المصريون يطالبون باستعــادة سيادتهم من إسرائيل

«كامب ديــفيد» في خطر بعد فسخ عقد الغاز

خط الغاز الممتد من مصر إلى إسرائيل تعرض إلى14 عملية تفجير خلال 12 شهراً. رويترز

يطالب المصريون باستعادة سيادتهم التي تنازلوا عنها لإسرائيل، وفقاً لاستطلاع رأي تم تنظيمه قبل فترة قصيرة، بسبب اثنين من الرؤساء الطغاة الذين أعقبوا الرئيس المصري السابق، جمال عبد الناصر (أنور السادات وحسني مبارك) بضغوط من الإدارات الاميركية بدءاً من إدارة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون وانتهاء بإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ويعتبر المصريون أن إزالة ثلاثة قيود من المهانة - تتمثل في تصدير الغاز لإسرائيل واتفاقية كامب ديفيد عام 1979 والاعتراف القسري بدولة إسرائيل - هدف أمني استراتيجي لجميع أفراد الشعب المصري البالغ تعداده 82 مليون نسمة.

ويعارض 73٪ ممن شملهم الاستفتاء الذي تم تنظيمه لمصلحة «برس تي في»، ونشرت نتائجه في الثالث من اكتوبر الماضي نصوص الاتفاقية، وتصل نسبة هؤلاء المعارضين اليوم الى 90٪.

وخلال الاعوام الثمانية الماضية عارض قطاع عريض من الشعب المصري اتفاقية الغاز الموقعة عام ،2004 إذ ان احدى التهم الحالية الموجهة لمبارك تتمثل في انه باع الغاز الى اسرائيل جزءاً من صفقة لاسترضاء أفراد عائلته والملتفين حوله والمسؤولين الاسرائيليين.

وفي تصريح لوكالة الانباء الفرنسية (أ.ف.ب) الاسبوع الماضي، أكد مدير شركة الغاز الطبيعي المصرية المملوكة للدولة، محمد صهيب، ان اتفاقية الغاز «تم فسخها مع شركة غاز شرق المتوسط الاسرائيلية، لأنها فشلت في الالتزام بالشروط المنصوص عليها في الاتفاق».

ومنذ ان تم إسقاط مبارك وبدأت وكالاته الشرطية الـ14 تفقد بعضاً من وجودها الطاغي تعرض خط الغاز الممتد الى اسرائيل إلى 14 عملية تفجير خلال 12 شهراً، الامر الذي ادى الى تقليص الغاز االمصدر الى اسرائيل بنسبة 40٪ حيث يتم استخدامه هناك لتوليد الطاقة الكهربائية.

وخلال الانتخابات البرلمانية، وايضا خلال الانتخابات الرئاسية الحالية دخل المصريون في جدال مستفيض مع بعضهم بعضاً بشأن علاقتهم «الودية» مع اسرائيل. وكان مبارك يمثل في الماضي الدرع الحامية لإسرائيل، وتجاهل مطالب شعبه المتمثلة في رغبتهم في المساندة لتحرير فلسطين.

في أواخر يناير 2012 أوجز طالب بجامعة الاسكندرية أمام مجموعة صغيرة من الاميركيين والاوروبيين كانوا يجلسون على المقاعد المقابلة للمكتبة الكبيرة، مسترجعاً ومردداً مطالب احتجاجات ميدان التحرير في 25 يناير ،2011 بقوله «كانت شعاراتنا في ميدان التحرير هي الخبز والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكان ذلك قبل عام مضى، وإن شاء الله سنحقق قريباً مطالب ثورتنا التاريخية والتي تشتمل على إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، وسحب اعترافنا بالنظام الصهيوني الذي لايزال يحتل فلسطين، وينبغي ان تقود مصر مرة أخرى الامة العربية لتحقيق التزاماتها المتمثلة في تحرير كامل تراب فلسطين من النهر الى البحر».

إحدى الطالبات المحجبات واصلت خيط الحوار موضحة وجهة نظرها، وتقول «اشترت الولايات المتحدة بعضاً من قادتنا بالمليارات لكن من دون أي نفع حقيقي لنا نحن أبناء الشعب، ان اتفاقية كامب ديفيد هي عبارة عن اتفاقية خاصة بين السادات ومن بعده مبارك، ولم يكن لأبناء شعبنا رأي فيها ولم يسألنا احد ما إذا كنا نوافق عليها، واذا احتججنا عليها نتعرض للسجن او للاسوء، والآن استعاد الشعب المصري قوته على الرغم من انقلاب عسكري محتمل من قبل المجلس العسكري قبل حلول انتخابات يونيو المقبل».

ويدعي كل من المسؤولين الإسرائيليين واللوبي الأميركي الصهيوني أن الغاء اتفاقية الغاز يترتب عليها «تهديد وجودي».

ويقول أحد الباحثين العاملين في خدمة بحوث الكونغرس بمبنى ماديسون في «كابيتول هيل»، والذي يتمثل عمله في متابعة الادعاءات الاسرائيلية إنه «التهديد الوجودي» رقم 29 الذي يدعيه الاستعمار الصهيوني خلال 64 عاماً من وجوده. وأضاف أن هذه الادعاءات بتهديد الوجود تراوح «بدءاً من حق العودة المعترف به للفلسطينيين المهجرين من ديارهم خلال أو منذ النكبة في العام ،1948 وأكثر من 10 قرارات صادرة عن الامم المتحدة بما فيها القراران 194 و،242 وتحييد (حزب الله)، ومشروعات حركة التضامن الدولية، وواحد او اثنين من الاكاديميين اليهود، إيران بالتأكيد، وظهور التدوين على الانترنت، ويحتمل أي مسيحي عربي ومسلم على كوكب الارض، ولا ننس الادعاء بتصاعد الشعور العالمي المعادي للصهيونية والذي أجازه قبل فترة قصيرة اللوبي الصهيوني الاميركي وهو الوجه الآخر لمعاداة السامية».

وعلى الرغم من جميع هذه «التهديدات الوجودية» والتي تشمل أيضاً ما يطلق عليه خطة «خريطة الطريق»، مضى القادة الاسرائيليون في رفضهم الدخول في أي مفاوضات اساسية تهدف الى «اتحاد العرب واليهود» في أرض فلسطين كدولة ديمقراطية علمانية واحدة على اساس «شخص واحد.. صوت واحد».

وحذر وزير المالية الاسرائيلي، يوفال شتاينتس من ان الجدال الذي يدور بين المصريين حول علاقة بلادهم مع اسرائيل يعتبر «سابقة خطيرة تهدد اتفاقيات السلام بين اسرائيل ومصر».

وتقول شركة «امبال» التي تشتري الغاز إنها تعتبر ان انهاء العقد «غير قانوني وتم بسوء نية»، وتطالب بإعادته بالكامل، وتريد الشركة اللجوء للتحكيم الدولي من أجل إنصافها، وتعتزم ارسال وفد من المؤسسة الى واشنطن للالتقاء بلجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك) ومسؤولي الادارة الاميركية ليطالبوهم بالسعي لإبطال هذه الخطوة المصرية، واجبار مصر على الاستمرار في بيع غازها الطبيعي بأقل من سعر السوق.

أحد أعضاء الكونغرس أطلق طرفة في رسالة الكترونية تقول إن الشركات الاسرائيلية استطاعت ان تحصل على خدمات من الكونغرس أفضل مما تحصل عليه الشركات الاميركية من الكونغرس نفسه او حتى الناخبين الذين ينتخبون أعضاء الكونغرس.

كتب المحلل السياسي الاسرائيلي، اسرائيل حايوم، الاسبوع الماضي «ان النتيجة المرة لانهيار اتفاقية الغاز مع مصر هو أننا عدنا الى الوراء لأيام ما قبل اتفاقية السلام مع مصر، وان الافق أمامنا لا يبدو وردياً على الاطلاق، إذ إن اتفاقية كامب ديفيد على مرمى الهاون، وان النهاية المؤلمة تتمثل في أنه لم يعد لدينا أصدقاء حميمون في المنطقة، بالتأكيد ليس على المدى البعيد».

ويقول رئيس منظمة مناهضة التشهير ضد اليهودية، أبراهام فوكسمان ان «إسرائيل منحت مصر الكثير مقابل اتفاقية كامب ديفيد للسلام، اكثر مما حصلنا عليه، ومن بين اشياء أخرى فهناك نطاق التجارة الحرة، والذي استطعنا ان نؤسس فيه ورشاً للخياطة وصناعة للنسيج المصري لكي تستطيع مصر بسهولة تصدير منتجاتها القطنية الرخيصة والبضائع الاخرى للأسواق الاميركية والاسرائيلية، لقد جعلنا المصريين شعبا محترما في عيون الشعب الاميركي، فهل هذا جزاؤنا؟».

بدأت «ايباك» توزيع مشروع قرار هذا الاسبوع لمؤيديها في الكونغرس الاميركي يحث الكونغرس على إدانة الغاء اتفاقية الغاز والمطالبة بتجديد الاتفاقية في الحال تحت التهديد بقطع المساعدات الاميركية لمصر، وبدأ اللوبي ايضاً الضغط على ادارة اوباما مهدداً بقطع التبرعات اليهودية اذا لم تفعل شيئاً في اقناع مصر لكي «تكون واقعية»، حسب عبارات الصهيوني المتشدد، والنائب الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب هوارد بيرمان.

ويعكس الواقع السياسي ان الدبلوماسيين الاميركيين، والايباك، والمسؤولين الاسرائيليين، والذين يصعب التفريق بينهم في بعض الاحيان، كانوا يتوقعون خرقاً في العلاقات بين مصر واسرائيل منذ التظاهرات الاخيرة في ميدان التحرير الربيع الماضي، ويخشون ان تصبح اتفاقية كامب ديفيد والسفارة الاسرائيلية في القاهرة الضحية التالية بعد انهيار العلاقات.

وفي ما يتعلق بالإغلاق المتوقع للسفارة الاسرائيلية في مصر، تقول صحيفة «يديعوت احرنوت» الإسرائلية «أمامنا الآن تدهور سريع في العلاقات، لن تستطيع اسرائيل ان تضع قدمها مرة اخرى على الاراضي المصرية، ولن يصبح لدى القنصلية المصرية في تل ابيب أي تفويض لإصدار تأشيرات دخول، أي اجنبي يصر على السفر الى مصر من اسرائيل من المتوقع ان يقع في مشكلات، فقد ينضم اسمه لقائمة الجواسيس وعملاء الموساد، انهم لا يرغبون فينا، هكذا بسهولة سيتعرض الاسرائيليون للمخاطر الآن في مصر».

ويقول مارك ريغيف المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو «ليس هناك احد يستطيع أن يؤجر مبنى للسفارة الاسرائيلية في القاهرة او لطاقم السفارة الصغير الذي يترأسه السفير، ياكوف اميتاي، وبسبب اعتبارات أمنية فقد قلصنا من عملهم الأسبوعي، ويصل الطاقم جوا بعد ظهر كل اثنين ويغادر كل يوم خميس باكراً، وفي كل مرة يتغير عنوان السفارة وبثمن باهظ، ونعتقد أنه من الانسب أن يظل الدبلوماسيون الإسرائيليون في القدس الى ان يتم انتخاب الرئيس المصري الجديد ثم لننظر ما نحن فاعلون».

فرانكلين لامب - مدير مؤسسة الأميركيين المهتمين بالسلام

تويتر