باتباعه سياسة ذات وجهين

أنشطة النظام القطري تهدّد الاستقرار في عموم الشرق الأوسط

صورة

تحالف الدول المقاطعة لقطر، وهي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، أكد مجدداً في بيان صادر عن وزراء خارجيتها، أواخر الشهر الماضي، المطالب الـ13 التي قدمتها لهذه الدولة الخليجية، فيما لو أرادت الدوحة أن تستعيد علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع هذه الدول، وقال البيان على لسان هذه الدول «إننا نؤكد مجدداً أهمية امتثال قطر لمطالب الدول الأربع».

تشديد الضغط على إيران

بدأت إدارة ترامب في تشديد الضغط على إيران، من خلال فرض المزيد من العقوبات، ويعتبر هذا بداية جيدة. ويبدو أن ما أدخل الروع في قلب إيران هو اتفاقية التسلح الضخمة التي وقعتها المملكة العربية السعودية مع أميركا أخيراً، وعلى أميركا أن تروّج لفكرة أنها تقف مع حلفائها ضد إيران، من خلال تقوية دفاعاتهم وحماية مصالحها في المنطقة، عسكرياً إذا لزم الأمر.

ساعدت أميركا على ظهور الوحش النووي في طهران، من خلال السماح لإيران بتطوير برنامجها النووي والصاروخي، والمضي قدماً في هذا الطريق، وتوفير التمويل لشراء الأسلحة. كما تسامحت واشنطن مع دعم قطر للإرهاب لفترة طويلة جداً، وعلينا الآن أن نحمي حلفاءنا من نتائج ذلك، بما في ذلك إجبار قطر على السير على الطريق المستقيم.


تحوّل ما يسمى (الربيع العربي) بسرعة إلى خريف تطرف، عندما دعمت قطر (الإخوان المسلمين) في مصر وليبيا وسورية، وتمخض ذلك عن نتائج كارثية. وتقع المسؤولية في كل ما يحدث من عدم استقرار ودمار مباشرة على عائلة آل ثاني الحاكمة في الدوحة، بدءاً من الشيخ حمد، الذي حكم حتى عام 2013.


الولايات المتحدة ظلت تنتقد منذ فترة طويلة الحكومة القطرية، لسياساتها الرخوة ضد مكافحة الإرهاب، لاسيما تقصيرها في ما يتعلق بالجهود المبذولة لمكافحة تمويل الإرهاب.

وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، حاول التوسط لحل النزاع، وتمسك بالمبادئ الستة التي تم التوصل إليها خلال رحلته الأخيرة إلى المنطقة، بعد اندلاع النزاع. ومع ذلك، فإن الموقف القطري يتدهور باستمرار. وتقول «بلومبيرغ» إن البنوك القطرية على وشك الانهيار، مع تضاؤل الموارد. وربما رأى التحالف أن الالتزام بموقفه الأصلي، يوفر فرصة جيدة لإنهاء هذا التهديد الإرهابي للأمن في الشرق الأوسط لآخر مرة وإلى الأبد.

فراغ أوباما

الفراغ الذي تركته إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، بعد سحبها أغلبية القوات الأميركية من العراق، وأفغانستان، شغله بسرعة الإرهابيون القتلة المنتمون إلى تنظيم «داعش». وأسهمت قطر بذلك في إيواء جماعة «الإخوان المسلمين»، وهي حركة متطرفة عابرة للحدود. هذا الواقع وضع عبئاً ثقيلاً على القوات الأميركية، وأدى إلى القضاء على حياة كثير من الأميركيين، عسكريين أو مدنيين. كما استفادت روسيا وإيران من هذا الوضع.

واليوم، تعمل الميليشيات التابعة لإيران، مثل «حزب الله»، بحرية من قم إلى البحر الأبيض المتوسط، وتنتشر في العراق وسورية ولبنان. واجتمع قادة حركة (حماس)، أخيراً مع القادة الإيرانيين - ولم يكونوا يتحدثون بالتأكيد عن كفالة الأيتام - بل ربما عن المزيد من الأيتام.

وتنتشر خلايا «حماس» و«حزب الله» حول العالم. وتجد إيران وحلفاؤها الدعم من الأسلحة الروسية الفعالة والفتاكة بشكل متزايد، مثل صواريخ «إس300» المضادة للطائرات، التي تجعل مهمة تدمير مرافق تصنيع قنبلة نووية إيرانية أمراً أكثر صعوبة.

ومع ذلك، فإن إيران ليست وحدها في الميدان، فهناك إمارة قطر، التي توفر المأوى والتمويل للمتطرفين في جميع أنحاء العالم، وليس الشرق الأوسط فحسب. ووفرت شبكة قناة الجزيرة التلفزيونية العربية للوعاظ الإرهابيين، القدرة على نشر الكراهية، والتحريض على العنف في جميع أنحاء العالم الإسلامي والغربي.

أمر لا يمكن السكوت عنه

خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي، أخيراً، أوضح الخبير بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الدكتور ماثيو ليفيت، وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الخزانة خلال إدارة بوش، أوضح مخاطر دعم قطر المالي للإرهابيين والقتلة المتطرفين، فضلاً عن إيوائها لهم داخل حدودها. وفي شهادته المقدمة إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب يوم 26 يوليو الماضي، أكد الدكتور ليفيت، أن «الولايات المتحدة ظلت تنتقد منذ فترة طويلة الحكومة القطرية، لسياساتها الرخوة ضد مكافحة الإرهاب، لاسيما تقصيرها في ما يتعلق بالجهود المبذولة لمكافحة تمويل الإرهاب... وفي السنوات الأخيرة آوت قطر قادة من (حماس) و(الإخوان المسلمين)، و(طالبان)، ووفرت أيضاً منبراً لقادة التطرف، لنشر أفكارهم من خلال قناة الجزيرة».

وظل الاستقرار في كل مكان في الشرق الأوسط مهدداً بشكل مستمر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنشطة النظام القطري. حيث دعمت وسائل الإعلام القطرية ثورات «الربيع العربي»، وانطلقت انتفاضة على شكل سقوط أحجار الدومينو لتكتسح الوطن العربي من شمال إفريقيا إلى سورية، بدءاً من عام 2010، وتسببت في موجة عارمة من القتل وضياع الثروات لم يسبق لها مثيل منذ الحروب الكبرى في القرن الـ20.

وتحول ما يسمى «الربيع العربي» بسرعة إلى خريف تطرف، عندما دعمت قطر «الإخوان المسلمين» في مصر وليبيا وسورية، وتمخض ذلك عن نتائج كارثية. وتقع المسؤولية عن كل ما يحدث من عدم استقرار ودمار مباشرة على عائلة آل ثاني الحاكمة في الدوحة، بدءاً من الشيخ حمد، الذي حكم حتى عام 2013، ثم تنازل لمصلحة ابنه الشيخ تميم، الذي واصل سياسة الوجهين، التي تظهر «الصداقة» للولايات المتحدة، بينما تقدم الدعم لأعدائها: إيران، و«الإخوان المسلمين»، و«حماس» وحركة طالبان.

وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً، والكثير من المال، وإلى جيل جديد لإصلاح الفوضى التي أطلقتها هذه الإمارة الصغيرة في الشرق الأوسط. وأخشى أن يكون هناك جيل بأكمله قد تربى على آيديولوجية التطرف والقتل. وقبل أن تبدأ عملية التعافي، ينبغي أن تكون هناك جهود كبيرة لتطهير العالم العربي والإسلامي من فيروس العنف الذي تنشره قطر.

قطع التيار

يجب وضع حد للدعم القطري للمتطرفين في جميع المجالات، وقطع التيار عن برنامج الكراهية المنبعث من قناة الجزيرة، ويعتبر ذلك بداية جيدة لتنظيم دعم شعبي للإصلاح في المنطقة، وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلى أن يتم القضاء على مصادر تمويل المتطرفين الجهاديين في جميع المجالات، وتجفيفها تماماً. ويجب أن تنتهي سياسة غضّ الطرف عن تمويل الإرهاب.

التحالف غير المقدس بين موسكو وطهران ودمشق في الشرق الأوسط يمثل حقيقة مريرة، وأمرّ من ذلك فقدان النفوذ الأميركي في المنطقة. المآسي الأميركية في المنطقة والدم والمال الأميركي الذي يضيع هدراً هي تكاليف لا يمكننا استردادها، ومع ذلك، هناك خطوات ملموسة يمكن اتخاذها للدفع قدماً باستقرار المنطقة من قبل أميركا وحلفائها.

ولمواجهة هذا التحالف الشيعي - الروسي الجديد، يجب على واشنطن إنشاء جدار عربي سنّي - أميركي، لمناهضة التوسع الإيراني المدعوم من قبل الروس. ويجب علينا رأب الصدع مع حلفائنا في الخليج، إذ تسببت سياسة التهدئة التي تبناها أوباما مع إيران فيها، ونستطيع من خلال ذلك أن نتخلص من الإرهاب الإيراني والقطري.

إل تود وود خبير أمن قومي أميركي ومحلل سياسي.

 

تويتر