بهدف حرمان «التنظيم» من تمويل عملياته

تجفيف منابع التمويل الذي يحصل عليه «حزب الله» ضرورة ملحة

صورة

هذه الأيام تحل الذكرى السنوية العشرين على تصنيف الولايات المتحدة لـ«حزب الله» كمنظمة إرهابية أجنبية. وفي الوقت الذي يستعد فيه الكونغرس الأميركي الآن لفرض عقوبات جديدة على الحزب، لابد من النظر ملياً إلى الرقم مليار. إنه الميزانية السنوية لـ«حزب الله» لهذا العام. وكان هذا الحزب مسؤولاً عن أكثر الأعمال الإرهابية فظاعة ضد المواطنين الأميركيين حتى 11 سبتمبر، كما أنه نفذ تفجيرات ضد المدنيين في أوروبا والأميركتين. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة طلبت من «حزب الله» تسليم سلاحه عام 2006، إلا أنه يهدد إسرائيل بترسانته الضخمة من الصواريخ، ويحارب إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد في سورية. وبناء عليه، فإن أي مستقبل سلمي في الشرق الأوسط يتطلب تجريد هذا الحزب من أمواله.

• يقوم «حزب الله» بجمع عشرات ملايين الدولارات من القارات الست، خصوصاً من المخدرات.

• ينكر (حزب الله) أنه يحقق مكاسب من المخدرات، لكن قيادته قبلت فتوى (وأبقتها سرية) في ثمانينات القرن الماضي، تسمح للمنظمة ببيع المخدرات إلى غير المسلمين.

• حان الوقت لإنهاء تخيلات الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إن الحزب يمكن تقسيمه إلى (جناح عسكري)، و(جناح سياسي)، إذ إن الجناحين شيء واحد، ووجهان لعملة واحدة.

وكيل خطر

يعتبر «حزب الله» وكيلاً خطراً لإيران، يعمل في تهريب المخدرات ويدعم نظام الأسد، ويهدد الوضع المعيشي في لبنان نفسه. وبناء عليه فإن تدمير قدرته على تمويل عملياته داخل وخارج لبنان قضية مهمة، بالنسبة لضمان الاستقرار الإقليمي. كما أن إفلاس هذا التنظيم يعتبر من صميم المصلحة الأميركية، ويجب أن يوافق عليها الحزبان في الكونغرس. وعن طريق اتباع الخطوات الأربع المذكورة لتعطيل تمويل الحزب، تستطيع الولايات المتحدة ضمان الاستقرار في المنطقة، وربما تمنع وقوع حرب أخرى.

وفي الوقت الذي كنا نضع فيه تقريرنا الأخير عن الحالة المالية لـ«حزب الله»، ثمة أربع خطوات يتعين على الولايات المتحدة أن تقوم بها فوراً لتجريد الحزب من أمواله. ومن المعروف أن الحزب يدير إمبراطورية إجرامية ضخمة، حيث يعمل بشكل وثيق مع كارتلات المخدرات في أميركا الجنوبية.

وتتمثل الخطوة الأولى لاستهداف أموال «حزب الله»، في تحديث وتوسيع العقوبات على شبكات الحزب، ومكاتبه داخل وخارج لبنان. ومن الشائع بالنسبة لمن يديرون شركات تعاني العقوبات المفروضة عليها، أن يقوموا بإنشاء شركات أخرى غيرها لتجنب مراقبة السلطات.

ويقوم «حزب الله» بجمع عشرات ملايين الدولارات من القارات الست، خصوصاً من المخدرات. واستناداً إلى رئيس عمليات مكافحة المخدرات الأميركي السابق مايكل بارون، فإن الحزب «يدير أكثر برنامج لغسيل الأموال تعقيداً وتطوراً، الذي شهدته في حياتي»، وتحتاج وزارة الخزانة والشرطة والمخابرات إلى التمعن وبذل الجهد، لكشفه وإعادة فرض العقوبات على الشركات التي تكون غيرت أسماءها.

أما الخطوة الثانية، فإنها تفيد بأنه يتعين على الولايات المتحدة تقديم الدعم للأطراف الأخرى المناوئة للحزب في لبنان، كي لا يستحوذ الحزب على البلد بكامله. وعندما صدر قانون منع التمويل الدولي عن «حزب الله» عام 2015، لعب البنك المركزي اللبناني دوراً مفصلياً، حيث حافظ على استقرار النظام المصرفي في الوقت الذي قام فيه بإغلاق المئات من الحسابات التي ترجع إلى «حزب الله». وبالطبع فإن فرض عقوبات جديدة على القطاع المصرفي اللبناني، الأمر الذي ربما يؤدي إلى انهياره، لا يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة. وإذا حدث أي شكل من أشكال فراغ السلطة في لبنان، فمن المؤكد أن «حزب الله» أو إيران سيقومان بملئه في الحال. وبناء عليه ترى وزارة الخزانة الأميركية أنها بحاجة إلى العمل بشكل وثيق مع المصرف المركزي اللبناني، الذي لديه المحفزات المناسبة للضغط على نشاطات «حزب الله» في المجالات المالية، كي تحافظ على القطاع المالي متواصلاً مع النظام المالي العالمي.

ويتعين على الولايات المتحدة أن تقضي على القاعدة المحلية الداعمة لـ«حزب الله»، وذلك عن طريق الكشف عن مدى النفاق الذي تتعامل به هذه المنظمة الإسلامية التي تدعي الورع، لكنها تنخرط في الجريمة وتهريب المخدرات. وينكر «حزب الله» أنه يحقق مكاسب من المخدرات، لكن قيادته قبلت فتوى (وأبقتها سرية) في ثمانينات القرن الماضي، تسمح للمنظمة ببيع المخدرات إلى غير المسلمين. ويجب الكشف عن هذا النشاط المحظور دولياً. ويعالج قانون العقوبات الجديد على «حزب الله» هذه النقطة بالتحديد، عن طريق تصنيف «حزب الله»، باعتباره «منظمة إجرامية دولية»، ويسلط الضوء على النشاطات الإجرامية الواسعة عليه، مثل تهريب المخدرات، وهو الأمر الذي تناقض مع المبادئ الأخلاقية التي يتشدق بها الحزب.

وثالثاً: يجب القول بأنه حان الوقت لإنهاء تخيلات الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إن الحزب يمكن تقسيمه إلى «جناح عسكري» و«جناح سياسي»، إذ إن الجناحين شيء واحد، ووجهان لعملة واحدة. وقال الرجل الثاني في قيادة الحزب «ليس لدينا جناح عسكري وآخر سياسي»، وهناك المئات من أعضاء «حزب الله» الناشطين في ألمانيا وحدها، الذين يمكن أن يجمعوا التبرعات للتنظيم. ويتعين على الدبلوماسيين الأميركيين إثارة هذه القضية، وتحريكها من جديد على أعلى مستويات علاقات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وإضافة إلى ذلك، يتعين على الولايات المتحدة فرض تصويت في مجلس الأمن الدولي لحظر الحزب برمته، وذلك بهدف إحراج روسيا، أو أي دولة أخرى، يمكن أن ترفض هذا الإجراء المنطقي.

رابعاً: لابد من بذل الجهود لكبح تمويل «حزب الله»، الذي يمر عبر طهران، التي تقدم 70 أو 80% من ميزانية الحزب، والتي يتم إرسال معظمها في حقائب كبيرة، وليس عبر المصارف «ويتم نقلها إلى لبنان أو سورية، حيث يقوم نشطاء الحزب بنقلها عبر الحدود إلى لبنان. وأي استراتيجية لوقف تمويل الحزب دون التعامل مع إيران، تظل كمن يحارب طواحين الهواء».

ولاستهداف تمويل «حزب الله»، يجب على البرلمانيين في إيران أن يدركوا أن معظم مداخيل الحزب تأتي من الشركات شبه الحكومية، التي يسيطر عليها مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي. ويقوم خامنئي باقتطاع الصفوة من عائدات هذه الشركات لتمويل «حزب الله». وبناء عليه، فإن تمويل إيران لـ«حزب الله» لا يظهر كأحد بنود ميزانية الدولة.

صعود وهبوط

لطالما كان التمويل الإيراني في حالة صعود وهبوط، استناداً إلى عاملين أساسيين، هما: سعر النفط والعقوبات الدولية. وأيادي واشنطن ليست مقيدة، إذ إن خطة العمل الشاملة المشتركة المتعلقة بمنع إيران من التطوير النووي يمكن الاستناد إليها، لذلك فإن فرض عقوبات ثانوية (أو غير مباشرة) ضد إيران، نظير دعمها الإرهاب، يعتبر عملاً عادلاً. ويمكن أن تطبق العقوبات الثانوية قيوداً مالية على أي شركة غير أميركية، يمكن أن تقوم بأعمال تجارية مع إيران، والتي تريد أن تقوم بأعمال تجارية مع الشركات الأميركية أيضاً. وبالنظر إلى أنها تدرك أن القائد الأعلى للثورة الإيرانية يسحب أموالاً من هذه الشركات، التي يسيطر عليها من أجل تمويل «حزب الله»، يتعين على الولايات المتحدة الحصول على فهم أفضل لتدفقات هذه الأموال، وبعد ذلك يتعين عليها استهداف الحزب بصورة مباشرة، عن طريق فرض عقوبات ثانوية على الشركات التي تقدم التمويل الذي يحصل عليه خامنئي.

شركات قابضة

وأولى هذه الشركات، التي يسيطر عليها خامنئي، والتي ينبغي التحقيق فيها، يجب أن تكون «شركة تنفيذ أمر الخميني»، المعروفة اختصاراً بـ«إيكو»، وهي تجمع شركات قابضة بلغت قيمتها عام 2013 نحو 95 مليار دولار، وتم رفع العقوبات الثانوية عنها لترغيب خامنئي كي يوافق على خطة العمل الشاملة المتعلقة بالاتفاقية النووية مع إيران. ولتجنب المعارضة من أطراف عدة، لا يتعين على الولايات المتحدة فرض عقوبات على «إيكو» بصورة شاملة، وإنما الأفضل فرض عقوبات ثانوية ضد الشركات التابعة لها، والتي تقدم المال لخامنئي لتمويل «حزب الله».

يايا فانوسي مدير التحليل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

تويتر