها، والآن بدأ عرشه يتداعى».

وبالنسبة لنجار، فإن معارك الشوارع تعيد إلى ذهنه ذكرى حملة عسكرية، شنها الأسد الأب قبل نحو 30 عاما، لسحق انتفاضة مسلحة قامت بها جماعة «الإخوان المسلمين» في حماة وحلب. وقتل الآلاف كما سوي الحي القديم في حلب بأكمله بالأرض. وربما أغضب الأسد الابن الآن الكثيرين من سكان حلب، البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة، لكن الصراع للسيطرة على المدينة الكبيرة يبدو أبعد ما يكون عن نهايته. وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إيرفيه لادسو «كان التركيز قبل نحو أسبوعين على دمشق، التركيز منصبّ الآن على حلب، حيث يوجد حشد كبير للعتاد العسكري، وحيث نرى مبررا للاعتقاد أن المعركة الرئيسة توشك أن تبدأ».

ويصعب على اللاجئين السوريين ـ الذين يقيمون بشقق رخيصة في حي حاجي عمر في أنطاكيا، إلى جانب أتراك من أصل عربي ـ تصور أن الحرب التي أطبقت فجأة على مدينتهم التجارية القديمة، يمكن أن تكون أسوأ مما هي عليه.

وعلاوة على الغضب، هناك شعور بالصدمة الشديدة، بسبب العقاب الذي تلقاه حلب، المركز الاقتصادي بسورية، والتي طالما اعتبرت معقلا للولاء لحكم الأسد.

وتذكّر بعض اللاجئين عندما قضى الأسد أسبوعين في حلب، قبل بدء الانتفاضة في مارس ،2011 لمعالجة الاستياء المحلي. وأقال الأسد في ذلك الحين المجلس المحلي، الذي كان مكروها لفساده، ووعد بتلبية المطالب بتحسين الخدمات.

وعندما اندلعت التظاهرات المناهضة للأسد، في أنحاء البلاد، ظلت حلب هادئة حيث كانت عائلاتها التجارية السنية الثرية لاتزال تشعر بارتياح، مع نظام يهيمن عليه العلويون، سمح لهم بالازدهار أكثر مما يحيط بالتغيير من غموض. وبقي التأييد للأسد، باعتباره ضامنا للاستقرار، قويا بين سنة حلب وأقليتها المسيحية، حتى عندما سعت قوات الأمن لسحق احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في مدن أخرى، مثل درعا وحماة وحمص. وجندت السلطات الآلاف من رجال ميليشيا الشبيحة، الموالية للأسد في حلب، لمواجهة الاحتجاجات وسحق المعارضة.

وبعد شهور، وعندما بدأ معارضو الأسد حمل السلاح، وبدأ الجيش قصف المدن المعارضة، كان الكثيرون في حلب لايزالون يشككون في التقارير بشأن القمع.

وقال عمر جليل (50 عاما)، وهو سباك لايزال مصدوما من القصف العنيف، الذي أفلت منه لتوه «نحن في حلب لم نصدق هذا، إلا عندما شاهدناه بعيوننا».

وأضاف في أنطاكيا «الجميع ضد الأسد الآن». وفي حين كانت حلب على هامش الانتفاضة، ضد أربعة عقود من حكم أسرة الأسد، كان التوتر يتصاعد، وقوبلت الاحتجاجات المتفرقة للمعارضة برد قاس. وقتلت قوات الأمن بالرصاص عشرات المتظاهرين في حلب هذا العام، ما أضعف التحالف الذي كان قائما بحكم الأمر الواقع بين الطبقة التجارية في المدينة ونظام حكم الأسد. لكن كان المقاتلون من الريف هم الذين أقحموا حلب في الصراع، عندما حاولوا السيطرة على المدينة في 24 يوليو الماضي.

والأحياء، التي كانت في السابق تجارية وتعج بالناس، باتت ساحات معارك الآن، حيث يحتمي المعارضون بالمباني المهجورة، أو يديرون نقاط تفتيش، وسط قلة من السكان بقوا هناك يهيمن عليهم الخوف.

تويتر