الدول الخليجية أكثر أمناً مع ترامب

الدول الخليجية مرتاحة جداً إلى أن أمن الخليج عاد ليصبح التزاماً أميركياً بامتياز. ما قاله ترامب أثناء الحملة الانتخابية بشأن مشاركة دول الخليج في كلفة ما تقدمه أميركا أمنياً، أمر تتفهمه الدول الخليجية، وهو كان دائماً ما كان احد أسس العلاقات الأمنية الأميركية - الخليجية. استعادة الثقة الخليجية بالتعهدات الأمنية الأميركية لا ثمن له عند دول الخليج، لاسيما بعدما اهتزت العلاقة والثقة جذرياً بينها وبين باراك أوباما، ليس فقط بسبب الود الأميركي - الإيراني، وإنما أيضاً نتيجة انعكاس البرود الأميركي حينذاك على الشعور بالأمان والاعتماد على الضمانات الأمنية.

شعرت الدول الخليجية أن أوباما تعمَّد تهميشها واستبعادها عن الحديث الإقليمي، بل أراد تحجيمها، فيما كان في الوقت ذاته يدلّل إيران ويُطلِق عنانها في الجغرافيا العربية، عبر تدخّلها في اليمن ودعمها للحوثيين هناك. ورأت أيضاً أن باراك أوباما قرر أن يدعم الشيعة ضد السنّة في الصراع المذهبي بينهما، وذلك بدعمه طموحات إيران الإقليمية، وليس فقط نتيجة اتفاق نووي أعطى طهران حق امتلاك القرارات النووية كمبدأ، ونسف نظام منع انتشار الأسلحة النووية، واشترى منها تجميد النشاطات النووية غير المدنية لمجرد 10 سنوات.

اليوم يأتي دونالد ترامب بسياسة تفيد بجديد في تلك المعادلة. لعل في ذهن السياسة الأميركية بعيدة المدى، استعادة بعض التوازن نحو السُنَّة والشيعة لإخماد الحرائق، ومن أجل استيعاب العداء، وكي يكون في الإمكان إلحاق الهزيمة النهائية بالراديكالية الإسلامية بكل أوجهها، إن كانت على صعيد تنظيمات «داعش» و«القاعدة» و«النصرة» وأخواتها من الراديكالية السنّية الإرهابية المدمرة، أو على صعيد الميليشيات الشيعية التي صنعتها إيران في إطار مشروعها الإقليمي.

أولى محطات مراجعة إدارة ترامب سياساتها نحو إيران، تقع في استراتيجيتها الجديدة لمحاربة «داعش» في العراق بالدرجة الأولى. ما يقوله المدافعون عن سياسة أوباما هو أنه كان لابد من الاعتماد على نفوذ إيران وتدخلها الميداني في العراق؛ لأن الهدف الأهم والأكبر هو القضاء على «داعش». إيران قدَّمت نفسها على أنها غير قابلة للاستغناء عنها في تلك الحرب، وعكفت على صنع «الحشد الشعبي» كميليشيا شيعية للقيام بالمهمة. ما يقوله الآن المقربون من صنع القرار في إدارة ترامب، هو أن المصلحة الأميركية لا تتوافق مع مشروع إيران بأن تحتل عملياً الأراضي التي يقوم التحالف الدولي بإخلائها من «داعش»، من ثم تُنبت تلك الجغرافيا تنظيماً إرهابياً يضاعف إرهاب «داعش» تستعر على ضوئه تلك الحرب المذهبية، التي تولّد أجيالاً من الراديكالية الإسلامية، السنّية والشيعية على السواء.

رائدة ضرغام - كاتبة عمود ومحللة في شؤون الشرق الأوسط

تويتر