‏يرون الأئمة أدوات بيد الحكومة «تنكروا لدينهم»‏

‏سجناء مسلمون في بريطانيا..متطرفون وضحايا ‏

بنيامين محمد أمضى سبع سنوات في معتقل غوانتانامو وظهرت براءته. أ.ف.ب

‏‏ينظر سجناء مسلمون في بريطانيا إلى الأئمة على «أنهم أدوات بيد الحكومة البريطانية»، هذا ما يقوله جلال حسين الذي يعيش في لندن، وسجن لمدة 18 شهراً بعد إدانته بجمع تبرعات «لتمويل الإرهاب»، ويؤيده في ذلك سجناء سابقون يقولون إن علماء الدين الذين تستخدمهم إدارة السجون البريطانية ليسوا أكثر من «أدوات بيد الحكومة».

ويشير سجين سابق إلى نفسه باسم قاسم، وهو من سكان لندن وسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، عندما كان عمره 17 عاماً بعد اعترافه بأنه شارك في بعض معسكرات المتشددين،

إلى أن رجال الدين فشلوا في زعزعة معتقداته، وأن الجهود الحكومية الهادفة إلى محاربة التطرف قد فشلت، بل إن بعض هؤلاء الأئمة تعرض للعنف من من السجناء الذين يتهمونهم بالخيانة والتنكر لدينهم وإخوانهم المسلمين.

ويقول إن رجل الدين الذي كان مكلفاً الإشراف على السجناء، لم يحاول نزع التطرف الذي كان متفشياً بينهم، إذ اكتفى بإمامة صلاة الجمعة فقط.

وتقول وزارة العدل البريطانية إن ما لايقل عن 200 متطرف سجنوا منذ تفجيرات لندن عام ،2005 و إنها تعمل مع «منظمات وسيطة» بهدف إعادة تأهيلهم ونزع بذور التطرف من عقولهم. وتضيف أن التعامل مع المتطرفين الإسلاميين لم يكن سهلاً أبداً في جميع الاحوال، وأنه تمت معالجة كل ملف على حدة، بحسب درجة خطورته.

رابطة ضباط المراقبة

ويقول هاري فليتشر من رابطة ضباط المراقبة التابعة للشرطة البريطانية، إن أساليب تعقب السجناء السابقين ومراقبتهم بعدما يعودون إلى عائلاتهم تصبح غير ذات جدوى، وإن ضباط المراقبة لا يتمكنون من حيازة آليات مراقبة هؤلاء الذين أصبحوا يعيشون الآن مع عائلاتهم أو في الفنادق.

أما بيتر نومان من مركز محاربة التطرف في كلية كينغز كوليدج الذي أجرى أبحاثاً في محاربة التشدد في 15 بلداً، فيقول إن انتداب أئمة في السجون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن السجناء السابقين يحتاجون إلى دعم أكبر بعد مغادرتهم لها، وان جهود محاربة التطرف داخل السجون غير كافية، لأن السجناء السابقين يعودون إلى البيئات التي جاؤوا منها.

ويشير إلى أنه «من المهم جداً إنشاء شبكة تتولى متابعة السجناء بعد الإفراج عنهم، حتى لا يتورطوا في أنشطة إرهابية».

وبدأت إدارة مراقبة السجناء السابقين في الاستعانة بخدمات منظمات محلية بهدف التصدي لايديولوجية المتطرفين وتشجيع المجتمع على فهم أكثر تسامحاً وانفتاحاً للدين الإسلامي، حيث يقول قاسم إنه تخلى عن قناعاته المتشددة بفضل النقاشات التي نظمها مركز «ستوكويل» الإسلامي.

ويقول ناطق باسم حزب المحافظين المعارض، إن خطر التطرف الإسلامي طرح تحديات فريدة من نوعها، ويضيف أنه ينبغي على بريطانيا البحث عن أفضل الممارسات الدولية للتعامل مع مستجدات الوضع والتحديات التي يفرزها.

ويبدي مسؤولون حزبيون وخبراء بريطانيون مخاوف من تزايد نشاط المتشددين في الجامعات والمعاهد، حيث يجدون في صفوف طلبتها بيئة مناسبة لنشر أفكارهم، كما حدث مع الطالب النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب.

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/239017.jpg

محاربة التطرف‏

‏تعمل جمعية «منهج القرآن» الصوفية في شرق لندن على التصدي للتطرف، ولتحقيق ذلك تركز جهودها في الجامعات التي يكثر فيها وجود البريطانيين من أصول آسيوية، حيث يقول أعضاء وطالبات فيها إن التطرف موجود في كل مجتمع، وفي كل ثقافة، بينما يرى فريق منهم أن من الاسباب الكبرى للتطرف انعدام أو قلة التعليم. كما يبذل أكاديميون وباحثون مسلمون في الجامعات والمعاهد البريطانية جهوداً مكثفة، وعلى جانب كبير من الأهمية للتصدي لثقافة التشدد والكراهية والعنصرية في صفوف الطلاب ورسم صورة مستنيرة ومشرقة عن الاسلام والمسلمين أمام غيرهم من البريطانيين. ‏

 

تطرف النساء

يقول معظم المسلمين البريطانيين، إنه يجب ألا يذهب أبناؤهم وذووهم للقتال في العراق وافغانستان، وان يحافظوا على هويتهم وانتمائهم كمواطنين في المملكة المتحدة، حيث تقول الدكتورة نسرين نواز المتحدثة باسم حزب التحرير الاسلامي إن فلسفة الحزب «وفرت لي رؤية معدلة ومنفتحة للإسلام يمكن أن تحل العديد من المشكلات في العالم الإسلامي، ونحن لا نؤيد أن يذهب المسلمون البريطانيون ليحاربوا في فلسطين والدول الخاضعة للاحتلال»، لكنها ترى أن على من يقيمون في تلك المناطق أن يدافعوا عن أنفسهم.

كما يبدي بريطانيون مخاوف من ميل النساء المسلمات في بريطانيا إلى التطرف، ولاسيما في ظل المعلومات والمشاهد عن قيام نساء بأعمال تفجيرية ولاسيما في العراق.

وتقول صابرة لاكا المستشارة في جمعية تعنى بتقديم النصح للنساء المسلمات « أعتقد أنه سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن بريطانيا لن تستطيع أن ترى مفجرتها الانتحارية الأولى». كما شهد مطلع عام 2008 إطلاق -المجموعة الاستشارية للنساء المسلمات - برعاية هازل بلير التي كانت وزيرة الجاليات، وبحضور رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الذي ألقى كلمة امتدح فيها المجموعة وقال «إن ظهورها إلى حيز الوجود خطوة في الاتجاه الصحيح ضمن الاستراتيجية البريطانية للتصدي للارهاب وبناء مجتمع سليم معافى من التطرف والارهاب»، لكن رئيسة المجموعة شيستا غوهير استقالت أخيراً متهمة المجموعة بالترهل والتحول إلى موضة سياسية بعد عجزها عن تحقيق أي من الاهداف التي قامت من أجلها.

تقول غوهير في كتاب استقالتها إن أعضاء المجموعة انشغلوا بمشروعات وأغراض جانبية بعيداً عن الاهداف الأساسية وهرولوا نحو قادة الاحزاب والمسؤولين السياسيين، وسيطر عليهم هاجس بأن أي حكومة جديدة تتمخض عنها الانتخابات العامة المرتقبة ستقدم على حل المجموعة».

شيلا روما

وفي عام ،2009 أصبحت البريطانية المسلمة شيلا روما (27 عاماً)، وهي أم لطفل من أولدهام، أول شخص يدان في بريطانيا بتهمة توزيع منشورات «إرهابية». يقول المدعي العام في محكمة مانشستر جوناثان شارب، إن روما أكدت في المنشورات التي وزعتها أن ولاء المسلمين البريطانيين يجب أن يكون لدينهم أولاً، وأنها دعت إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة، لان المسلمين في العالم يتعرضون لعنفها الشديد. كما تم توجيه اتهامات إلى زوجها أمجد محمود بتوزيع المنشورات، لكنه أنكر الاتهامات ورفضها. وحكم على شيلا بالخدمة الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات مع المراقبة لمدة عامين.

متهمون أبرياء

لا ينسى المسلمون في بريطانيا حكاية البريطاني المسلم بنيامين محمد الذي أمضى سبع سنوات في معتقل غوانتانامو، نموذجاً للابرياء الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة بتنسيق بين الاستخبارات البريطانية «إم آي-5» والاستخبارات المركزية الاميركية (السي آي إيه) وتعاون وتواطؤ بينهما، على الرغم من المحاولات العديدة للمخابرات البريطانية التملص من المسؤولية.

ويقول محمد وهو (إثيوبي) مقيم في بريطانيا لصحيفة «ميل أون صنداي» إنه لم يفعل شيئاً بعد اعتقال الاميركيين له في أفغانستان وتوقيفه والتحقيق معه في المغرب، بل انه زوّد الأميركيين بأسئلة جعلته يدلي باعترافات كاذبة.

وعلى الرغم من نفي محمد الذي جاء إلى بريطانيا عام 1994 طالباً اللجوء السياسي المتكرر لتورطه في الإرهاب، إلا أن أيا من محققي أو مسؤولي الجانبين البريطاني والاميركي، لم يصدقه أو يعره أي اهتمام، ويؤكد أن الأدلة التي استُخدمت لتوريطه تم انتزاعها منه تحت التعذيب، وتملك الحكومة البريطانية دليلاً على ذلك.

وقد أثارت تفاعلات قضيته دعوات من جماعات لحقوق الإنسان لفتح تحقيق مستقل حول دور بريطانيا في احتجازه وتسليمه، وما إذا كان دعم بريطانيا للحرب الأميركية على الإرهاب وصل في هذه القضية إلى التواطؤ في التعذيب.

وبعد إطلاق سراحه من غوانتانامو بعد معركة قضائية حاولت الاستخبارات البريطانية التنصل من أي مسؤولية عما حدث له بينما بذل المسؤولون البريطانيون جهوداً محمومة لإقناع المسلمين بألا يؤثر هذا الامر في اندماجهم في المجتمع البريطاني، وألا يدفعهم إلى تأجيج أجواء التوتر وتغذية ثقافة الكراهية والعنصرية ومحاربتهم للتطرف.

 *عن « الإندبندنت»  « ديلي تلغراف»  موقع جريدة «مانشستر ايفنينغ»  موقع جريدة «ميل أون صنداي»

تويتر