الحكومة تعلن إجراءات لمساعدة الشركات عبر تقديم خصومات وتخفيض الإيجارات وإعادة جدولة الديون

القـطـاع الخــاص في قـطــــر يعـــــاني.. والدوحة تحاول وقف النـزيــــف الاقتصادي

الدوحة تحاول احتواء التداعيات السلبية للأزمة التي طالت جميع قطاعات الاقتصاد المحلي، وألقت بظلالها السلبية على المناخ الاستثماري والبيئة التشغيلية. أرشيفية

في ضربة جديدة للاقتصاد القطري منذ إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قطع علاقتها مع الدوحة، أعلنت الحكومة القطرية عن إجراءات لمساعدة شركات القطاع الخاص بعد تضرر اقتصادها إثر المقاطعة الرباعية للدوحة، بسبب دعمها الإرهاب والمنظمات المتطرفة.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، أن رئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، قرر خفض قيمة الإيجار الذي تدفعه الشركات في المناطق اللوجستية القطرية إلى النصف عامي 2018 و2019.

وسيتم إعفاء المستثمرين الجدد في تلك المناطق بالكامل من دفع قيمة الإيجار لمدة سنة، إذا حصلوا على تصاريح بناء بمواعيد نهائية محددة. وسيؤجل بنك قطر للتنمية تلقي أقساط القروض لمدة تصل إلى ستة أشهر لتسهيل مشروعات القطاع الصناعي.

وأبلغ الشيخ عبدالله أيضاً جميع الوزارات والإدارات الحكومية بزيادة مشترياتها من المنتجات المحلية إلى 100% من 30%، إذا كانت المنتجات المحلية تفي بالمواصفات اللازمة، والتزمت عمليات الشراء بقواعد العطاءات.

ونما الاقتصاد القطري بنسبة 0.6% فقط عن العام السابق خلال الفترة من أبريل إلى يونيو في ما يعد أبطأ نمو منذ الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2009-2010، بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والاتصالات في مجال النقل في الخامس من يونيو.

وأدت العقوبات إلى سحب دول الخليج الودائع من البنوك القطرية، ما أدى إلى تفاقم هبوط أسعار العقارات وتراجع سوق الأوراق المالية 18%. والأسبوع الماضي، هبطت بورصة قطر إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات، مع استمرار الصناديق الأجنبية في بيع الأسهم قبيل إعلان النتائج المالية للربع الثالث من العام.

وتراجع مؤشر بورصة قطر 1.6% في تعاملات هزيلة، لترتفع خسائره منذ قطع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب علاقاتها مع الدوحة في الخامس من يونيو الماضي إلى 18%. ومن المتوقع إعلان النتائج الفصلية في أواخر هذا الشهر. في الأثناء، تستمر التداعيات السلبية للأزمة القطرية، التي طالت جميع قطاعات الاقتصاد المحلي، وألقت بظلالها السلبية على المناخ الاستثماري والبيئة التشغيلية.

وتواجه المصارف القطرية أزمة تمويل خانقة دفعتها للجوء إلى الاستدانة من المؤسسات الحكومية لتواصل عملها، منذ إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعتها للدوحة. ووجّه بنك قطر المركزي، البنوك القطرية باللجوء لاستقطاب مستثمرين دوليين لزيادة تمويلها، بدلاً من الاعتماد على التمويل الحكومي بشكل رئيس.

وقالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، إن البنك المركزي القطري يعقد اجتماعات منتظمة مع المقرضين، لتقييم مدى تأثير المقاطعة في حالة السيولة في القطاع المصرفي، ويشجع المصارف على الاقتراض من الأسواق الدولية عبر السندات أو القروض، لتفادي استنفاد الاحتياطيات الأجنبية وتراجع التصنيف الائتماني.

وأشارت الوكالة إلى أن المقاطعة العربية للنظام القطري، شكلت ضغوطاً على السيولة في قطر، لا سيما بعد تراجع الودائع الأجنبية في «الإمارة الصغيرة».

وأضافت أنه تم إبلاغ المصارف في قطر بضرورة النظر إلى التمويل الحكومي كآخر حل.

وتعتزم بعض المصارف، التي تمتلك الحكومة القطرية حصة فيها، عقد صفقات لجمع الأموال، فيما يحاول معظم المقترضين استهداف آسيا لسد الفجوة، التي خلّفها المقرضون الخليجيون.

وتراجعت الودائع الأجنبية في يونيو الماضي إلى أدنى مستوى في سنتين، وبالفعل، أجرى بنك قطر الوطني، أكبر المصارف في البلاد، مناقشات مع مقرضين دوليين بشأن طرح سندات والحصول على قروض، وكذلك أرسل المصرف التجاري القطري طلبات للحصول على عروض لقرض بقيمة 500 مليون دولار، كما يسعى «بنك الدوحة» إلى جمع أموال عن طريق طرح سندات بالدولار.

وتقول مصادر إن المصارف القطرية تجد أيضاً صعوبة في الحصول على تمويل قصير الأجل؛ حيث تطالب المصارف الدولية من هذه المؤسسات رهن أصول خارج قطر بدلاً من أصول داخلية للحد من المخاطر المرتبطة بالقروض.

ولم تسفر السياسات القطرية في دعم وتمويل الإرهاب، إلا انعكاسات سلبية على الاقتصاد القطري الذي يسجل مزيداً من الخسائر.

وبلغة الأرقام التي كشفت عنها وكالة «بلومبرغ» فإن الاقتصاد القطري يعاني أبطأ وتيرة نمو منذ عام 1995، إذ يتوقع اقتصاديون أن يتراجع نمو الناتج الإجمالي إلى 2.5% العام الجاري.

ووفقاً للتوقعات، فإن عجز الميزانية قد يصل إلى ما نسبته أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

وتشير وكالة «بلومبرغ» إلى أن انخفاض الواردات والودائع الأجنبية وارتفاع أسعار الفائدة، أديا إلى تفاقم التباطؤ، الذي تأثر أيضاً بانخفاض أسعار الطاقة العالمية.

في هذا الإطار، يشير تقرير سابق لـ«بلومبرغ» إلى أن البنوك القطرية تعاني مصاعب عدة بعدما تراجعت ودائعها، من جراء قطع نصف المستثمرين التقليديين علاقاتهم بقطر. ويرى اقتصاديون أن المشكلة الكبرى لبنوك قطر تكمن حالياً في خروج الودائع، ووفقاً لهؤلاء فإنه في حال لم تنفرج الأزمة ستكون الحكومة القطرية مضطرة إلى تقديم مزيد من الدعم، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من التراجع لجودة الأصول التابعة للبنوك.

تويتر