ترى أن التحالف مع الدوحة خطوة تكتيكية يمكن التراجع عنها بسهولة

تركيا «الإخوانية» تخاطر بمصالحها بالتحالف مع قطر

صورة

عندما أجرت تركيا تدريبات عسكرية مع قطر كانت تعطي إشارات مفادها أنها تقف إلى جانب الدوحة خلال نزاعها مع دول الخليج الأخرى أكثر من كونها تلعب دور وسيط محتمل في النزاع. وكان هدف المناورات العسكرية التي أجرتها تركيا مع قطر، والتي تحمل اسم «الدرع»، هو تحسين تنسيق القوات البحرية لدى البلدين، وشاركت في التدريبات قوات المشاة والمدفعية معاً.

وقال أحد كبار المسؤولين في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، لمحطة الجزيرة القطرية، إن وجود الجنود الأتراك في قطر من شأنه أن «يوجد توازناً في المنطقة»، ولكن هذه ليست وجهة نظر السعودية والإمارات والبحرين ومصر، التي تواجه نزاعاً مريراً مع قطر منذ بداية يونيو الماضي. وتتهم الدول الأربع دولة قطر بدعم الإرهاب، نتيجة مساعدتها العديد من المجموعات المتطرفة، ومن ضمنها «الإخوان المسلمين»، وهي حركة تتمتع بعلاقات أيديولوجية قوية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ووقف الزعيم التركي علانية إلى جانب قطر، ودأب على إرسال المساعدات لها، لتخفيف آثار المقاطعة التي فرضتها عليها الدول الأربع، في حين دعا السعودية إلى إنهاء مقاطعتها لقطر. وخلال الشهر الماضي قام أردوغان بزيارة إلى منطقة الخليج قالت عنها أنقرة إنها من اجل الوساطة بين الدول الأربع وقطر، خرج منها الزعيم التركي بخفّي حنين.

• عمد أردوغان إلى إثارة غضب قادة آخرين عندما طرح نفسه باعتباره المدافع عن قضايا المسلمين عندما يسكت الآخرون. وكانت رسائله الشعبوية واضحة تماماً خلال الأزمة التي وقعت في المسجد الأقصى، بعد أن قامت إسرائيل بفرض قيود على الدخول إليه.

وعمل التدريب العسكري في القاعدة التركية على تعزيز التحالف بين الدولتين، وتم بعد شهرين من إصدار انقرة قانوناً، تم صدوره على عجل، يجيز إرسال القوات التركية الى الدوحة. وفي الوقت ذاته كان التمرين يمثل تحدياً علنياً للسعودية. وقال نائب أمين حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أكتاي، إنه على الرغم من أن تركيا لم تفصح عن تأييدها لطرف بعينه في الأزمة الحالية، إلا أن نشر الجنود الأتراك في القاعدة القطرية، أكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها تقف إلى جانب قطر.

وقال السفير الأميركي السابق في أنقرة، روبرت بيرسون، إن نشر القوات التركية في منطقة الخليج قبل محاولة الرئيس أردوغان التوسط لحل الأزمة في المنطقة، قلل كثيراً من حظوظ أنقرة في لعب دور الوسيط بين الدول المتنازعة. وكتب بيرسون في رسالة إلكترونية «السعوديون لا يريدون القاعدة التركية في قطر في كل الأحوال، كما قلل أردوغان من حظوظه في حل الأزمة نتيجة توقيت المبادرات التي جاء بها».

واستناداً إلى هذه الفكرة، فإن التمرينات البحرية يمكن أن تكون نقطة تحول. وقال البرلماني التركي السابق، إيكان اردمير، الذي يعمل لمصلحة مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية البحثية في رسالة إلكترونية «أردوغان يرى في قطر حليفاً أساسياً لـ(الإخوان المسلمين)، وهو مستعد لاستخدام موارد الدولة العسكرية والدبلوماسية لتجنب خسارة أحد آخر شركائه في الشرق الأوسط».

وثمة إشارات أخرى تدل على أن تركيا ترى التحالف مع قطر خطوة تكتيكية يمكن التراجع عنها بسهولة، لكنها تعتبر استثماراً طويل الأمد. وقال وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبيكيتش، إن بلاده لديها خطط لإنشاء طرق دولية تبدأ من تركيا مروراً بإيران - وهي حليف آخر للدوحة في النزاع الحالي في منطقة الخليج - وصولاً إلى شواطئ الخليج العربي بالقرب من قطر.

وقال عضو غرفة قطر التجارية، محمد مهدي الأحبابي، خلال زيارته إلى ميناء أزمير غربي تركيا، إن بلاده ترغب في تحويل جزء كبير من تجارتها مع السعودية والدول المتحالفة معها، والبالغة قيمتها 15 مليار دولار إلى تركيا، حسب ما ذكرت تقارير إخبارية تركية. وكسبت شركة «تيكفين» التركية القابضة، العاملة في مجال البناء والانشاء، عقداً بقيمة 200 مليون دولار لإنشاء طريق دولية في قطر.

وعلى الرغم من أن تركيا تعمل على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع قطر، إلا أنها بحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة ورأس المال، الامر الذي يجعلها بحاجة إلى الحفاظ على تجارتها مع خصوم قطر. وقال بيرسون: «أعتقد أن تركيا تحاول أن تحافظ على العلاقات القوية مع الطرفين».

ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت سياسة أردوغان ستحقق له النجاح بصورة مستدامة أم لا، إذ إن موقف تركيا في الشرق الأوسط بات ضعيفاً نتيجة نزاعها مع سورية والعراق ومصر. وعمد أردوغان إلى إثارة غضب قادة آخرين عندما طرح نفسه باعتباره المدافع عن قضايا المسلمين عندما يسكت الآخرون. وكانت رسائله الشعبوية واضحة تماماً خلال الأزمة التي وقعت في المسجد الأقصى، بعد أن قامت إسرائيل بفرض قيود على الدخول إليه.

ولطالما كان أردوغان من الشخصيات البارعة في مثل هذه القضايا. وقال بيرسون «سيواصل كسب المكانة الرفيعة والهيبة القوية مع حركة حماس، ومع (الإخوان المسلمين) وفي الشارع العربي بصورة عامة»، ولكن ذلك لن يحسن وضعه مع قادة الرياض والقاهرة.

وقال أردمير إن سياسة أردوغان ستؤدي إلى مزيد من العزلة له، وعن طريق تجنيد الجيش التركي، وكذلك القوة الدبلوماسية التركية لدعم قطر، فإن أردوغان يعزز تحالفه، حسب ما قاله أردمير، ولكن أنقرة «ستصبح طرفاً في صراع بمنطقة الخليج»، وهو أمر لا ينطوي على مستقبل جيد لتركيا في المنطقة. وقال أردمير: «إذا تصاعد الصراع القطري واستمر فإن تركيا سترى علاقاتها مع خصوم قطر تتدهور».

تويتر