«المركزي القطري» يفضح تأثير الأزمة في الاقتصاد

قطر تواصل ضخ الودائع في البنوك لمواجهة هروب الأموال

وكالات التصنيف الائتماني خفضت تصنيفها للاقتصاد القطري مع نظرة مستقبلية سلبية. أرشيفية

رغم النظرة الإيجابية التي كشف عنها البنك المركزي القطري حول أداء البنوك المحلية، خلال شهر أغسطس الماضي، فإن البيانات الصادرة عن تقريره كشفت حجم الضغوط التي يتعرض لها النظام المالي للشهر الثالث على التوالي نتيجة الأزمة القطرية، ومع تواصل ضغوط المقاطعة الرباعية العربية لقطر، من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر، التي بدأت في الخامس من يونيو الماضي، لجأت الدوحة إلى بيع حصص في شركات عالمية بهدف توفير السيولة التي تراجعت بشكل كبير منذ بدء المقاطعة.

الأزمة أجبرت صندوق الثروة السيادية القطري، وشركات مملوكة للأسرة الحاكمة الحالية في قطر، على بيع بعض حصصهما في مجموعة من الشركات.

فالبيانات التي جاءت بالتقرير أكدت النزيف المستمر في الودائع الأجنبية التي هبطت بنسبة 5%، خلال أغسطس الماضي، على أساس شهري، لتفقد بذلك البنوك القطرية ما قيمته 35.6 مليار ريال من حجم ودائعها الأجنبية، بنسبة تراجع بلغت 19% في ثلاثة أشهر.

وأظهر تقرير لموقع وكالة «بلومبيرغ» مؤشرات قلق حادة داخل القطاع المصرفي القطري، على خلفية التطورات الأخيرة في الأزمة، التي بدأت تأخذ منحى أكثر تأثيراً في حركة الودائع والاستثمارات، خصوصاً الخارجية منها.

وكشف تقرير «بلومبيرغ» تراجع ودائع غير المقيمين في قطر بمقدار 22 مليار ريال، من 171 مليار ريال في يونيو، إلى 149 مليار ريال في أغسطس، ومن المتوقع زيادة وتيرة هروب الودائع من الدوحة على خلفية القلق من تداعيات أكبر أزمة سياسية تمرّ بها البلاد.

واضطرت السلطات النقدية والمالية في قطر، وعلى رأسها البنك المركزي، إلى تعزيز سيولة البنوك المحلية للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، في محاولة منها لتعويض الانسحاب الأجنبي من الاستثمارات والودائع المملوكة لغير المقيمين، في حين يقرأ كثير من المحللين المسؤولين عن إدارة الثروات إشارات سلبية من الأزمة المستمرة مع الجوار الخليجي.

وتحت ضغط الأزمة وتداعياتها، ضخت قطر أموالاً من الميزانية العامة للدولة، قفزت برصيد ودائع القطاع العام لدى البنوك بمعدل 10.5% إلى 295 مليار ريال، تعادل نحو 80 مليار دولار، بعد أن كانت هذه القيمة تشكل 267 مليار ريال في يوليو.

وتبلغ قيمة الأموال الحكومية المودعة بالبنوك، تحت ضغط القلق، نحو 53 مليار ريال منذ اندلاع الأزمة في الخامس من يونيو، وهو ما يعكس حجم الضغط الواقع على حكومة قطر من جراء تعنتها السياسي، وإدراكها خطورة الانسحاب الاستثماري والمالي من اقتصادها وعواقبه الوخيمة على سمعة الاستثمار واستقراره في المستقبل.

وتظهر البيانات القطرية نمواً بنسبة 5% في إجمالي الودائع، ليصل إلى 645 مليار ريال، كان بسبب ضخ أموال حكومية لتغطية العجز الواضح في السيولة من خلال انسحاب 22 مليار ريال في غضون شهرين، وربما تضطر السلطات القطرية إلى ضخ المزيد من الأموال السيادية من أجل تغطية حالة القلق الواضحة في النظام المصرفي لديها.

ويتحمل الاقتصاد القطري العبء الأكبر من مقاطعة اقتصادية مع إغلاق للحدود البرية والبحرية والمجال الجوي فرضتها أربع دول، هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ الخامس من يونيو الماضي.

ويتوقع محللون اقتصاديون أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي القطري، بأبطأ وتيرة منذ عام 1995 بسبب الأزمة المستمرة. وقد ضخ جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق الثروة السيادية في البلاد، قرابة 40 مليار دولار من أصل 340 مليار دولار «الاحتياطات المالية لدعم اقتصادها ونظامها المالي خلال الشهرين الأولين من الأزمة»، بحسب تقرير لوكالة موديز المالية.

ونتيجة هذا الوضع المالي المأزوم، اضطر صندوق الثروة السيادية القطري، وشركات مملوكة للأسرة الحاكمة الحالية في قطر، إلى بيع بعض حصصهما في مجموعة من الشركات. ومن أبرز الصفقات التي باعت من خلالها قطر حصصاً مؤثرة من أصولها بالعالم، قيام جهاز قطر للاستثمار، في أغسطس الماضي، ببيع جزء من حصته في بنك «كريديه سويس» لتتقلص ملكيته إلى 4.94%.

وفي مطلع الشهر الجاري، قامت شركة Precision Capital المملوكة لبعض أفراد العائلة الحاكمة القطرية، بمن فيهم حمد بن جاسم رئيس الوزراء السابق، ببيع حصتها البالغة 90% في بنك لوكسمبورغ الدولي مقابل 1.8 مليار دولار.

وبعد بيع الحصة في البنك بأيام قليلة، جرى بيع نحو 14% من الحصة المشتركة لجهاز قطر للاستثمار مع «غلينكور» في شركة النفط الروسية «روسنفت» مقابل تسعة مليارات دولار. وتجدر الإشارة إلى أنه من غير الواضح كم حصة قطر من الحصة التي بيعت، لكن المعروف أن جهاز قطر للاستثمار لايزال يمتلك 4.7% في «روسنفت».

وبمنتصف سبتمبر الجاري، باع جهاز قطر للاستثمار 4.4 ملايين سهم من أسهمه في شركة «تيفاني» لتجارة المجوهرات الفاخرة مقابل 417 مليون دولار. كما أن جهاز قطر للاستثمار لايزال يمتلك حصة 9.5% في «تيفاني» من خلال «شركة قطر القابضة».

تويتر