وصف الخطوة بالعقاب الجماعي التعسفي غير الجائز شرعاً ولا قانوناً

مسؤول سابق بالجامعة العربية: سحب جنسية «آل مرة» يناقض القانون الدولي

أطفال من قبيلة آل مرة في العراء عقب تهجير أسرهم. أرشيفية

أكد الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بجامعة الدول العربية، الدكتور هادي بن علي اليامي، أن ما قامت به السلطات القطرية من سحب مفاجئ لجنسية شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم، و54 من عائلته ومن قبيلة آل مرة، بينهم أطفال و18 امرأة، مخالفة صريحة لنصوص القوانين الدولية التي تنظم عمليات منح الجنسية وسحبها، وفق آليات وضوابط معينة.

ونبّه إلى خطورة ما أقدمت عليه سلطات الدوحة بتعريض هؤلاء الأشخاص للشتات والتشريد، حيث باتوا بلا وطن يؤويهم، ولا استقرار، إضافة إلى تعرضهم لكل أنواع المخاطر والحرمان مثل ضياع أراضيهم وأموالهم وممتلكاتهم، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، مثل الرعاية الصحية، والسكن، والتعليم، والعمل، وحرية الحركة.

اليامي أكد أن نصوص القانون الدولي تحرّم العقاب الجماعي الذي يتناقض كذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية، خصوصاً أن خطوة الحكومة القطرية اتخذت على خلفية اتهامات لا تسندها أدلة.

وقال «إن القانون الدولي لحقوق الإنسان يقر بحق الدول في أن تقرر من هم رعاياها، بيد أنه شدّد على أن ذلك الحق ليس مطلقاً، وينبغي على الحكومات كافة الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في ما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها، ويمنع الحرمان التعسفي من الجنسية، لأنه يزيد فعلاً من حرمان الأشخاص المتضررين، ما يرفع احتمال تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان، ويهدد حياتهم ومستقبل أطفالهم».

وأوضح أن القوانين الدولية تشدد على منح من تعرضوا لسحب الجنسية لأسباب غير تعسفية حق التظلم أمام المحاكم، وتوفير الفرص كافة لهم لإبداء وجهات نظرهم، وفق محاكمات عادلة تنسجم مع القانون الدولي.

وأشار إلى الملاحظات والتوصيات الختامية التي سبق أن أصدرتها لجنة حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية في يونيو 2013 بعد مناقشتها للتقرير الوطني الأول لدولة قطر وفق أحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان، حيث أوصت بـ«كفالة حق الأشخاص الذين تم إسقاط جنسيتهم، بضمان أن ذلك الإسقاط لم يتم بشكل تعسفي أو غير قانوني وفقاً للفقرة 1 من المادة 29 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، كما حثت الدوحة على مواصلة جهودها في تجنيس حاملي الوثائق وكفالة حق الأفراد باكتساب الجنسية لمنع حالات انعدام الجنسية».

وتابع أن اللجنة العربية أصدرت ملاحظاتها وتوصياتها لدولة قطر بعد مناقشتها للتقرير الدوري الثاني في مايو الماضي، وأبدت تأكيدها على ملاحظاتها بعدم تنفيذ السلطات القطرية لتوصيتها الخاصة بكفالة حق الأشخاص الذين تم إسقاط جنسيتهم في التظلم أو الطعن أمام القضاء، لضمان ألا تكون قرارات إسقاط الجنسية قد تمت بشكل تعسفي، إعمالاً لأحكام المادتين (13 و29) من الميثاق، وتمكين الأشخاص الذين تتم إسقاط جنسيتهم من التظلم أو الطعن أمام القضاء على القرارات الصادرة بذلك، وضمان ألا تؤدي تلك القرارات لنشوء حالات انعدام الجنسية.

وأكد اليامي أن ما أقدمت عليه الدوحة بسحب الجنسية من 55 مواطناً قطرياً يمثل مخالفة قانونية واضحة تتناقض مع القوانين الدولية كافة، لأنه نوع من العقاب الجماعي التعسفي، حيث لا يجوز شرعاً ولا قانوناً أخذ هذه الأعداد الكبيرة من المواطنين القطريين بجريرة غيرهم، كما تحرم نصوص القانون الدولي مثل هذا الفعل الذي يتناقض كذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ويتنافى مع قوله عز وجل: «كل نفس بما كسبت رهينة»، فالإنسان يسأل فقط عن تصرفاته ولا يحاكم بتصرفات غيره، ولو كان والده أو ابنه أو أخوه.

وأوضح أن ما قامت به الدوحة أخيراً هو حلقة جديدة من سلسلة خطوات استهدفت قبيلة آل مرة، حيث أقدمت عام 2005 على سحب الجنسية عن 6000 من أفراد القبيلة ذاتها، ما ترتب عليه إخلال واضح بالنسيج المجتمعي، وعقاب غير مدروس لمدنيين أبرياء، ما يعد أبشع أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان، ومخالفة للقوانين والمعايير الدولية، لاسيما أن تلك الخطوة اتخذت على خلفية اتهامات لا تسندها أدلة، ومبررات واهية من دون أي مبررات قانونية، كما أن القرار شمل العديد من الأطفال والنساء، لمجرد انتمائهم إلى أسر بعينها، مؤكداً أن حماية هؤلاء تبقى مسؤولية جميع المؤسسات والمنظمات الإنسانية، وضمان عدم تعرض أيٍّ منهم للخطر أو ضياع الحقوق المادية والأدبية.

تويتر