اختطاف البنات تجارة رائجة في الصين

الصحف الصينيـة تتحدث عن خطف 20 ألف طفل وامرأة شابة سنوياً. غيتي

عندما كانت الطفلة الصينية لي شيانغ شيانغ في عمر عامين ونصف العام خرجت من بيت عائلتها في الاول من ابريل الماضي لتشتري بعض الحلوى من البقالية المجاورة، كما تفعل كل يوم، كانت امها تتوقع عودتها بعد بضع دقائق بابتسامتها الكبيرة وكيس من الحلوى. ولكن شيانغ التي يعني اسمها «الذكية»، لم تعد الى البيت ولم يسمع احد عنها شيئا. وانضم والداها الحزينان الى الكثير من الآباء الصينيين الذين يخشون انهم فقدوا صغارهم بعد ان خطفهم مجرمون صينيون.

ولطالما تم خطف الاطفال الصغار في الصين من اجل بيعهم. وفي السنوات الاخيرة، ادت قوانين تنظيم الاسرة الصارمة الى حدوث تباين بين تعداد الأولاد والبنات في الدولة وذلك نتيجة اجهاض بعض العائلات للجنين البنت لأنهم يريدون ولداً. وأشار تقرير نشرته «بريتش ميديكال جورنال» الى انه امام كل 100 بنت يولد هناك 124 ولداً، وارتفع هذا الرقم في بعض المقاطعات الصينية الى كل 100 بنت تولد هناك 192 ولداً.

وبناء عليه اصبح خطف البنات من السلعات الثمينة في هذه التجارة الوحشية. ويجري شراء هؤلاء الفتيات من قبل المزارعين الذين يريدونهم زوجات لاطفالهم عندما يصلن الى سن الزواج، او من قبل الرجال الذين يريدون زوجة طفلة كي يتزوجوها من دون ان يدفعوا لها مهراً، كما تقول الشرطة ووسائل الاعلام الحكومية.

وتقول وزارة الأمن العام إنه ما بين 2000 الى 3000 طفل وامراة شابة يتم خطفهم سنويا، ولكن الصحف التي تديرها الدولة قالت إن هذا الرقم يمكن ان يصل الى 20 الفاً، ولا يتم حل الا بضع حالات قليلة من اعمال الخطف هذه.

ويقول والد شيانغ شيانغ وهو لي فامينغ، 35عاما، «لا أستطيع الاكل، إذ إن زوجتي تواصل البكاء في الليل، وابني الوحيد اصبح مريضاً بعد ان غابت اخته، وهو الآن في المستشفى» وسمح لفامينغ وزوجته انجاب طفل آخر لأنهما انجبا طفلة في اول ولادة لزوجته.

ويؤكد الألم الذي عانى منه فامينغ على مدى الرابطة العاطفية التي طورها العديد من الآباء الصينيين الشبان مع بناتهم، مقارنة بالجيل القديم الذي كان يعتبر الاولاد فرحة والبنات هماً.

وتبدو قصة فامينغ نموذجية في الصين، وهو يعمل في الديكور ويحصل على اجر مناسب يؤمن له حياة كريمة في شوانغ كياو، وهي منطقة فقيرة تقع على اطراف مدينة كوانمينغ، عاصمة اقليم يونان. وتعتبر هذه المنطقة الواقعة في جنوب الصين مركزا لتهريب البشر، حيث تنتشر هذه الظاهرة حتى بورما ولاوس وفيتنام. وقال فامينغ «ذهبنا الى الشرطة وكتبوا تقريرا عن الحادثة. وقالوا انهم سيحققون في الموضوع».

ونشرت العائلة صورة لشيانغ ووضعت جائزة قيمتها 6000 جنيه استرليني لمن يعثر على الفتاة. وساعد الاصدقاء والجيران على نشر الصورة والاعلان عن الجائزة. ويقول لي انه خطف نحو 10 اطفال منذ شهر مارس الماضي حتى الآن. واتصل احد المحتالين بـ«لي» وحاول ابتزاز المال منه، الامر الذي أثار اهتمام الشرطة، وقامت باعتقاله وبعد ذلك مزقت الشرطة الاعلان.

ويبدو انه ليس هناك الاهتمام الكبير بالمفقودين في الصين، اذ إن تاكي ماو يينغي وهي فتاة في الرابعة من عمرها فقدت منذ اكثر من عام اهتمت بها الصحافة المحلية فقط، بعد ان قام والدها ماو جينغفا، 37عاماً، بالاتصال بالمحافظ، بعد ان مل من عدم اكتراث الشرطة.

وكان الوالدان في العمل عندما فقدت يينغي، واتصل والدها بالشرطة ونظم الجيران عمليات بحث، ونشروا الاعلانات عن فقدانها، ولكن بلاجدوى. وشعرت امها باليأس وكادت ان تنتحر.

وطلب والدها مساعدة وسائل الاعلام، ولكنه يقول «لم يكونوا مهتمين بالموضوع»، واتصل بالمحافظ، وفي اليوم التالي جاء طاقم من التلفزيون المحلي، ونشرت الصحف المحلية صورتها. وقال والدها «بعد مرور اكثر من عام لا يوجد اية نتيجة».

وأقام الآباء موقعاً على الإنترنت يحمل اسم «يا اطفال عودوا الى البيت»، وضع فيه اكثر من 2000 من الآباء اوصاف اطفالهم المخطوفين، وسجل على الموقع اكثر من 400 طفل يبحثون عن عائلاتهم. ولكن الموقع لم يحقق سوى سبع حالات نجاح خلال عامين. وتعترف الحكومة الصينية بأن ظاهرة خطف الأطفال في تزايد.

وفي الشهر الماضي، بدأت وزارة الامن المحلي حملتها السادسة ضد تجارة الاطفال وأصدرت قائمة بأشهر 10مهربين للأطفال. وتمكنت الشرطة خلال الشهر الماضي من تحرير 51 فتاة من خاطفيهن، حسبما ذكرته تقارير وسائل الاعلام الرسمية. واكتشفت الشرطة التي اقتحمت احدى القرى في جنوب يونان، ان الاطفال يتم تربيتهم للبيع، وأن بعض العائلات كانت تعمل كسماسرة لعائلات المزارعين.

ودفعت صعوبة مقاومة جرائم خطف الاطفال المشاركين في حملات مكافحتها، الى المطالبة بإنزال عقوبات صارمة بمن يعتبرون اصل وجودها وهم من يشترون الأطفال المخطوفين، وأيدت ذلك الصحف المحلية ودعت الى تشديد العقوبات. ولكن يصعب على المرء أن يفكر بعقوبة مهما بلغت شدتها ان تعوض على الآباء الذين مازالوا يحملون صور فتياتهم المفقودات ويضمونها الى قلوبهم يومياً على امل العثور عليهن لضمهن بدل الصور.

تويتر