استقطبت قوى إقليمية كبرى

الأزمة القطرية ليست قضية إقليمية صغيرة

صورة

دور قطر في تقويض الاستقرار في العالم الإسلامي السنّي أمر لا يقبل الجدال، ويتطابق مع الدور الهدام نفسه الذي تلعبه إيران في المنطقة. استخدمت قطر شبكة قناة الجزيرة الإعلامية، التي تتخذ من الدوحة مقراً لها، لشن حرب دعائية ضد الدول الأخرى في المنطقة، وقدمت تمويلاً ضخماً للميليشيات الإرهابية لزعزعة استقرار جيرانها.

وتقف أنشطة قطر المزعزعة للاستقرار، في تناقض تام مع المشاركة الناجحة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أول قمة أميركية إسلامية بين 20-21 مايو. وكان هدف تلك القمة ليس فقط عزل إيران، ولكن أيضاً الحصول على موافقة جميع قادة الدول، باتخاذ خطوة ملموسة لقطع التمويل عن المجموعات الإرهابية، مثل تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وغيرهما من الإرهابيين. وفي هذا الخصوص أكدت القمة أن قطر تمثل مشكلة بين الدول الأخرى الممثلة في تلك القمة، ودعمت علناً الجماعات المتطرفة المختلفة، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين على أعلى المستويات.

• عندما وضعت الدول المقاطعة لقطر، والتي تقودها السعودية، مبدئياً 13 مطلباً أمام قطر، كان قلقها الأساسي ينبع من العلاقة المشبوهة لقطر مع إيران، التي يعتبرها تحالف هذه الدول بأنها تمثل تهديداً وجودياً لحكوماتها.


إيران قوة تهديد

إن الخلاف الخليجي، الذي استقطب أيضاً النظام الموالي لـ«الإخوان المسلمين» في تركيا ليقف إلى جانب إيران وقطر، هو أكثر من مجرد قضية إقليمية صغيرة. وإن الرئيس ترامب محق في زعمه بأن هناك تهديداً نووياً من إيران، وهناك أجندة هدامة يتبناها «الإخوان المسلمين». وينبغي أن يظل ملتزماً بتعهداته لمناهضة محور إيران - قطر - تركيا (الداعم للإرهاب) الجديد.

ليس من المستغرب أن تتحول المملكة السعودية وحلفاؤها، الإمارات، والبحرين، ومصر ضد قطر، وتقاطعها دبلوماسياً واقتصادياً، ولا يجدي دول المنطقة نفعاً في الوقت الحاضر تلك العلاقة الحميمة بين القيادة القطرية وإيران، وكون دولة قطر تعمل بمثابة مصرف لإيران وعميل دبلوماسي لها. وعندما وضعت الدول المقاطعة لقطر، والتي تقودها السعودية، مبدئياً 13 مطلباً أمام قطر، كان قلقها الأساسي ينبع من العلاقة المشبوهة لقطر مع إيران، التي يعتبرها تحالف هذه الدول بأنها تمثل تهديداً وجودياً لحكوماتها. كما أن دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، على وجه التحديد، جعل هذه الدول تتخذ موقفاً واضحاً من دولة قطر، لاسيما بعد فوضى «الربيع العربي»، عندما رأت السعودية ودولة الإمارات صعود «الإخوان المسلمين» إلى السلطة في مصر، بأنه يمثل تهديداً قوياً لأمن المنطقة. ومما زاد من حدة المشكلة دعم إدارة الرئيس الاميركي السابق، باراك أوباما، لجماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي زاد من قلق هذه الدول.

وبغض النظر عن كل ما سبق تورد تقارير بأن «القشة التي قصمت ظهر البعير» هي الفدية، البالغ قدرها مليار دولار، والتي دفعتها الحكومة القطرية لبعض الميليشيات المنتسبة لإيران لتحرير 26 مواطناً قطرياً مختطفين في العراق من قبل ميليشيا مدعومة من إيران، وهي «كتائب حزب الله» في ديسمبر عام 2015 خلال وجود هؤلاء المواطنين في العراق، وتم تحرير 50 من الجماعات المتطرفة المسلحة الأخرى في سورية ضمن الصفقة نفسها، كما ورد في صحيفة «فايننشال تايمز» الصادرة في 5 يونيو.

وما يعقّد الوضع أكثر الرسائل المتناقضة التي يطلقها كل من وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس. فالزيارة غير المدروسة التي قام بها تيلرسون الى الكويت في محاولة للتوسط لحل النزاع، قبل أن يصوغ خريطة صلبة لإنهاء المواجهة لم تؤدِّ سوى إلى زيادة الارتباك. وفي هذه المرحلة، فإنه ليس من الواضح ما اذا كان تيلرسون وبقية المسؤولين الموجودين في وزارته من عهد أوباما على الخط نفسه الذي يسير عليه ترامب، الذي أوضح بشكل جلي دعمه للسعودية في هذه المواجهة.

وتسبب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، في مزيد من التعقيد عندما طالب بحظر تصدير الأسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي، ظناً منه أن ذلك سيجبر هذه الدول على التوصل الى تسوية في ما بينها دون أن يدرك أن دعم قطر لإيران و«داعش»، وجماعة الإخوان المسلمين، هي القضية الرئيسة. وقد يؤدي هذا الحظر المحتمل إلى تعريض صفقة أسلحة ترامب مع السعودية، والتي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار، للخطر.

في هذه المرحلة، يجب على ترامب أن يتولى مسؤولية قيادة الموقف الأميركي. ويجب على قطر أن تصحح مفهومها بشأن استخدام أميركا قاعدتها الجوية في العديد، حيث تعتقد قطر أن استخدام الولايات المتحدة لهذه القاعدة هو أفضل بوليصة تأمين للدوحة، لأنها ستضمن بأن الولايات المتحدة تقف بجانبها. إذا رفضت قطر التعاون، علينا أن نقول لها بوضوح إننا على استعداد للخروج من العديد. وقد أشارت دولة الإمارات بالفعل إلى أنه سيكون من دواعي سرورها أن تستضيف قوات القيادة المركزية الأميركية الموجودة حالياً في العديد، وهي على استعداد لتوسيع المرافق الإماراتية بشكل كبير لاستيعاب مثل هذه الخطوة. مثل هذه التحركات ستجعل قطر تضطر لقبول مطالب الدول الأربع، مستخدمين الإبقاء على القوات الأميركية في العديد كورقة ضغط.

ويتعين على الولايات المتحدة الأميركية على الفور، تأجيل بيع الطائرات المقاتلة النفاثة بقيمة 12 مليار دولار لقطر، حتى تتم تسوية النزاع. كما يجب مراجعة حظر الأسلحة لمجلس التعاون الخليجي لأنه يعاقب السعودية بصورة غير مبررة، عن معدات وذخائر هي في أشد الحاجة إليها، كما أن بيع هذه الأسلحة يصب في المصلحة الأميركية.

جيمس.أ. ليونز- ضابط بحري متقاعد بالقوات البحرية الأميركية، شغل منصب القائد العام للأسطول الأميركي في المحيط الهادئ.

تويتر