ورشة عمل «الإمارات للسياسات»: الدوحة بنت توجهاتها على كل ما يعاكس «مجلس التعاون» ويضرّ دوله

سياسيون وأكاديميون: قطر وقعــت في مأزق «أوهام الدول الصغرى»

جانب من ورشة العمل التي نظّمها مركز الإمارات للسياسات لمناقشة تبعات السياسات المنفردة لقطر في ضوء أزمتها الراهنة. الإمارات اليوم

أجمع خبراء وأكاديميون سياسيون على أن قطر باتت في مأزق الدول الصغرى، التي تَقَعُ ضحيةَ أوهامِها وتصوراتها لدورها وقدراتها، مؤكدين خلال مشاركتهم في ورشة عمل نظمها، أمس، مركز الإمارات للسياسات، في أبوظبي، أنّ الدوحة أقامت دورها الإقليمي وتوجهات سياستها الخارجية على كلِّ ما يُعاكس التوجهات العامة لـ«مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، ومصالح دوله، مشدّدين على أن سياسة التعارض التي تنتهجها الدوحة تجاه الرياض، تبتعد عن حقوق السيادة، كونها تضر سيادة الجيران والأشقاء.

أزمة قطر تقترب من شهرها الرابع، دون أن يتراءى أفق لحلها، أو تظهر بوادر لتسويتها.

الدكتورة ابتسام الكتبي

سياسات قطر متعارضة مع دول الخليج، وتتقصد الإضرار بالسعودية وأمنها الوطني.

عبدالرحمن الراشد

الأزمة في قطر، وليس مع قطر، وذلك يتضح من طموح النظام في قطر منذ 20 عاماً.

الدكتور عبدالخالق عبدالله

وتفصيلاً، نظّم مركز الإمارات للسياسات، أمس، ورشة عمل ناقشت خلالها تبعات السياسات المنفردة لقطر، في ضوء أزمتها الراهنة مع دول المقاطعة (الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين)، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين والأكاديميين والإعلاميين.

واتفق المشاركون بالورشة على «أن الأزمة في جوهرها تكمن في قطر، وليس معها»، مؤكدين أن الدوحة باتت في مأزق الدول الصغرى التي تقَع ضحيةَ أوهامها وتصوراتها لدورها وقدراتها، لاسيما أنها منذ عقدين رهنت بقاء النظام فيها بتصورها عن ذاتها كدولة صغيرة، وبالدور المطلوب منها.

وفي الكلمة الافتتاحية للورشة، قالت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة ابتسام الكتبي: «إن أزمة قطر تقترب من شهرها الرابع، دون أن يتراءى أفق لحلها، أو تظهر بوادر لتسويتها، بل ظلت الدوحة في سعيها إلى التغريد خارج السرب الخليجي، وحتى العربي، ولم تهتم بتقديم انعطافات دراماتيكية في تحالفاتها وعلاقاتها، أوالانتقال في سياساتها من النقيض إلى النقيض، بغية لعب دور إقليمي، سواء كان يتحقق باستضافة قواعد عسكرية أجنبية، أو بالانفتاح على دول صديقة وعدوة، مثل التقرب إلى ما يسمى تيار الممانعة، المتمثل في إيران و(حزب الله) ونظام الأسد، أو بالتحول عن هذا التيار والمراهنة على جماعات الإسلام السياسي إبان (الربيع العربي)، أو بالتحالف مع قوى إقليمية مهيمنة غير عربية، كتركيا وإيران».

ورأت الكتبي أن ما ميّز هذه الورشة أنها لم تكتف بتحليل أسباب الأزمة وواقعها، وتأثيراتها في طرفَيها وفي المنطقة، باعتبار أن ذلك جرى تناوله في كثير من المنصات الإعلامية والفكرية، لكنها حاولت البحث في خيارات الأطراف المختلفة، والتنبؤ بالمسارات المستقبلية المحتملة للأزمة. وهذا تحدٍّ ليس سهلاً، بالنظر إلى حالة الغموض التي تكتنف الأزمة.

وتضمنت الورشة، التي شارك فيها عدد كبير من الخبراء والسياسيين الدوليين والعرب، أربع جلسات، عقدت الأولى تحت عنوان «حيثيات قرار مقاطعة قطر الأخير.. قراءة إماراتية»، بينما ناقشت الثانية «السياقات الإقليمية والدولية للعلاقة بين قطر ودول مجلس التعاون ومصر»، فيما بحثت الجلسة الثالثة في «خيارات طرفي الأزمة»، واختتمت بجلسة رابعة عن «سيناريوهات الأزمة ومساراتها وتداعياتها».

وخلال الجلسة الأولى قدّمت الدكتورة ابتسام الكتبي، وجهة النظر الإماراتية لأزمة قطر، موضحة أنّ الدوحة أقامت دورها الإقليمي، وتوجهات سياستها الخارجية، على كل ما يعاكس التوجهات العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصالح دوله، مؤكدة أن مسوغات المقاطعة لقطر تتمثل في تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية للدول الأربع المقاطعة وغيرها، ولتمويل الدوحة الإرهاب وقوى التطرف في المنطقة، إلى جانب إقامة الدوحة علاقات خاصة مع إيران، وهذا، برأي الكتبي، «شأن سيادي، إلا أنه يبدو غير ذلك حين يصبح مُهدداً لمصالح مجلس التعاون، وهي المنظمة التي تنتمي إليها قطر، والتي من المطلوب منها (أي قطر) أن ترفض تدخل إيران في شؤون دول مجلس التعاون الداخلية، أو تهديد أمنها واستقرارها».

وحدّدت الكتبي سببين مباشرين قادا الدول الأربع لمقاطعة قطر، أولهما سياسات الدوحة كمهدّد لأمن واستقرار الخليج، وثانيهما رؤيتها مستقبل المنطقة، قائلة: «إن دولة الإمارات تنظر إلى أن الحفاظ على أمن السعودية واستقرارها ركيزة أساسية لأمن الخليج واستقراره، كما ترى أن السعودية تمثل أيضاً عمقاً استراتيجياً لها، وهذه الرؤية لا تتبناها قطر، ولا تتبناها إيران كذلك».

وبشأن الدور الإعلامي التخريبي، الذي تقوده قطر في المنطقة، ذكرت الكتبي أن قطر حرّكت بدلاً من «الجزيرة» عشرات المنصات والمواقع الإلكترونية الإعلامية، التي ارتبطت بجهاز الأمن القطري، الذي يديرها ويمدها بالتسريبات والمواد التي تدافع عن «الإخوان» والكيانات المتطرفة، و«الفبركات» التي تشوّه صورة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وتحرّض على حكوماتها، عبر التخصص في تَلقُّط وفبركةِ كل ما يسيء إلى هذه الدول، فكلما هاجم أحدهم الإمارات أو السعودية أو البحرين أو مصر في أي وسيلة إعلامية مشبوهة أو مغمورة، وجدناه في المنصات الإعلامية التي تدعمها وترعاها قطر، وتركيا، ووصل التحريض الإعلامي ذروته عبر مئات الحسابات الوهمية وغير الوهمية على قنوات التواصل الاجتماعي.

وتحدث في الجلسة الثانية الإعلامي والكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد، قائلاً: «من الأجدى أن نتحدث عن سياسات قطرية متعارضة مع دول الخليج، وليس عن سياسات متفردة، فالأمر ليس اجتهادات سياسية تهدف إلى تحقيق مصالح قطرية، وإنما هو سياسات تتقصد الإضرار بالسعودية وأمنها الوطني، إذاً، ما الفائدة من دعم (جبهة النصرة) أو دعم معارضين سياسيين، الأمر الذي يعني أنه ليس خلافاً على السياسات فقط».

فيما رأى الباحث السعودي سالم اليامي، أن التفحص في السياسات القطرية يؤكد أنها متعارضة مع السعودية، وقد يكون هذا حق سيادي لقطر، لكن حين يضر أمن السعودية ومصالحها، فإنه يبتعد عن حقوق السيادة ما دام يضر سيادة الجيران والأشقاء.

وقال اليامي: «السعودية ترى أن تأسيس (مجلس التعاون) أكسب قيمة استراتيجية للمنطقة العربية، وهو أصبح حجر الأساس في أمن المنطقة، وهذا الفهم بعيد عن فهم قطر، التي أصبحت تهدده، ولا ترى مصيرها مربوطاً ببقاء هذا المجلس وتطوره».

من جانبه، قال الإعلامي البحريني يوسف البنخليل: «إن البحرين كانت من أكثر الدول الأربع المقاطعة تضرراً من السياسات القطرية، ابتداء من الخلاف الحدودي البحريني القطري، الذي حسم لمصلحة البحرين منذ سنين، وقد أسهمت قطر في تشويه صورة البحرين، من خلال قناة الجزيرة، ودعمت الجماعات الإرهابية التي قتلت العديد من أفراد الشرطة والأمن».

فيما قالت الباحثة المصرية إيمان حسن: «إن رؤية الدولة المصرية بالنسبة لقطر لم تختلف كثيراً منذ عام 2011 وما قبله، أي أن عهد الرئيس السابق حسني مبارك، اعتبر قطر دولة غير صديقة، وإن أصبح هذا في عهد (الرئيس عبدالفتاح) السيسي أكثر تشدداً».

واتفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالخالق عبدالله، على أن الأزمة في قطر، وليس مع قطر، مشيراً إلى أن ذلك يتضح من طموح النظام في قطر منذ 20 عاماً.

تويتر