شيخ الأزهر يقترح 2018 عاماً للقدس.. والبابا تواضروس يرى أنها مؤهلة لتكون واحة سلام

انطلاق «مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس» بالتأكيد على مكانتها العربية

المؤتمر أكد على مكانة القدس العربية في أعقاب القرار الأميركي الأخير باعتبارها عاصمة لإسرائيل. أ.ف.ب

انطلقت، أمس، أعمال «مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس»، الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين في القاهرة، لمناقشة كيفية استعادة الوعي بقضية القدس وهويتها العربية، والمسؤولية الدولية تجاهها، بالتأكيد على مكانتها العربية، في أعقاب القرار الأميركي الأخير، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

واقترح شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر، بحضور عدد كبير من العلماء ورجال الدين والمفكرين والكتاب، اعتبار«2018 عاماً للقدس الشريف» تعريفاً به، ودعماً مادياً ومعنوياً للمقدسيين، ونشاطاً ثقافياً وإعلامياً متواصلاً، تتعهده المنظمات الرسمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الدينية والجامعات العربية والإسلامية، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها.

وأكد أن القرار الجائر للرئيس الأميركي بشأن القدس «يجب أن يُقابل بتفكير عربي وإسلامي جديد، يتمحور حول تأكيد عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها»، مشدداً على «ضرورة أن يتحول هذا التأكيد إلى ثقافة محلية وعالمية، تحتشد لها طاقات الإعلام العربي والإسلامي».

وقال الطيب «علينا ألا نتردد في التعامل مع قضية القدس من المنظور الديني، إسلامياً كان أو مسيحياً».

وشدد على أهمية المؤتمر كونه ينعقد في ظروف وملابسات خطرة «حيث بدأ العد التنازلي لتقسيم المنطقة وتفتيتها وتجزئتها».

وأعرب عن أمله أن يتمخض هذا المؤتمر عن نتائج عملية غير تقليدية، تستثمر فيها الطاقات وتنظم الجهود لإعادة الوعي بالقضية الفلسطينية عموماً وبالقدس خصوصاً، موضحاً أن المقررات الدراسية في مناهجنا التعليمية والتربوية، في كل مراحل التعليم، عاجزة عن تكوين أي قدر من الوعي بهذه القضية في أذهان الملايين من شباب العرب والمسلمين.

ووجّه الطيب نداء للأمة أن تتنبه نخبها إلى أنها أمة مستهدفة في دينها وهويتها، ومناهجها التعليمية والتربوية، ووحدة شعوبها وعيشها المشترك، وعلى الأمة أن تعتمد على سواعدها.

من جهته، قال بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، إن السلام اختيار لا بديل عنه، ولا يأتي إلا باحترام الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن قرار الرئيس ترامب ظالم، ولم يراعِ مشاعر المسلمين والمسيحيين.

وأضاف تواضروس، خلال كلمته بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس، أن القدس لها مكانة مهمة في قلب كل إنسان، مؤكداً أنها «مؤهلة لتكون واحة سلام تلتقي فيها الصلوات، ليدرك الناس، أفراداً وشعوباً، أهمية التعايش السلمي المشترك للعيش في سلام وأمان».

وأوضح أنه «من المؤسف أن تكون مدينة القدس مسرحاً للصراع والاقتتال»، قائلاً «قرار الرئيس ترامب ظالم وجائر، ونحن نرفض الظلم والقهر واستغلال النصوص الدينية».

وقال «للقدس مكانة في قلب كل مسيحي، والمسلمون أيضاً منذ فجر الإسلام يخصون القدس بقدسية خاصة، ففيها توجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وغيرهما من الأماكن الإسلامية المقدسة».

وأضاف «إذا كانت القدس تمثل رصيداً تاريخياً للشعب اليهودي فهي تمثل تاريخاً حياً وذكريات حاضرة بقوة في وعي ووجدان المسيحيين والمسلمين على حد سواء».

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، في كلمته أمام المؤتمر، أن الموقف العربي بشأن القرار الأميركي حول القدس واضح لا لبس فيه، وهو أن القدس الشرقية أرض محتلة، وهي عاصمة للدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة إلا بقيامها حرة مستقلة ذات سيادة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وفق قرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.

وأكد أن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون، أول الشهر المقبل، لمناقشة الإجراءات التفصيلية والخطوات المحددة التي ستقوم بها الدول العربية لدعم القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، والحفاظ على هذا الزخم العالمي المؤيد والمساند، وتصعيد الحملة الداعية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال إن الأبعاد المتشابكة لقضية القدس، القانونية والتاريخية والسياسية، لا ينبغي لها أن تُنسينا البعد الديني، بشقيه الإسلامي والمسيحي، موضحاً أن القدس ليست بقعة جغرافية من الأرض، وإنما قطعة من الروح والوجدان والوعي الديني للعرب والمسلمين، مؤكداً أن قراراً لدولة، مهما كانت مكانتها، لا يغير من هذه الحقائق شيئاً.

وأضاف أن إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعتزامها نقل سفارتها إليها، مدان ومرفوض، وليس له من أثر قانوني أو سياسي سوى إدانة الدولة التي اتخذته، وعزلها ووصم سياساتها بالظلم ومواقفها بالانحياز وقراراتها بالبطلان.

وقال إن لدى إسرائيل سياسة ممنهجة لتهميش الوجود العربي في المدينة وحصاره، عبر منع تصاريح البناء، لتحجيم النمو العمراني الطبيعي وسحب الهويات وعدم تجديدها، وزرع المستوطنات بين مدينة القدس وبقية مناطق الضفة الغربية، بل وفي قلب الأحياء العربية بالقدس، فضلاً عن المخططات الخطرة للحفر أسفل المسجد الأقصى بحثاً عن الهيكل المزعوم، وإدخال جماعات من اليهود المتطرفين كل يوم إلى باحات المسجد الأقصى بحجة الصلاة، وانتهاء بالقانون الباطل المدعو «القدس الموحدة» الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي، وهو الحلقة الأخيرة في سلسلة من القرارات والإجراءات والقوانين العنصرية التي تهدف إلى إجراء عمليات تهجير قسري للمقدسيين، من أجل الإبقاء على أغلبية يهودية في المدينة.

بدوره، دعا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في كلمته، العرب والمسلمين والمسيحيين إلى زيارة المدينة المقدسة، رداً على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

وقال إن الولايات المتحدة، بقرارها حول القدس، اختارت أن تخالف القانون الدولي، وأن تتحدى إرادة الشعوب العربية والإسلامية وجميع شعوب العالم، كونه يناقض الإجماع الدولي الذي رفضه العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأشار أبومازن إلى أن فلسطين حصلت على 705 قرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة، و86 قراراً من مجلس الأمن منذ 1948، لكن هذه القرارات لا تُطبق على أرض الواقع؛ وتساءل: ماذا على الشعب الفلسطيني أن يفعل إن كانت أعلى منصة في العالم، وهي الأمم المتحدة، لم تنصفنا.

تويتر