الأزهر يعتبرها «فكرة» لمواجهة التشدد ويترك الباب موارباً للتطوير

تجربة «أكشاك الفتوى» تنتظر عيد الأضحى لحسم مصيرها

صورة

لم تحسم مؤسسة الأزهر الشريف ولا الشارع المصري بعد الموقف من «أكشاك الفتوى» التي تم إنشاؤها في محطات مترو الأنفاق، رغم دخول التجربة شهرها الأول، وبينما يشدد الأزهر على أهمية المبادرات المرتكزة على التفكير خارج الصندوق من هذا النوع، والذي يركز على وصول الفكر الوسطي والمعتدل الى ملايين المسلمين بأشكال غير تقليدية، لايزال معارضون يواصلون الانتقادات القائلة بأن إنشاء أكشاك الفتوى في محطات المترو يمس هيبة رجال الدين، وأن مكان العلماء هو المسجد أو المؤسسات الدولية، وتوقع البعض التراجع عن التجربة وتطويرها، مع التاكيد على وجود «تجارب شبيهة للتواصل مع الشباب ستمثل البديل»، وذلك لمنع اختطاف الخطاب الديني من قبل المتطرفين.

صفحات لمواجهة التطرف

كشفت دار الإفتاء عن إطلاقها عدداً من الصفحات لمواجهة التطرف مثل «داعش تحت المجهر» و«مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية»، هذا علاوة على تجربة «وعاظ المقاهي» التي نزل فيها علماء الدين إلى الشباب والأحياء، أما على الصعيد الخارجي فقدمت دار الإفتاء للاتحاد الأوروبي 1000 فتوى مترجمة لثماني لغات ترد على الأفكار المتطرفة، بعد أن نجحت في إقناعه باعتماد فتاواها هي المعتمدة رسمياً لديه للرد على التساؤلات الدينية من مسلمي أوروبا.

اختيار محطة الشهداء (مبارك سابقاً) كان قراراً صحيحاً، لأنها موجودة في ميدان رمسيس بقلب القاهرة، حيث تأتي القطارات من الصعيد والدلتا والإسكندرية وكل أطراف مصر، وبالتالي فبالإمكان للعلماء أن يقدموا الأجوبة على مختلف تساؤلات المواطنين المصريين، خصوصاً أن العلماء يتواجدون للتواصل مع الناس من التاسعة صباحاً حتى الثامنة ليلاً.

وقال العالم الأزهري صفوت حسين لـ«الإمارات اليوم»، إن «الأصوات المعارضة للتجربة خفتت نسبياً بعد شهر من إطلاقها، لأن بعض هذه الأصوات كانت من باب رفض كل جديد، فالناس تتصور أن عالم الدين يجب ان يكون في برج عالٍ ويخاطب الناس من علو، هذا غير صحيح دينياً بوجه عام، وإسلامياً على وجه الخصوص، فعلماء الاسلام كانوا في كل مجتمعاتنا في القرية، والمناسبات الاجتماعية، والطريق العام، وأمام المتجر، وفي الحقل، والذي اختلف فقط هو شكل الحياة الاجتماعية، وبدلاً من شيخ القرية القديم الذي كان يستوقفه طالب الفتوى والمعرفة في الطريق، أصبح الآن المواطن الحديث المتجه إلى، أو العائد من عمله بالمترو، وأصبح لزاماً علينا ان نواكب هذا التطور». وتابع حسين «هناك طريقة لقياس نجاح أو فشل التجربة هي وجود أعداد مقدرة من الناس تتفاعل معها، وأنا اعتبر أن توجه 200 إلى 300 مواطن يومياً للسؤال في أمور دينهم، وحصولهم على إجابات موثوقة من مؤسسة الأزهر؛ مكسب وإضافة لا حدود لهما».

وقال العالم الأزهري محمد عبودة في تصريح صحافي، إن «اختيار محطة الشهداء (مبارك سابقاً) كان قراراً صحيحاً، لأنها موجودة في ميدان رمسيس بقلب القاهرة، حيث تأتي القطارات من الصعيد والدلتا والإسكندرية وكل أطراف مصر، وبالتالي فبالإمكان للعلماء أن يقدموا الأجوبة عن مختلف تساؤلات المواطنين، خصوصاً أن العلماء يتواجدون للتواصل مع الناس من التاسعة صباحاً حتى الثامنة ليلاً».

وأكد أن «بشائر التجربة الأولية ناجحة، إذ يصل المعدل من 7 إلى 100 فتوى في اليوم الواحد، فالناس تثق في الأزهر الشريف وعلمائه، وأعضاء لجنة الفتوى يتسمون بسعة الصدر وتقبل النقد، وقد تلقوا دورات تدريبية وشاركوا في لجان إفتاء لمدة ستة أشهر»، منوهاً بأن «أكثر الأسئلة الدينية تردداً عند الشارع المصري هي تلك الخاصة بالزواج والطلاق، والمواريث، والصلاة، والبنوك، والتأمين، والبيع والشراء».

وأكد وزير النقل والمواصلات المصري هشام عرفات، أن «وجود أكشاك الفتاوى في محطات المترو يعد أحد الأنشطة الثقافية التي تقوم بها الوزارة، وأنها جاءت تلبية لطلبات المواطنين فقط في شهر رمضان الماضي، وامتد العمل بها حتى الآن ولا توجد إلا في محطة مترو الشهداء، التي تستقبل ما يقرب من 500 ألف راكب يومياً». وتابع الوزير، أنه «سيتم إلغاء هذه الأكشاك بعد عيد الأضحى»، مضيفاً أنه من الممكن تكرار التجربة العام المقبل، بناء على طلب المواطنين.

والتقت «الإمارات اليوم» بعيّنة من المواطنين المصريين في محطة مترو أنفاق الشهداء (أسفل ميدان رمسيس)، استطلعت آراءهم بشأن تجربة أكشاك الفتوى، فحبذ غالبيتهم التجربة من باب ان كثيراً من الناس يتهيب الذهاب الى دار الفتوى في أطراف منطقة الحسين، أو تمنعه مشاغله من ذلك، ومن ثم فإن وجود هذه الأكشاك في طريقه اليومي لا يجعله يتردد في السؤال، بينما عارض بعضهم التجربة لعدم مواءمة المكان لوقار وهيبة علماء الدين.

على الصعيد السياسي والحقوقي والثقافي، واجهت تجربة «أكشاك الفتوى» معارضة مختلفة تباينت حججها، فقد أعلن مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، أنه «يجب اتخاذ تدابير أخرى لمواجهة الإرهاب، ولا أعتقد أننا بهذه الأكشاك نفعل ذلك».

بدوره، قال الطبيب والإعلامي الليبرالي خالد منتصر على صفحته على «فيس بوك» إن «الفضاء العام مفتوح للمسلم والمسيحي، ولا يصح أن نعرض الجدل في محطة المترو»، مشيراً إلى أن السلطة الدينية في مصر تتسع وتمتد أمام الدولة المدنية التي تتقلص، كما تساءل منتصر: «ماذا لو اختلفت فتوى كشك الإفتاء بمحطة السادات عن كشك الإفتاء فى محطة المرج؟ أي كشك أتبع؟ وما الوضع الشرعي لطالب الفتوى من كشك محطة الشهداء إذا جاء المترو في منتصف الإجابة؟ وماذا لو طلب المسيحيون أكشاكاً للاعتراف والتعميد أسوة بأكشاك الفتوى؟».

أصدرت ثلاثة أحزاب ومنظمات و107 شخصية عامة، بياناً رفضت فيه «أكشاك الفتوى»، وقالت إن «هذه البدعة المكروهة لا يوجد لها مثيل في أي دولة من دول العالم».

كما رد الأزهر الشريف على عموم المنتقدين الليبراليين، فقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية محيي الدين عفيفي، إن «ما يقوم به الأزهر يخدم مصالح الأمة ومواطنيها، فمن غير الأزهر سيواجه العنف والتيارات الدينية المتشددة ويحمي الأمة من أقوالهم وأفكارهم؟».

تويتر