عدد منها يحاول كسب قلوب الناخبين بوعود تقديم الأموال وتوفير المأكل والمشـــــرب

أحزاب تونسية تتنافس على أصـوات الفقراء

تونسيان يتابعان ملصقات انتخابية. أ.ف.ب

تسعى أحزاب سياسية تونسية إلى تركيز حملاتها الانتخابية في المناطق والأحياء الفقيرة من أجل نيل أصوات سكانها للفوز في أول انتخابات تنظم بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وقامت أحزاب تشارك في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، المقرر تنظيمها في 23 من أكتوبر الجاري، بزيارات ميدانية للقرى التي تعاني الفقر و«التهميش»، في محاولة منها لنيل أصوات الفقراء.

وقال مواطن تونسي يقطن في قرية نبر التابعة لولاية الكاف (شمال غرب العاصمة تونس) إن «المترشحين للانتخابات من الأحزاب زاروا (قريتنا) للتعريف ببرامجهم، وقدموا لنا الوعود بتخفيف معاناتنا». وأضاف «أننا نعتقد أنهم (الأحزاب) يشبهون التجمع»، في إشارة إلى حزب بن علي المنحل في طريقة تعامله مع مشكلات المواطنين التونسيين.

من جهته، قال مواطن تونسي يدعى كريم، إن الأحزاب السياسية الحالية «ركبت على ظهر الشعب وثورته»، مضيفاً «هي تريد الأصوات للجلوس على الكرسي فقط».

ويقول مواطنون تونسيون إن أحزاباً سياسية تونسية تعمل على تقديم «رشوة»، للمواطنين في مناطق مختلفة من أجل كسب أصوات الناخبين، عبر وعود بصرف منح مالية وتوفير احتياجاتهم من مأكل ومشرب.

من جهتها، قالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات «إنها لم تسجل خروقات كبيرة في الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية»، التي يبلغ عددها نحو 111 حزباً.

واستحوذت موضوعات الفقر والبطالة والتنمية�الشاملة حيزاً مهماً من برامج الأحزاب والمستقلين المترشحين للانتخابات، حيث يقول برنامج حزب المجد التونسي (تأسس بعد الثورة) إن برنامجه الاقتصادي والاجتماعي سيعمل على تحقيق بنود من ضمنها «خلق توازن محلي وتأمين العدالة الاجتماعية والتركيز خاصة على الجهات والمناطق والأحياء والفئات المحرومة والمهمشة».

وتعهد الحزب الديمقراطي التقدمي (تأسس عام 1988) في برنامجه الانتخابي على «النهوض بالمناطق الداخلية، وإقرار خطط عاجلة لتنميتها، وعلى إرساء مجالس محلية منتخبة تتعهد مصيرها بنفسها».

أما حزب العمال الشيوعي التونسي (تأسس عام 1986) فقال في برنامجه إن «الديمقراطية السياسية لا معنى لها دون ديمقراطية اجتماعية، وقد ثار الشعب التونسي ضد الفقر والبطالة والتهميش والاستغلال والفساد والتفاوت المحلي ورفع شعارات العدالة الاجتماعية». وقال الائتلاف الديمقراطي المستقل (تأسس بعد الثورة)، الذي يتزعمه المنشق عن حركة النهضة الإسلامية عبدالفتاح مورو، إنه «سيناضل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين، واحترام المكاسب التي تحققت لفائدة الأسرة التونسية عبر قانون الأحوال الشخصية».

أما رسمياً فقد، قال مدير عام النهوض الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية محمد الزريبي، لـ«الإمارات اليوم» إن الحكومة التونسية أقرت تعديلاً على الميزانية لسنة 2011 بتحويل ما يقارب 80٪ منها لفائدة المناطق الداخلية الأكثر فقراً ونقصاً على مستوى البنية التحتية.

وأضاف الزريبي أن «التعديل الذي أدخل على الميزانية من شأنه أن يعيد الثقة إلى الفئات الفقيرة والفئات التي تعاني البطالة»، في الولايات الداخلية التونسية.

ويقول مسؤولون تونسيون إن حكومة بن علي قامت بتخصيص نحو 80٪ من ميزانية العام الجاري لمصلحة المناطق الساحلية التي تعتبر أكثر تطوراً على صعيد البنية التحتية والمرافق العامة، بينما قامت بـ«تهميش» المناطق الداخلية التي تعاني الفقر. وكشف الزريبي أن حجم الإنفاق الحكومي على التحويلات الاجتماعية الخاصة بدعم احتياجات المواطنين التونسيين للعام الجاري بلغت نحو 11.5 مليار دينار (8.156 مليارات دولار ) وهو ما يمثل نحو 19٪ من الناتج المحلي الخام.

جدل حول نسبة الفقر

أثير في تونس ما بعد ثورة 14 يناير جدل بين المؤسسات الحكومية حول آلية تحديد نسبة الفقر، في أول بلد عربي يخلع حاكمه بانتفاضة شعبية عارمة جراء «الفساد المالي والسياسي»، خصوصاً أن اتهامات عدة وجهت لنظام بن علي بالعمل على إخفاء نسب الفقر الحقيقية.

وتقول وزارة التخطيط التونسية التي تشرف على المعهد الوطني للإحصاء إن الفقر المتقطع في تونس تبلغ نسبته نحو 3.8٪، وإن نسبة الفقر النسبي تصل إلى نحو 11.5٪. وأظهرت إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية التي نشرت عقب ثورة يناير أن نسبة الفقر تبلغ نحو 24.7٪، أي أن ربع السكان البالغ تعدادهم نحو 10 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

وقال الزريبي إن ثورة 14 يناير كشفت واقعاً اجتماعياً «جديداً» في تونس يتميز بنسب بطالة عالية بين حاملي الشهادات العلمية العليا، ووضعاً اجتماعياً يتسم بالحاجة والفقر بالنسبة لعدد الشرائح الاجتماعية.

وأوضح أنه قبل انطلاق الثورة بأيام قليلة وصل عدد العائلات الفقيرة التي تتمتع بمنح من الدولة إلى نحو 150 ألف أسرة تونسية، مشيراً إلى أنه وقع تمكين نحوالي 50 ألف عائلة جديدة بمنحة الدولة المقدمة للأسر المعوزة.

وخصصت الحكومة التونسية المؤقتة 170 مليون دينار تونسي (أي ما يعادل 122 مليون دولار) لفائدة 185 ألف أسرة فقيرة تونسية في إطار الإجراءات العاجلة التي أقرتها بعد الثورة.

تويتر