أويحيى اتهم الدوحة بتدمير دول عربية ووضع بلاده ضمن أهدافها في نشر الفوضى

الجزائر تقترب من رباعي مكافحــة الإرهاب وتفضح ألاعيب قطر

أويحيى فضح سعي الدوحة لاستهداف الجزائر خلال حكم بوتفليقة. أ.ف.ب

أثار تصريح رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، حول اتهام قطر بتدمير دول عربية، جدلاً حول أسباب تغيير موقف بلاده من الأزمة، التي فضّلت الجزائر أن تسلك منحى الحياد بشأنها.

تصريحات أويحيى أتت خلال آخر أيام الحملة الانتخابية بتجمع شعبي بمدينة تيزي وزو، حيث استشهد فيها بحديث رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السابق، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عندما اعترف بأن «بلاده خصصت 130 مليار دولار لتدمير سورية وليبيا واليمن».

وأكد أويحيى أن «مدبري الربيع العربي الذين خصصوا 130 مليار دولار لتدمير دول عربية شقيقة، كانت الجزائر من بين أهدافهم».

وقال إن «الجزائر كانت ضمن الأهداف القطرية في نشر الفوضى، مذكراً بحملة السكر والزيت التي أثيرت في الجزائر في يناير 2011».

وأضاف أن «الأمر لم يتعلق بالزيت والسكر، وحكمة مصالح الأمن الجزائرية أخمدت الفوضى وسقط ضحايا».

ودعت الجزائر منذ بداية مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، في الخامس من يونيو الماضي، بسبب دعمها الجماعات الإرهابية التي زعزعت الاستقرار بالمنطقة، إلى الحوار واحترام السيادة الوطنية للدول، ما عده مراقبون تبنياً لسياسة الحياد.

وفي هذا السياق، قال خبير العلاقات السياسية الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد اللاوندي، إن تغيير الموقف الجزائري، ولو نسبياً، من المقاطعة ضد قطر يأتي لأسباب عدة، منها رصد المخابرات الجزائرية دعماً قطرياً لمنظمة «الجماعات الإسلامية المسلحة»، المصنفة إرهابية في الجزائر وفرنسا.

وأضاف في تصريحات لـ«بوابة العين الإخبارية»، أن ذلك الدعم يهدّد الأمن والاستقرار الجزائري، خصوصاً أن تلك المنظمة تسعى لإسقاط الحكومة، ومن ثم تأتي التصريحات الجزائرية ضد قطر لحصار الأنشطة القطرية بالبلاد.

وأوضح أن الجزائر تتخوف من عدم اتجاه قطر إلى تغيير سياساتها بالمنطقة، خصوصاً أنها لم تنفذ أي بند من البنود التي طلبتها الدول المقاطعة.

وأكد أن أكبر العوائق أمام اتخاذ الجزائر خطوات أكثر فعالية ضد قطر، هو الحالة الصحية المتدهورة للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، مشيراً إلى أن الابتعاد عن الحياد في تلك الأزمة قد يعرض البلاد لـ«حرب أهلية»، على حد تعبيره.

وقال اللاوندي إن تمويل قطر للجماعات المسلحة بالجزائر، قد تتخذه الدوحة فرصة لكسب دعمهم، حال اتخذت الجزائر موقفاً ضد الدوحة، مرجحاً أن الموقف الجزائري قد يتغير حال انتهت أزمة الرئاسة بقدوم رئيس جديد أو تحسن الوضع الصحي لبوتفليقة.

ويعرف أحمد أويحيى في الجزائر بـ«رجل المهمات الصعبة»، كونه أكثر الشخصيات التي تولت رئاسة الحكومة منذ عهد الرئيس السابق اليمين زروال (خمس مرات)، كما أنه من المعروف عنه عداؤه لـ«الإسلامويين» كما يسميهم، أي المتاجرين بالدين.

أما تصريحاته التي أطلقها في خضم الحملة الانتخابية، فيؤكد المراقبون، أنه على الرغم من صدورها بصفته أميناً عاماً للتجمع الوطني الديمقراطي، الشريك الثاني في «الحكم والحكومة» في الجزائر، إلا أنهم يعتبرون أن أويحيى «لا يُدلي بتصريحات من أجل الاستهلاك الإعلامي أو الانتخابي»، وأن كلامه يستند «إلى معلومات وأدلة».

إضافة إلى هذا، يقول العارفون بهذا الرجل السياسي، «إنه الرقم الأكثر مهارة في إدارة السياسة والتصريحات في الجزائر ما بعد التسعينات»، ما يعني بحسبهم أن تصريحاته ضد قطر هي رسالة «مشفرة وغير مباشرة من الجزائر» عن «استمرار محاولات قطر خلط الأوراق في الجزائر».

ففي خضم حملة الانتخابات المحلية في الجزائر التي تجري في 23 نوفمبر الجاري، أصدر زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، عباسي مدني، «بياناً من قطر» الأسبوع الماضي، دعا «إلى مقاطعة الانتخابات»، وهو السلوك نفسه الذي انتهجه عباسي مدني في الانتخابات التشريعية السابقة، وعشية كل موعد انتخابي في الجزائر.

ويبدو أن محاولات «رأس الفتنة والمسؤول الأول عما حصل في الجزائر خلال سنوات التسعينات» (عباسي مدني) كما سمّاه أحمد أويحيى في أحد تصريحاته شهر مايو 2012، هي ما عجل «بتغير الموقف الجزائري من قطر».

وقال أويحيى في التصريح نفسه «عباسي مدني يعيش في قطر، ويدعو الجزائريين إلى مقاطعة الانتخابات، حتى يتفرج عبر قنوات الفتنة التي تُبث من قطر ولندن وجنيف، على دماء الجزائريين كيف تسيل».

ومدني الذي غادر الجزائر مع اندلاع ما يعرف «بثورات الربيع العربي» بحجة «المعالجة في ماليزيا»، اختار دولة قطر «مهرباً له».

ولقي مدني ترحيباً من قبل أمير قطر السابق حمد بن خليفة، وهو ما أثار حينها أزمة دبلوماسية بين البلدين، قبل أن تتحدث وسائل الإعلام الجزائرية أن حمد بن خليفة آل ثاني، وعد السلطات الجزائرية بأن يبقى مدني في قطر دون الإدلاء بأي تصريحات ضد الجزائر.

لكن ذلك لم يحدث، حيث يستغل عباسي مدني كل موعد انتخابي في الجزائر لمحاولة «التأثير في سير الانتخابات التي تجرى من أرض قطر»، وهي الدولة التي يعيش فيها مدني حياة رغدة، ويقيم في مبنى فخم مع أفراد عائلته.

وتشير تقارير رسمية جزائرية، إلى أن مدني يتقاضى راتباً قدره 15 ألف دولار، الذي يُعتبر «هبة من أمير قطر السابق»، كما أن له حفيداً يحمل الجنسية القطرية، ويلعب لحساب المنتخب القطري لكرة اليد، إضافة إلى امتلاك ابنه أسامة قناة «المغاربية»، التي تبث من لندن، الموجهة «لمعارضة النظام الجزائري».

وبعد الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي في تونس، ذكرت وسائل إعلام جزائرية «مقربة من السلطة»، أن «الجزائر حصلت على معلومات دقيقة تفيد بأن دولة قطر رصدت 200 مليار دولار لقلب نظام الحكم في الجزائر»، على الرغم من أن السلطات الجزائرية لم تعلق على الأمر، بالتأكيد أو النفي.

من جهته، قال الخبير الأمني الجزائري، اللواء عبدالعزيز مجاهد، «إن ما قاله أويحيى حقيقة تعلمها الجزائر، وباعتراف رئيس الوزراء القطري السابق».

وأضاف «كلنا يتذكر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ودوره في الخراب العربي، بل هدد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في الجامعة العربية، بأن الدور قادم على الجزائر، وهذا يكفي ليؤكد دور هذه الدولة في محاولات زعزعة استقرار الجزائر».

وأشار إلى أن «قطر تستضيف رؤوس الفتنة في الجزائر منذ سنوات، وتمول قناة من لندن ضد الجزائر، والجزائر كانت هدفها الأول، خصوصاً مع مجيء الأمير السابق».

وعاد الخبير الأمني إلى نشأة دولة قطر، حيث قال إن «قطر صُنعت لأجل مهمة ووظيفة، فصناعة هذه الدولة جاءت في إطار مشروع روجرز، الذي أعقب حرب الاستنزاف بين العرب وإسرائيل، وهو المشروع الذي يستهدف في البدء إسقاط سبع جمهوريات، ومن ثم الانتقال إلى بقية الدول، وما حدث في دول عربية فضح قطر، وعرّى أجندتها في كامل المنطقة العربية، وحتى في أفغانستان وباكستان».

تويتر