تحاول التقرب إلى الغرب من خلال الإيحاء بإجراء إصلاحات

بعد شهرين على المقاطعة.. قطر لاتزال في حالة عدوانية

صورة

لاتزال قطر، هذه الدولة الصغيرة في الخليج، تواجه مقاطعة من قبل أربع دول مجاورة لها، في أزمة عميقة أدت إلى اضطراب المنطقة، وهددت المصالح الأميركية فيها. وقامت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، بقطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية في بداية يونيو الماضي، بعد أن اتهمتها بدعم الإرهاب، لكن قطر أنكرت ذلك، وازدادت عدوانية ضد الدول المقاطعة لها.

• يخشى قادة قطر خسارة عدد كبير من سكان الإمارة الصغيرة، خصوصاً العمال الأجانب، بسبب الأزمة الحالية، لذلك يسعون إلى إرسال إشارات للغرب، يريدون القول من خلالها إن قطر أكثر اعتدالاً، وإنها مستعدة لإجراء الإصلاحات.

• مع تزايد أمد «الأزمة» يزداد قلق المسؤولين الأميركيين من احتمال أن يؤدي هذا النزاع الدبلوماسي إلى إعاقة الجهود اللازمة لمحاربة تنظيم (داعش) في العراق وسورية.

وعلى الرغم من مرور شهرين على المقاطعة والعزلة التي تعيشها قطر، إلا أنها استندت إلى إمكاناتها الضخمة لتقوية اقتصادها وأمنها، وعزّزت علاقاتها مع تركيا وإيران، الأمر الذي يمكن أن يغير المنطقة برمتها، وتحالفاتها لسنوات عدة.

ولكن الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة للتوسط بين حلفائها التقليديين في المنطقة، لم تفضِ إلى شيء، وبدلاً من ذلك، تبدو الأزمة كأنها تزداد سوءاً على الصعيدين الدبلوماسي والقانوني. وقال محلل الشرق الأوسط في معهد كارنيغي للسلام الدولي، بيري كاماك، «أصبحت المسألة الآن شخصية، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان على أي طرف تغيير موقفه»، وأضاف: «أعتقد بأن ذلك سيستغرق بعض الوقت».

ولطالما كانت مجموعة الدول على رأسها السعودية والإمارات على طرفي نقيض مع قطر، بسبب علاقاتها مع إيران ودعمها «الإخوان المسلمين»، وهي مجموعة إسلامية تعتبرها الدول المقاطعة لقطر تهديداً لأمنها. وسحبت الدول المقاطعة لقطر سفراءها، وطلبت من مواطنيها مغادرة الدوحة، وأغلقت الحدود معها، وكذلك أغلقت المجالات الجوية والبرية والبحرية في وجه وسائل النقل القطرية.

وتدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تغريدة تؤيد مجموعة الدول التي قاطعت قطر. لكن وزيري الخارجية والدفاع حاولا نزع فتيل الأزمة، لأن قطر تستضيف قاعدة «العديد» الجوية، التي يعمل فيها نحو 10 آلاف جندي أميركي، والتي كانت القاعدة الرئيسة للولايات المتحدة في حربها ضد العراق وتنظيم «داعش» في العراق وسورية.

تمترس خلف الرفض

وفي بداية يونيو الماضي، قدمت الدول المقاطعة لقطر 13 مطلباً، بهدف حل الأزمة معها، والتي تتضمن تخفيف العلاقة مع إيران، ووقف دعم «الإخوان المسلمين»، وطرد العديد من المتطرفين من أراضيها. وطلبت الدول المقاطعة لقطر أيضاً إغلاق محطة الجزيرة، التي تمولها قطر، والتي ترى فيها السعودية وحلفاؤها، شبكة إعلامية تمثل اللسان الناطق باسم المجموعات المتطرفة والإرهابية. لكن قطر رفضت كل هذه المطالب، وعمدت إلى تعزيز اقتصادها، وأخذت تستورد المواد الغذائية من إيران وتركيا، بدلاً من السعودية والإمارات. وقامت بإصلاحات عدة، لتجميل صورتها.

واعتبرت هذه الإصلاحات على نطاق واسع بأنها وسيلة تستغلها قطر من أجل إفشال المقاطعة المفروضة عليها، عن طريق تقديم المحفزات للعاملين لتشجعيهم على البقاء فيها، بينما تحاول جذب المستثمرين والشركات لاختيار الدوحة كمركز إقليمي للأعمال. وقال المحلل المتخصص بالشرق الأوسط في مركز الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أنثوني كوردسمان، «يخشى قادة قطر خسارة عدد كبير من سكان قطر، خصوصاً العمال الأجانب، بسبب الأزمة الحالية»، وأضاف: «أما الهدف الآخر من هذه الإجراءات فهو إرسال إشارات للغرب يريدون القول من خلالها إن قطر أكثر اعتدالاً، وإنها مستعدة لإجراء الإصلاحات».

وتعمل قطر على تعزيز علاقتها مع الغرب لمواجهة الخسارة التي ستنجم عن فقدان حلفائها السابقين من دول الخليج.

ومع تزايد أمد الأزمة يزداد قلق المسؤولين الأميركيين من أن هذا النزاع الدبلوماسي يمكن أن يعوق الجهود اللازمة لمحاربة تنظيم «داعش» في العراق وسورية، إذ إن جميع الأطراف المتنازعة تعتبر جزءاً من الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم الإرهابي. وقال كوردسمان: «كلما ازداد أمد الأزمة، بات إيجاد الحلول أكثر صعوبة، لإعادة الثقة بين الأطراف المتنازعة».

تويتر