محطات «القطار القطري» للتطبيع المجاني مع تل أبيب

برقية سرّية تكشف دعوة تميم إلى حل سياسي لـ «نووي إيران» حمــاية لإسرائيل

حمد بن خليفة خلال استقباله ليفني في الدوحة عام 2008 في صورة نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية. أرشيفية

كشفت برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أميركيون حول قطر، أن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، دعا إلى حل سياسي للبرنامج النووي الإيراني لتجنيب إسرائيل الحرب، ما يوضح كيف دافعت الدوحة عن إسرائيل، فيما يمضي قطار التطبيع القطري المجاني مع إسرائيل.

220

عدد الطلاب الإسرائيليين في الدوحة، كما أن عدداً من الإسرائيليين زار الجامعات القطرية خلال العامين الماضيين، إضافة إلى مندوبين من المدارس الثانوية الإسرائيلية.

كان ذلك في لقاء عقده تميم مع أعضاء في الكونغرس الأميركي بالعاصمة القطرية الدوحة، يوم الخامس من أكتوبر 2007، بصفته ولياً للعهد، حيث وجه السفير الأميركي في قطر، مايكل راتني، إلى وزير خارجية بلاده، آنذاك، برقية فصّل فيها مجريات اللقاء، ولكن بعد خمسة أيام من انعقاده.

ومن واقع تفاصيل برقية أميركية دبلوماسية، كشفت «بوابة العين الإخبارية» ترؤس وفد الكونغرس النائب الجمهوري، ألين بويد، فيما شارك من الجانب القطري، إلى جانب تميم، شقيقته هند. وحذر تميم من أن عدم حل مشكلة الملف النووي الإيراني دبلوماسياً سيتسبب في حرب تضرّ إسرائيل.

وكتب راتني في البرقية «شرح تميم أنه على الرغم من أن قطر تختلف بالكامل مع إيران بشأن تطويرها للأسلحة النووية، إلا أننا نتشارك مع إيران في حقل كبير للغاز الطبيعي، ولذا فإن العلاقات بين البلدين يجب أن تكون طبيعية».

وأضاف تميم بحسب البرقية «قطر تعتقد أنه يجب حلّ مسألة النووي الإيراني دبلوماسياً، وإلا فإن الله يعلم ماذا سيحدث، الحرب ستخلق مشكلات كبيرة للمنطقة، بما في ذلك لإسرائيل».

وتأتي هذه البرقية في وقت تشهد العلاقات بين قطر وإيران تقارباً كبيراً، لاسيما بعد قرار قطع العلاقات الذي اتخذته الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، والذي فضح التحالف السري بين نظام الملالي وتنظيم الحمدين، الشريكَين في صناعة الإرهاب والتآمر على دول المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها.

ولم تنجح قطر، خلال السنوات الماضية، في إخفاء العلاقات القوية مع إسرائيل، بل عملت بكل قوة على التطبيع شبه المجاني في جميع المجالات الإعلامية والسياسية والاقتصادية، علاقات دافئة ومحطات مهمة بين الجانبين بدأت منذ انقلاب حمد بن خليفة آل ثاني على حكم والده في يونيو 1995، حتى أصبح قطار التطبيع القطري مع إسرائيل مجانياً.

وكانت المحطة الأولى في قطار التطبيع بعد انقلاب الابن بأشهر قليلة، حيث تم افتتاح مكتب تجاري لإسرائيل في الدوحة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلي، آنذاك، شمعون بيريز، وكان رئيس المكتب آنذاك يحمل رتبة سفير في الخارجية الإسرائيلية.

وليكتمل ولاء الدوحة لإسرائيل لفتح الطريق أمام عجلة قطار التطبيع المجاني، تم توقيع اتفاقية لبيع الغاز القطري إلى إسرائيل لمدة غير محدودة وبأسعار رمزية، وإنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب.

كما تم تأسيس قناة «الجزيرة» صاحبة الباع الطويل في التطبيع وفتح برامجها لضيوف إسرائيليين، حتى وصل حد قوة التطبيع في الإعلام القطري إلى احتضان عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، عزمي بشارة، الذي أصبح مستشاراً للأمير الحالي، تميم بن حمد، ويقود قطار التطبيع القطري الإعلامي مع إسرائيل.

وعن تلك الفترة، قال سامي ريفيل، الذي شغل منصب مدير مكتب المصالح بين البلدين في الدوحة: «إن من الصعوبة ترتيب العلاقات بين الجانبين( التي شارك فيها هو بنفسه) لولا حكومة قطر التي ذللت كل الصعاب».

استمرت رحلة المحطة الأولى حتى عام 2000، عندما حولت قطر التطبيع إلى مؤامرة من خلف الستار، حيث أغلق المكتب رسمياً إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وبحسب برقيات سرية كشفت، في موقع التسريبات «ويكيليكس»، النقاب عن أنه على الرغم من إعلان قطر إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي في الدوحة لتسهيل انعقاد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر 2009، إلا أن المكتب لم يغلق وبقي الموظفون الإسرائيليون فيه كالمعتاد.

وما قامت به آلة التطبيع القطرية «الجزيرة»، من هجوم تمثيلي على إسرائيل للتنديد بالاعتداءات في غزة، لم يكن إلا بغرض تقديم نفسها كـ«بطلة للعرب». وبعد غلق المكتب بشهر، وتجميد مكتب التمثيل الإسرائيلي، فإن قطر، بحسب البرقيات، عرضت إعادة فتح المكتب، لكن إسرائيل رفضت عرض الدوحة المجاني.

المحطة الثانية تعتبر من أكثر المحطات خطورة لتظهر تطبيع الدوحة مع إسرائيل الذي تحول من مجاني إلى ضرب استقرار محيطها العربي، وكشفها برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أميركيون في الدوحة.

ففي الملف الفلسطيني، قامت قطر بالضغط على حركة حماس للمشاركة في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، استجابة لطلب من وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، كوندليزا رايس. كما عملت على إقناع «حماس» بالاعتراف بإسرائيل في مسعى منها لإنشاء علاقة استراتيجية بين الجانبين.

وفي برقية سرية أخرى في 15 فبراير 2006 «تلقى حمد بن جاسم مكالمة هاتفية من وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، واتفق على اللقاء بعد الانتخابات الإسرائيلية، وعن لقائه مع مشعل قال لها: إنهم سيعترفون بكم».

وفي الملف الليبي، تظهر العلاقات الدافئة بين الجانبين، فمنذ أيام اعتقلت السلطات الليبية إمام مسجد يدعى (أبوحفص)، تبين أنه «يحمل الجنسية الإسرائيلية ويحمل لقباً مزيفاً، واسمه الحقيقي هو بنيامين إفرايم». كشفت تلك القصة فصلاً جديدة من التآمر القطري - الإسرائيلي على أمن المنطقة العربية.

فـ(أبوحفص) ضابط مخابرات إسرائيلي، بدأ حياته بها رجل دين، عقب المؤامرة القطرية ضد حكم العقيد معمر القذافي عام 2011، ليؤسس جماعة باسمه أصبحت إحدى جماعات تنظيم داعش، الأكثر دموية في ليبيا، لتنقل عملياتها من هذا البلد إلى مصر.

ومع الهزائم المتتالية لتنظيمات الإرهاب القطري، وقع (أبوحفص) في أيدي السلطات الليبية، لتظهر حقيقته، فإمام المسجد الممول من النظام القطري ضابط إسرائيلي يعمل لحساب جهاز الاستخبارات «الموساد». المحطة الثالثة كان عنوانها الأبرز هو وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، التي عقد معها حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق، صراحة، التطبيع المجاني من دون حل القضية الفلسطينية، حيث أعلنت القناة (10) بالتلفزيون الإسرائيلي، أول من أمس، أن وزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم، التقى وزيرة خارجية إسرائيل السابقة، تسيبي ليفني، في نيويورك عام 2005 في أحد الفنادق بنيويورك.

وبحسب القناة، فإن بن جاسم استغل وجود ليفني في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلتقي بها، موضحة أن بن جاسم أكد لليفني رغبة الدوحة في إقامة علاقات دبلوماسية علنية مع تل أبيب، تتمثل في إنشاء سفارات وتمثيل تجاري، وأن بناء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لا يشترط إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

وفي أبريل 2008، قامت تسيبي ليفني - القائمة بأعمال رئيس الوزراء حينذاك - بزيارة لقطر استغرقت ثلاثة أيام، وألقت كلمة في منتدى الدوحة للديمقراطية والتطوير والتجارة الحرة، والتقت بأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.

وقد أسهم قطار قطر للتطبيع المجاني بشكل كبير في تعزيز الانقسام بين الفلسطينيين، وإنهاء مشروع الدولة الفلسطينية، لمصلحة المشروع التوسعي الإسرائيلي في المنطقة.

أما المحطة الرابعة فكانت المنح المجانية وهدايا نظام تميم، حيث كشفت صحيفة «عكاظ» السعودية أن الحكومة القطرية منحت العام الجاري جنسيتها مجاناً للإسرائيليين، وفتحت جامعاتها لطلابها، وأغدقت عليهم المنح الدراسية ومكنتهم من السفر لإسرائيل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع.

وبحسب الصحيفة، قدمت قطر للإسرائيليين منحاً دراسية تقدر بـ35 ألف دولار لكل طالب، تمنحها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، التي أنشأتها موزة بنت ناصر المسند، زوجة أمير قطر السابق.

وأضاف أن عدداً من الإسرائيليين زار الجامعات القطرية، خلال العامين الماضيين، إضافة إلى مندوبين من المدارس الثانوية الإسرائيلية، وهم يشاركون بانتظام في مؤتمرات سنوية، ويبلغ عدد الطلاب الإسرائيليين في الدوحة 220 طالباً.

وفي عام 2013، نقلت طائرة قطرية 60 يهودياً يمنياً من اليمن إلى إسرائيل، حيث حطت الطائرة في مطار بن غوريون.

وجاءت تلك العملية برعاية إسرائيلية وبتنسيق قطري من دون أن ينفي القطريون ذلك، ولايزال القطار القطري في مساره المجاني لتوطيد العلاقات مع إسرائيل.

تويتر