أكّدوا أن توصياتهم تتمتع بكل الصدقية بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة

«شركاء غولدستون»يرفضون التراجع عن تقريرهم

واحدة من القنابل الفوسفورية التي استخدمتها إسرائيل ضد المدنيين في غزة. أ.ف.ب

رفض المحققون الدوليون الثلاثة الذين شاركوا القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون في وضع التقرير الخاص للامم المتحدة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2088 ـ ،2009 تراجع رئيسهم وزميلهم الأخير عن الاتهامات التي تضمنها التقرير لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الانسانية في تلك الحرب.

وسلم المحققون الثلاثة، وهم المحامية والناشطة الباكستانية هانا جيلاني، وأستاذة القانون الدولي في كلية لندن للاقتصاد كريستين تشينكن، والعسكري الايرلندي السابق في قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة أوديزموند تريفيز، بيانا لصحيفة «الغارديان» البريطانية، كسروا فيه حاجز صمتهم إزاء التصريحات الأخيرة لغولدستون التي تراجع فيها عن الاتهامات التي تضمنها التقرير لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين، ورفضوا ما جاء في مقاله بهذا الشأن، والذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية واتهموه بتشويه الحقائق بغرض إلقاء ظلال من الشك على صدقية ما جاء في التقرير، الذي تم إعداده بشكل جماعي عن حرب غزة، والذي اصبح منذ اعتماده وثيقة رسمية لدى الأمم المتحدة.

وانتقد البيان المشترك للثلاثة غولدستون للتغيير الكبير الذي قالوا إنه طرأ على موقفه من محتويات التقرير، والذي تمت المصادقة عليه من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها أواخر ،2009 وقالوا إن المواقف الأخيرة لغولدستون استهدفت النيل من صدقية تلك المحتويات، وإنه ليس هناك أى مبرر، ولم تطرأ أي تطورات على مهمة بعثة تقصي الحقائق تستدعي إجراء أي تعديل أو تغيير في مضمون التقرير.

وتضمن التقرير نتائج وخلاصات توصل إليها اعضاء البعثة، بعد البحث والتمحيص والاستماع الى الإفادات من المعنيين، ومعلومات من مصادر مستقلة وموضوعية على صلة وثيقة بتفاصيل الحرب ومجرياتها.

وقالوا في بيانهم «نتمسك مجددا بما جاء في هذه التوصيات، والنتائج التي تتمتع بكل الصدقية»، مشيرين الى ان التفويض الممنوح للبعثة لم يتضمن اتخاذ اجراءات قضائية، لكن التقرير والبعثة جزء من عملية البحث عن الحقيقة، والتي يجب ان تؤدي الى عملية قضائية فعالة ذات إجراءات عملية.

وأضافوا ان التقرير يقدم للأطراف المعنية الأسس والقواعد، لفتح تحقيقات شاملة، لمعرفة ملابسات ما حدث وجمع الأدلة المطلوبة، من وجهة نظر القانون الدولي.

وفي ما يتعلق بما جرى في قطاع غزة، أعرب المحققون الثلاثة عن اعتقادهم أن الطرفين المتحاربين يتحملان مسؤولية ما حدث، وأن عليهما البحث عن ادلة ومعلومات منطقية ومقنعة لتبرير ما يدعيانه من مواقف تتعارض مع ما توصلت إليه البعثة في تقريرها. وأوصى التقرير بضرورة البدء في تحقيقات قضائية محلية مصحوبة بإجراءات وتدابير قانونية على الصعيدين المحلي والداخلي لكل طرف، تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإذا تبين أن هذا غير كافٍ، فقد رسم التقرير «خريطة طريق» لمواصلة التحقيقات والتدابير القضائية على مستوى دولي بالاسترشاد بالتوصيات التي أوردها.

كما عين مجلس حقوق الانسان التابع للمنظمة الدولية لجنة من الخبراء المستقلين، لمراقبة استقلالية وفاعلية وموضوعية ما يتم اتخاذه من إجراءات محلية، للتحقيق في ما تم ارتكابه من جرائم وتجاوزات للقانون الدولي اشار اليها التقرير. وكل من يدعو إلى إلغاء ما جاء في تقرير لجنة غولدستون أو تعديله، واعتبار تقرير لجنة المتابعة المكونة من القاضية ماري ماكغوان ديفيز، والقاضية لينارت أسبيرجن، الذي تم تقديمه إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان يوم 11 مارس الماضي، هو التقرير النهائي، إنما يتعارض بوضوح مع تقرير لجنة غولدستون، وينال من شرعية تقريرها.

وجاء في تقرير لجنة المتابعة أن اسرائيل أجرت تحقيقات في 400 حالة، أشارت إليها بعثة غولدستون ومنظمات وجماعات أخرى، وهذه الحالات عبارة عن أخطاء وتجاوزات ناجمة عن أوامر عسكرية ميدانية خاطئة، أو تم فهمها وتلقيها بطريق الخطأ.

وأجرت هذه التحقيقات جهات عسكرية ميدانية مسؤولة عن الضباط أو الجهات الذين صدرت عنهم الأوامر والقرارات، وتمت متابعة 52 تحقيقا منها، وتحويلها من تحقيقات جنائية الى تجاوزات وأخطاء، ومن هذه الحالات التي تمت متابعتها واحدة تتعلق بسرقة جندي اسرائيلي بطاقة ائتمانية، وتمت معاقبته بالسجن سبعة أشهر، وحالة ثانية تتعلق باستخدام الجنود الإسرائيليين صبيا فلسطينيا درعاً بشرياً، وتمت معاقبة المتهمين فيها بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، وحالة ثالثة باستهداف فلسطيني بإطلاق النار عليه، بينما كان يلوح براية بيضاء، إذ مازالت هذه القضية قيد البت فيها أمام المحاكم الاسرائيلية.

وتقول «الغارديان» إن لجنة المتابعة لاحظت أن هناك 36 حالة أخرى أشارت اليها بعثة تقصي الحقائق برئاسة غولدستون، لم تتضح فيها التحقيقات، ولم تصل الى نتائج أو توصيات حاسمة، بعد مضي أكثر من عامين على انتهاء حرب غزة، وإن هناك بطئا واضحا من جانب السلطات الاسرائيلية في سير التحقيقات بشأن الحالات الأخرى، كما أن الآليات التي تستخدمها تلك السلطات ليست كافية، ولا تساعد على ضمان فاعلية التحقيقات وصدقيتها، للوصول إلى العدالة المنشودة، مؤكدة أن ما يبعث على قلق حقيقي أن هناك اتهامات خطيرة بارتكاب أعمال تستند إلى تخطيط وإدراك ووعي وقرارات مستمدة من تفكير وتخطيط ونيات مسبقة وردت في تقرير غولدستون، لم يتم التطرق اليها من بعيد أو قريب حتى الآن من جانب السلطات العسكرية الاسرائيلية. وأبدت لجنة المتابعة أسفها لأن سلطات «حماس»، التي تسيطر على قطاع غزة لم تفتح تحقيقات، في تجاوزات قام بها مسلحون فلسطينيون أثناء الحرب.

تويتر