مبعوث «الحمدين» وخنجر طهران المسموم في خاصرة الخليج

السليطي شريك «إطلاعات» فـي لعبة تسييس الحج.. يجدّد الولاء لنظام الملالي

صورة

تصرّ قطر على الانسلاخ عن محيطها الطبيعي الخليجي والعربي، واستبداله بالأحضان الإيرانية، وفي غمرة ارتباكها، تقرر إعادة مبعوث «الحمدين» السفير القطري إلى طهران مُجدداً الولاء لنظام الملالي، حيث يعد السفير، علي بن أحمد علي السليطي، خنجر طهران المسموم في خاصرة الخليج، وشريك «إطلاعات» في لعبة تسييس الحج، لتأتي العودة بعد أشهر من سحبه ضمن إجماع كان من المفترض أن تبقى في إطاره.

السليطي لعب دوراً كبيراً في تمويل حركة الوفاق الإرهابية بالبحرين، وتوصيل «إطلاعات» بعناصر إرهابية في القطيف السعودية.

لم تعد العلاقة بين قطر وإيران بحاجة إلى توثيق أو تمثيل رسمي، فما بات يجمع البلدين أكبر من مجرد حبر على ورق بمفردات دبلوماسية، لكن يبدو أن الدولتين أرادتا صيغة رسمية لتأكيد التقارب.

ورغم الاتهامات الموجهة للسلطات الإيرانية في التورط بالهجوم على السفارة السعودية بما يخالف كل المواثيق الدولية، التي تؤكد مسؤولية الدول في حماية البعثات الدبلوماسية لديها، تصطف قطر مرة أخرى في المربع الإيراني على حساب الأمن القومي العربي والخليجي.

وعودة السفير القطري إلى إيران يراها كثيرون استمراراً للنهج القطري المتسق مع السياسة الإيرانية، فالدوحة لا ترى في الدعم الإيراني للإرهاب وتأجيج الصراعات ضرراً له انعكاساته السلبية على دول المنطقة، بل إن قطر نفسها تسهم في ذلك، حسب أدلة كثيرة ظهرت أخيراً.

وفي ظل هذا الاعتقاد السائد في السياسة القطرية، تجد الدوحة في طهران ضالتها، فيعود السفير وتتنامى العلاقات بين الحليفين قطر وإيران.

وفي (4) شارع غولازن بـ«أفريكا أفنيو»، إحدى ضواحي العاصمة الإيرانية طهران، حيث يقع مبنى السفارة القطرية، بدأ سفير الدوحة في إيران، علي بن أحمد علي السليطي، أولى خطواته، أول من أمس، ليس كدبلوماسي عادي كبقية رؤساء البعثات التي توجد على امتداد الشارع نفسه، بل كسفير «فوق العادة» وحلقة وصل بين أكبر تنظيمين إرهابيين في المنطقة، حسب ما تفيد أوراق اعتماده السرية.

فمبعوث «تنظيم الحمدين» لنظام الملالي يقدم فروض الولاء والطاعة عند ضريح الخميني بطقوس تعبدية أكثر منها مراسم سياسية، قبل تقديم أوراق اعتماده رسمياً.

وبإعلان وسائل إعلام إيرانية، أمس، أن السفير القطري يستأنف عمله، يبدو الأمر مزحة سخيفة، فالعلاقات بين طهران والدوحة لم تُقطع أصلاً، كما فعلتها الدوحة من قبل بشأن العلاقات مع إسرائيل، والادعاء بإغلاق مكتب التمثل التجاري الإسرائيلي في الدوحة.

وفي هذا السياق، قالت وسائل الإعلام الإيرانية إن سفير قطر في طهران، علي بن أحمد علي السليطي، بدأ أعماله، أول من أمس، رسمياً، بينما لاتزال التساؤلات تدور حول مزاعم الدوحة التي أطلقتها في بداية الأزمة، حول «تهكير» وكالة أنبائها ونفي صحة التصريحات التي أطلقها أمير قطر حول التقارب مع إيران.

وتداولت الوكالات الإيرانية صورة للسفير القطري وهو يقدم أوراق اعتماده لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وقد اعتبرت الأمر انتصاراً إيرانياً جديداً على المحور العربي في المنطقة من خلال ما وصفته باختراق الصف العربي.

ووفقاً لوكالة «تسنيم» الإيرانية، فقد استأنف السفير القطري أعماله بمبنى السفارة القطرية في طهران، لتكشف الأحداث أن كل ما ورد في تصريحات أمير قطر، التي نفتها الدوحة بزعم اختراق وكالتها، هي وقائع صحيحة، وأن السعي القطري للتقارب مع طهران توج بتعيين سفير لها في إيران.

كما أن طهران أعلنت، أمس، أن الدوحة هي من طالبت بعودة سفيرها إلى العاصمة الإيرانية، خلال مكالمة بين وزيري خارجيتي البلدين، مساء الثلاثاء الماضي، وذلك بحسب تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي.

وكشف قاسمي أن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، طلب عودة سفير بلاده بعد مكالمة جمعته بنظيره جواد ظريف، وفق ما جاء في وكالة «إيرنا» الرسمية.

من جهته، نقل موقع «عصر إيران»، المقرب من مكتب الرئاسة الإيرانية، عن المكتب الإعلامي التابع لوزارة الخارجية القطرية «دولة قطر عبرت عن تطلعها لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية في إيران في كل المجالات»، وأشار الموقع إلى الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية القطري بنظيره الإيراني، وتأكيده رغبة بلاده في إعادة سفيرها إلى طهران.

كما أن السليطي، على الرغم من غيابه، كان حاضراً بقوة وملازماً للمرشد الإيراني ورجال القسم الخارجي لشرطته السرية.

ثمة تساؤلات عدة تلف تحركات السليطي، فالرجل الذي يحيط نفسه بسرية كبيرة، ويبدو كشخصيات رجال المخابرات في أفلام الحركة الأميركية، لم يبرح طهران على الرغم من إعلان دولته سحبه رسمياً في السادس من يناير 2016، وهو الأمر الذي أكدته مصادر متطابقة، مشيرة إلى أن رجل «الحمدين» الغامض ظل ملازماً للمرشد الأعلى في طهران طوال هذه الفترة ولم يغادر للدوحة كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، ليواصل أداء مهامه بعيداً عن الكاميرات ووسائل الإعلام التي يقف منها السليطي موقفاً عدائياً، فهو كعادة رجال المخابرات يعشق العمل في الظلام بعيداً عن رقابة وسائل الإعلام.

ويعتبر السليطي، الذي تكاد تكون المعلومات عن تاريخه السياسي معدومة على محركات البحث، أحد ضباط المخابرات القطرية الذين أشرفوا مع فرقة خاصة من «وزارت إطلاعات جمهوري إسلامي إيران» (الجهاز السري الإيراني)، لتسييس الحج، وهي الجهود التي أجهضتها مبادرة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، أحد كبار الأسرة الحاكمة في قطر، بوساطته التي استجاب لها خادم الحرمين الشريفين، معلناً استضافة حجاج قطر على نفقته الخاصة.

كما أن استغلال «نظام الملالي» للسليطي لم يكن وليد أيام المقاطعة التي اتخذتها قطر لتعلن عن ولائها لطهران، فهو ومن قبل تنصيبه سفيراً في «غولازن استريت»، يعمل بمثابة الخنجر الإيراني المسموم في خاصرة الخليج العربي، حيث لعب دوراً كبيراً في تمويل حركة الوفاق الإرهابية في البحرين، وتوصيل «إطلاعات» (الاسم الفارسي لجهاز المخابرات الإيراني) بعناصر إرهابية في القطيف السعودية.

وتولى رجل إيران الغامض أدواراً قذرة عديدة في المنطقة، فبحسب مسؤول إيراني سابق، عاصر أيام السليطي الأولى في رئاسة البعثة الدبلوماسية الإيرانية، فإن علاقات عديدة تجمع الرجل بمسؤولين رفيعين في أجهزة المخابرات الإيرانية، مشيراً إلى أن طهران أوكلت للرجل مهام عدة تتجاوز الأعراف الدبلوماسية، حيث يتعامل مباشرة مع ملفات الحركات الإرهابية المدعومة من الدوحة وطهران لزعزعة أمن دول مجلس التعاون الخليجي.

خصوصية العلاقة التي يتمتع بها سفير قطر في إيران، أكد عليها كذلك المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام سليماني، مشيراً إلى أن إعادة السفير القطري إلى طهران قرار منطقي وإيجابي، ليعرب عن استعداد بلاده لبذل المزيد من الجهود مع السليطي، من دون أن يكشف عن طبيعة الجهود المشتركة مع مبعوث «الحمدين».

تويتر