بعد حظر تحليقها في الأجواء السعودية والإماراتية

الخطوط الجوية القطرية تواجه فترة عصيبة ووضعاً مالياً معقّداً

صورة

يضيق الخناق على الخطوط الجوية القطرية كل يوم، بعد الحظر الجوي الذي فرضته عليها كلٌ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ضمن عقوبات برية وبحرية بسبب دعم قطر للإرهاب، من بين أسباب أخرى، وعانت هذه الإمارة الصغيرة كثيراً جراء هذه المقاطعة، لاسيما لناقلها الوطني، الخطوط الجوية القطرية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو الى أي حد أثرت هذه الأزمة في هذا اللاعب المهم في الاقتصاد القطري؟

خسارة «مقعدية»

لأن رحلات الخطوط القطرية المغادرة من قطر، والقادمة إليها، لم تعد تستخدم الأجواء السعودية والاماراتية، بعد أن قطعتا علاقتهما مع قطر، غيرت الخطوط القطرية اتجاه رحلاتها الجوية مستخدمة الأجواء التركية والإيرانية، وفقدت الدوحة بعد اتخاذها هذه الخطوة 50 رحلة يومياً تقريباً، و18 وجهة دولية، و18% تقريباً من «السعة الاستيعابية لمقاعدها»، كما يقول المدير الإداري في مؤسسة ايروتاسك، روب واتس، وهي شركة عالمية لاستشارات الطيران. ويضيف: «هذه السعة المدرّة للربح من شأنها أن تفرض تحدياً خطيراً لشركات الطيران». وأكد تقرير صدر أخيراً عن مركز «كاب» للطيران «أن حظر الرحلات الجوية له تأثير أكبر في الخطوط الجوية القطرية، التي كانت تسيّر رحلات على الخطوط المحظورة أكثر من غيرها من خطوط الطيران الأخرى مجتمعة».

وفي رد فعلها على الأزمة، ولتعويض ما فقدته من إيرادات أضافت الخطوط الجوية القطرية رحلات طيران جديدة الى الجمهورية التشيكية وفرنسا ومقدونيا، وسلطنة عمان، والتي ستكون سارية المفعول بحلول نهاية عام 2017. كما أعلنت عن خدمات جديدة إلى أستراليا، والبرازيل، وشيلي، والولايات المتحدة لعام 2018. ويبدو أنها تبحث عن وجهات جديدة لمواجهة الآثار المترتبة على فقدان جزء كبير من رحلاتها الخليجية.

• الدوحة فقدت بعد اضطرارها استخدام الأجواء الإيرانية والتركية بسبب المقاطعة 50 رحلة يومياً تقريباً، و18 وجهة دولية، و18% تقريباً من السعة الاستيعابية لمقاعدها.

• شركة الخطوط الجوية القطرية أعلنت عن خسائر تشغيلية قدرها 703 ملايين دولار للسنة المالية التي تنتهي في 2017، بالرغم من تلقّيها دعماً بقيمة 500 مليون دولار.

• إذا كانت الخطوط الجوية القطرية تكافح من أجل تحقيق الأرباح قبل الحظر، فإنها الآن تواجه مأزقاً حقيقياً مع نهاية العام المالي المنتهي في 2018، مع الممر الجوي الضيق المتاح أمامها، ومع المزيد من الوقت الذي تقضيه عالقة في المجال الجوي الإيراني.

وبالإضافة إلى ذلك، سعت الخطوط القطرية لتشغيل أسطولها على الدوام من خلال تأجير تسع طائرات أيرباص A320، وطاقم مقصورة لشركة الخطوط الجوية البريطانية للرحلات قصيرة المدى ما بين الاول الى الـ16 من يوليو هذا العام. وتم استخدام الخطوط الجوية القطرية أيضاً لنقل 4000 رأس من الماشية الى قطر قادمة من أستراليا والمجر والولايات المتحدة على 60 رحلة.

وعلى الرغم من مشروعاتها التجارية الأخيرة، فإن الخطوط الجوية القطرية لديها علاقة شائكة مع شركات الطيران الأميركية. وفي الآونة الأخيرة، وجهت شركة الطيران القطرية انتقاداً قوياً الى دلتا ايرلاينز بعد انتقادها كبر سن مضيفاتها، واصفة إياهن بـ«الجدات».

وفي أوائل يوليو، أعلنت شركة إيرباص أن الخطوط الجوية القطرية ألغت طلبية لأربع طائرات طراز A350s بقيمة 1.2 مليار دولار.

وبغض النظر عن موقع قطر في ما يتعلق بتأثير الازمة، فمن المؤكد أن يتسبب ضيق الممر الجوي، جراء الحظر الجوي من دول الجوار، في ايجاد مشكلات اقتصادية. وكما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» فإن «الخطوط الجوية القطرية هي شركة طيران عملاقة عالمية، ولديها 197 طائرة، معظمها يتجه لأكثر من 150 وجهة من مركزها في العاصمة القطرية الدوحة، وهي لاعب رئيس في تحالف طيران (ون ورلد) الذي يضم الخطوط الجوية الأميركية، حيث ظلت هذه الطائرات تجتاز المجال الجوي السعودي بصورة منتظمة قبل الأزمة. جميع الرحلات الجوية إلى ساو باولو وما بعدها إلى بوينس آيرس تتخذ طريقها عبر الأجواء السعودية، كما استخدمت بكثافة المجال الجوي الإماراتي الذي يقع الى الشرق من قطر للوصول الى دول آسيا والمحيط الهادئ، لذلك فان الصعوبات التي تواجهها الناقلة القطرية جراء المقاطعة الخليجية بالغة التعقيد».

وبسبب حظر الخطوط القطرية من استخدام المجال الجوي السعودي والإماراتي اضطرت طائراتها إلى استخدام مجالات اخرى، تسمح لها بالتحليق حول «المجال الجوي المحظور»، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل هذا يؤثر بشكل كبير في عمليات الخطوط الجوية القطرية؟ للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نضع في الأذهان حقيقة ان صناعة الطيران تعتمد في عائدها على درجة رجال الاعمال والدرجة الاولى، بينما تسهم الدرجة السياحية في تغطية تكاليف التشغيل.

خسائر تشغيلية

وتؤكد مؤسسة «بارتنرشيب فور اوبن آند فير سكايز» أن شركة الخطوط الجوية القطرية أعلنت عن خسائر تشغيلية قدرها 703 ملايين دولار للسنة المالية التي تنتهي في 2017؛ وحدث هذا حتى بعد ان تلقت دعماً بقيمة 500 مليون دولار. كما صنفت صحيفة «ايرلاين ويكيلي» في 19 يونيو 2017 الخطوط القطرية «على أنها الرابعة من حيث أسوأ أداء في مجال صناعة الطيران في العالم». والشاهد هنا أن هذا الأداء المالي الباهت يأتي قبل فرض الحظر الجوي عليها من قبل دول الجوار، وهذا الحظر من شأنه أن يجعل السفر الجوي بالنسبة لها أكثر كلفة من ذي قبل.

وهناك لوائح هيئة الطيران المدني المطلوب الالتزام بها في جميع الأوقات، فمجرد ان تصل أي رحلة جوية الحد الأقصى للساعات المسموح للطاقم الجوي العمل خلالها، تستدعي الضرورة استدعاء طاقم جديد. فعلى الرحلات المباشرة من لوس أنجلوس الى سيدني، على سبيل المثال، ينبغي ان يكون هناك طاقم احتياطي يتسلم مهام الرحلة في منتصف المسافة، وتعني طواقم إضافية مزيداً من غرف الفنادق، وربما طال وقت العودة، وهذا كله يعتبر كلفة إضافية.

وهناك مثال محلي، حيث تستطيع «طيران الإمارات» السفر إلى أثينا والعودة باستخدام طاقم الطائرة نفسه، لأن مجموع ساعات الطيران تقل عن الساعات القصوى المسموح بها حسب اللوائح، وكانت الخطوط القطرية تفعل الشيء نفسه قبل الحظر المسبق؛ لكن عليها الآن أن تضيف 45 دقيقة اخرى في الجو لتطير حول المجال الجوي السعودي، ثم تتجه نحو تركيا؛ ولهذا السبب تتجاوز خلال رحلتها الى أثينا الساعات الاجمالية للحد الأقصى لعمل الطاقم الجوي، وتكون هناك حاجة الى طاقم جوي إضافي.

مأزق حقيقي

إذا كانت الخطوط الجوية القطرية تكافح من أجل تحقيق الأرباح قبل الحظر؛ فإنها الآن تواجه مأزقاً حقيقياً مع نهاية العام المالي المنتهي في 2018، مع الممر الجوي الضيق المتاح أمامها، ومع المزيد من الوقت الذي تقضيه عالقة في المجال الجوي الإيراني الواسع، حيث يتم احتساب رسوم على كل رحلة في هذا المجال الجوي، بالإضافة إلى حقيقة حاجتها إلى إضافة مزيد من أطقم الطيران لرحلات الطيران في إفريقيا.

ومثلها مثل «طيران الإمارات» تعتبر الخطوط الجوية القطرية مساهماً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومثلها مثل «طيران الإمارات» أيضاً فإن سوقها الحرة وبرامج سفرياتها تعتبر جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية لتطوير السياحة والخدمات اللوجستية وكسب حصة أكبر من الركاب. وعلى العكس من «طيران الإمارات» يبدو أن استراتيجية الطيران القطري لم تسهم في استدرار أرباح تشغيلية وعملات أجنبية لقطر، لكنها في الواقع امتصت في العام الماضي النقد الأجنبي واستخدمته كله. فهل هذا موقف يبعث على الاستدامة؟ حسناً هذا يعتمد على مدى استعداد قطر للوجود في هذه السوق الكبيرة.

ولكن لا يبدو ان أياً من الطرفين يتزحزح عن موقفه، في أواخر يونيو، قدمت الدول المقاطعة قائمة من 13 نقطة تطلب فيها من قطر الايفاء بها، وتشمل طرد القوات العسكرية التركية، وقطع العلاقات مع إيران، وإغلاق قناة الجزيرة، ودفع التعويضات، والموافقة على خضوعها للمراقبة من أجل التأكد من إيفائها بالمطالب. ولم تستجب قطر خلال مدة الأيام العشرة التي حددتها لها الدول المقاطعة، ولم تتراجع هذه الدول عن مطالبها تلك.

تويتر