عانوا القمع الوحشي في العصر المنشوري وفترتي الشيوعية والثورة الثقافية

الصين.. 100 مليون مسلم ينتــمون إلى 10 قوميات

صورة

تعود صلة الصين بالإسلام والمسلمين الى عصر الخلفاء الراشدين، حيث توالت عليها البعثات مع اتساع رقعة الفتوحات الإسلامية في آسيا، ووصلت التخوم الغربية للصين، ومن ابرز قادة المسلمين الذين وصلوا اليها قتيبة بن مسلم الباهلي، وكان لقوافل التجارة، بينها وبين مناطق غرب آسيا، أكبر الأثر وساعدت على انتشار الإسلام في الصين، حيث عرف طريق هذه القوافل بين التجار بـ«طريق الحرير».

مسلمو المهجر.. عواصف معاكسة وتشبث بالهوية

تشكل التجربة الاغترابية لملايين المسلمين في بلدان أجنبية تحدياً صعباً، وسط مخاطر الذوبان من جهة، وممارسات التمييز و«الإسلاموفوبيا» من جهة أخرى. وبقدر ما كانت أحداث 11 سبتمبر سلبية في بعض تأثيراتها فيهم، لجهة صعود اليمين المتطرف، وتعرضهم لمضايقات أحياناً، لعبت التطورات ذاتها دوراً إيجابياً في لفت الأنظار إليهم ووضعهم تحت «الميكروسكوب»، ما مكنهم من توصيل صوتهم السياسي، وانتزاع مكتسبات مهمة في تاريخ وجودهم.

وفي ظل العولمة المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، وتأكيداً لعدم وجود انفصام بين أبناء الرابطة الإسلامية، يصبح وضع هذه التجمعات في بلدان المهجر شأناً لايهم أبناءها فقط، بل يهم كل القوى الحية في كل المجتمعات، وعلى رأسها أبناء المشرق العربي والإسلامي، لهذا تتكفل هذه الحلقات بإلقاء الضوء على هذه التجمعات وحجمها وتاريخها في البلدان المختلفة. كما تتابع تطور أشكال تعبيرها عن نفسها في السنوات الأخيرة، ومواجهاتها محاولات تطويقها أو تهميشها.

وفي عصر حكم أسرتي تانغ وسونغ، الذي تزامن مع عصر الحكم الأموي، أطلق الصينيون اسم «التاشي» على البعثات الإسلامية، وأضيف إليها اسم «أصحاب الملابس البيضاء»، ثم اطلقوا على المسلمين اسم «أصحاب الملابس السوداء» خلال الحكم العباسي، وفي عصر الحكم المغولي، الذي بلغ اوجه في القرنين الـ12 والـ13 الميلاديين، عاش المسلمون في الصين نهضة كبيرة وسريعة وظهرت الفنون الإسلامية في الفن المعماري الصيني، وزاد نفوذهم ليتقلدوا مناصب رفيعة. وتنتشر في الصين الداخلية قبائل هان التي تعتنق: الكونفوشية والطاوية والبوذية ماهايانا، بينما تنتشر في المناطق الأخرى التي تسمى الصين الخارجية ديانتا البوذية اللامية والإسلام

المسلمون

الصين دولة متعددة القوميات، وفيها نحو 56 قومية منها قومية «هان» التي يشكل أبناؤها 91٪ من مجمل عدد السكان، وتعد لغتها اللغة الرسمية المستخدمة في البلاد كلها، بينما تمثل القوميات المتبقية وعلى كثرتها 9٪. وينتمي المسلمون الصينيون، الذين يزيد عددهم حالياً على 100 مليون نسمة، الى 10 قوميات هي: هوي من الصينيين، والأوزبك من الأتراك، ودونغشيانغ من المغول، وسالار من الأتراك، وباوان من المغول، والايغور من الأتراك، إضافة إلى القازاق، والقيرقيز، والتتار، والطاجيك. ويتركز الوجود الإسلامي في المقاطعات الغربية ومنها شنغهاي، كانسو، يونان، شانسي، نان تشا، سيشوان وفي المقاطعات الجنوبية ومنها كوانغ دونغ، كوانغ شي، هونان، هو بي. ولاحظ المؤرخون انه باستثناء القوميات ذات الأصل الصيني فإن جميع القوميات تسكن في اوطانها الأصلية، وتم ضمها الى الصين، إما بقرار سياسي او عن طريق الغزو العسكري المباشر.

أحداث سبتمبر

بعد أحداث 11 سبتمبر ،2001 وعلى الرغم من علاقاته المتوترة وذات الطابع التنافسي مع الولايات المتحدة، تعاون النظام الصيني معها وشن حملة مطاردة للاستقلاليين المسلمين الإيغور، وتمكن من جلب بعض الناشطين الإيغور، خصوصاً من باكستان وكازاخستان وقيرغيزستان في إطار ما يسمى الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، وعلى الرغم من المطاردة الصينية ظلت بعض التنظيمات السرية تنشط داخل البلاد منها الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية التي تتهمها بكين بتنفيذ سلسلة انفجارات في إقليم سنغ يانغ، وشباب تركستان الشرقية. وفي سبتمبر 2004 قام الإيغور بتأسيس حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف، كما تمت صياغة الدستور.

تراجع ومجازر

تغيرت أوضاع المسلمين في العصر المنشوري، الذي استمر قرابة ثلاثة قرون، وكان عهد استبداد لجهل الموظفين المنشوريين بعادات المسلمين وثقافتهم، وظهرت انتفاضات عدة في شمال الصين، وفي ولاية يونان، وراح فيها آلاف المسلمين الذين تعرضوا لممارسات وحشية وصفها مراقبون بالمجازر، حتى عام 1911 حينما اعلن قيام الحكم الجمهوري حيث نال المسلمون معظم حقوقهم، لكن شوائب عديدة أدخلت على العقيدة الإسلامية. وقد ساند عدد كبير من أبناء المسلمين في الصين فكرة تأسيس الجمهورية بقيادة صن يات صن، وانتموا للحزب الوطني الحاكم (الكومين تان) وتم تعيين حكام مسلمين على أجزاء عدة ذات اغلبية، ومنحها أشكالاً واسعة من الحكم الذاتي. وحينما تكالبت القوى الكبرى في ذلك الوقت، مثل اليابان وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا الشيوعية، على الصين، تقطعت اوصالها واصابها الضعف وتفشى الفقر بسبب الإنفاق على الحروب ضد اليابان، ما دفع الصينيين البسطاء الى الايمان بالفكر الشيوعي للتخلص من الفقر والقضاء على الطبقية والرأسمالية. وتحالف الجمهوريون والشيوعيون ضد اليابانيين، وبعد سقوط الجمهورية واستيلاء الشيوعيين على مقاليد السلطة، وهروب صن يات صن الى جزيرة تايوان، تم اعدام وسجن وتعذيب الغالبية العظمى من قيادات المسلمين، وهدمت مساجدهم وأهينوا في دينهم انتقاماً لعدم وقوفهم مع الحزب الشيوعي.

ممارسات الشيوعيين

بعد استيلاء الشيوعيين بقيادة ماوتسي تونغ على السلطة عام ،1949 عمدوا الى مهادنة المسلمين بادئ الأمر عرفاناً منهم بمساعدتهم لهم ومشاركتهم المعاناة أثناء الحرب الأهلية، ومُنح الحكم الذاتي للمسلمين في العديد المقاطعات، وتبين لاحقاً انه شكلي الى حد كبير، وفُرض نظام الزواج المدني والشيوعي على المسلمين، ونظام المعيشة المشتركة، وصودرت أملاك الأوقاف الإسلامية، وأحرقت الكتب الإسلامية، واعتقل علماء الدين وفر العديد منهم إلى الخارج.

وفي الفترة الممتدة حتى 1958 تزايد قلق العالم العربي والإسلامي ازاء اوضاع المسلمين في الصين، فحاولت السلطة الشيوعية الحاكمة استرضاء العالم الإسلامي، فظهرت الجمعية الإسلامية الصينية الشعبية عام 1953 جمعيةً وحيدةً تمثل المسلمين شكلاً وليس موضوعاً، وفي بين عامي 1958 و1966 قام الشيوعيون بممارسات واعمال مسّت مشاعر المسلمين، وأُرغمت اعداد كبيرة على العمل في نظام الكميونات، الذي يشمل المزارع والمصانع الجماعية. كما ظهرت في الصحف الصينية مقالات تهاجم العدد الكبير من المساجد، وأدى هذا إلى عرقلة المسلمين وتعطيلهم عن القيام بشعائر دينهم.

ومن العام 1966 الى ،1976 وهي مرحلة الثورة الثقافية، كانت الفترة الأكثر عنفاً ضد المسلمين الصينيين، وتعرضوا للقمع الوحشي تحت شعار «حملة تحديد النسل» كما تم ضرب رجال الدين والشيوخ في الشوارع، واقتحمت البيوت وصودرت المصاحف والكتب الدينية لتحرق علانية، وأغلقت المساجد، وتم تحويل بعضها الى ورش ومخازن، وألغيت العطلات الإسلامية، وتم ارغام المسلمات على الزواج من الصينيين، ومن ابرز الشعارات المناهضة للإسلام والمسلمين التي رفعت ابان الثورة الثقافية «الغوا تعاليم القرآن وتعليمه».

ثورة غولجا 1997: حيث قتلت قوات الأمن والجيش الصينية الآلاف من المسلمين الذين تظاهروا احتجاجاً على ما يتعرضون له من قمع وتضييق، حيث عمت المظاهرات مختلف مناطق تركستان الشرقية واستمرت لأسابيع.

انتفاضة يوليو 2010: حيث عمت الاحتجاجات مختلف ارجاء تركستان الشرقية التي تعرف بإقليم سينغ يانغ، وجرت مصادمات دموية بين المتظاهرين المسلمين وقوات الأمن والجيش الصينية، وراح ضحيتها العشرات بينما اتهمت حكومة بكين رئيسة المؤتمر العالمي للمسلمين الايغور ربيعة قدير بتدبير الاحتجاجات وقيادتها، قائلة انها تتلقى دعماً خارجياً.

جمعيات إسلامية

1- جمعية التقدم الإسلامي.

2-جمعية الأدب الإسلامي في الصين.

3-الجمعية الاتحادية لعموم الصين.

4-الجمعية الإسلامية في الصين.

انفتاح طفيف

بعد فترة صراع على السلطة بين الشيوعيين، بعد وفاة ماوتسي تونغ، بدأت في عام 1979 خطوات انفتاح من جانب الحزب والحكومة، وصدر قانون ينص على عدم انتهاك خصوصيات الأقليات القومية وعاداتها، واستئناف بعثات الحج، وإعادة فتح المساجد المغلقة التي بلغ عددها آلافاً وإعادة العطلات الإسلامية، وسمحت الحكومة بدخول أعداد من المصاحف من الدول العربية، وقد اجمع محللون على ان الانفتاح الرسمي على المسلمين الصينيين، الذي تزايد بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين انما يرتبط بشكل حيوي ووثيق بالتوسع الكبير في علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الصين وبلدان العالمين العربي والاسلامي، وما يتضمنه ذلك من زيادة كبيرة في الاستثمارات، ما يعكس حرص بكين على استرضاء هذه البلدان وعدم استفزازها في مشاعرها وعقيدتها.

الإيغور

تعد هذه العرقية المنحدرة من الأتراك أهم أعراق المسلمين في الصين، وتتركز كثافتها السكانية في منطقة سنغ يانغ التي كانت تسمى تركستان الشرقية، وتشكل سدس المساحة الإجمالية للصين، والإيغور هم السكان الأصليون لهذه المنطقة، اما تركستان الغربية فتضم كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا وتركمانستان وطاجيكستان. ويتحدث الإيغور اللغة الإيغورية، وهي من اللغات التركية القديمة، ويستخدمون الأحرف العربية في الكتابة. واعتنق الإيغور الإسلام منذ القرن العاشر الميلادي، حيث كانوا قبل ذلك على ديانات ومعتقدات مختلفة، اهمها المسيحية والبوذية والزرادشتية، وقبل استقرارهم في تركستان الشرقية كانوا قبائل متنقلة تعيش في منغوليا، وقد وصلوا إلى هذه المنطقة بعد سيطرتهم على القبائل المغولية. ويقدر عدد الإيغور حسب إحصاء سنة 2003 بنحو 8.5 ملايين نسمة، يعيش 99٪ منهم داخل إقليم سنغ يانغ، ويتوزع الباقون بين كازاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا وأستراليا وتايوان والسعودية. وقد أسهم الإيغور في اثراء الثقافة الصينية بالكثير من المؤلفات والكتب والموسيقى والفنون، ولعل من أبرزها الألعاب البهلوانية «فنون السيرك» التي برع فيها الصينيون، واتخذت علاقاتهم مع الصينيين طابع الكر والفر إذ تمكنوا من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة على مدى نحو 10 قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام ،1759 ثم عام 1876 قبل أن تلحق نهائيا عام 1950 بالصين الشيوعية. وخلال هذه المدة قام الإيغور بثورات عدة نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و،1944 لكنها سرعان ما انهارت أمام غزو الصينيين وقمعهم، حيث أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم ودفعوا إليه بالحشود الضخمة من قومية «الهان» التي اوشكت ان تصبح أغلبية على حساب الإيغور السكان الأصليين.

شخصيات إيغورية

ستوك بغراخان خاقان: الذي أسلم بإسلامه 200 الف عائلة ايغورية تركية.

عبدالنياز بك: قائد جيش المسلمين الذي هُزم امام الصينيين عام .1937

مسعود صبري: رئيس حكومة تركستان الشرقية .1946

محمد امين بوغرا، وعيسى يوسف البتكين: وهما من قادة المسلمين الذين قاموا بنشاط إسلامي متنوع أغضب السلطات الصينية عام .1962

ربيعة قدير: رئيسة مؤتمر الإيغور العالمي حالياً.

عن: موقع «تركستان ويب» موقع «إيغور ويب» موقع «إخوان واي أون لاين»

تويتر