تضطلع بدور مزدوج لا مثيل له

قطر تقدم دعماً لا مثيل له إلى المتطرفين في الشرق الأوسط

صورة

في الوقت، الذي اجتمعت فيه اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب، والخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لسماع شهادة بشأن العلاقة بين الولايات المتحدة وقطر، كان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ووزير خارجية الإمارة الغنية بالغاز، قطر، يقفان مبتسمين من أجل التقاط الصور قبل اجتماعهما بوزارة الخارجية. وفي الوقت الذي تصافح فيه تيلرسون ومحمد بن عبدالرحمن آل ثاني، كان مجلس النواب الأميركي يراجع تقييم الدور المزدوج، الذي تضطلع به دولة قطر، بشأن الارهاب في الشرق الأوسط.

التهدئة في أزمة الخليج تبدو بعيدة المنال، في الوقت الذي تجد فيه إدارة ترامب نفسها وسط شد وجذب، بشأن مجموعة من قضايا السياسة الخارجية، التي تشمل إيران وإسرائيل وقطر.

وخلافاً لسعي قطر إلى استرضاء المسؤولين الأميركيين، لجأت هذه الدولة الخليجية إلى استئجار مؤسسة أفينيو جلوبال ستراتيجيز، وهي شركة علاقات عامة متنفذة، أسسها المدير السابق لحملات الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، كوري ليفاندوفسكي، من اجل وصول قطر إلى مراكز القرار في البيت الأبيض، في خضم نزاعها مع جيرانها الخليجيين، واستقال ليفاندوفسكي من الشركة في مايو الماضي، بعد ستة أشهر من تأسيسها. وذكرت صحيفة نيويورك بوست، الأسبوع الماضي، أن الوثائق التي قدمتها الشركة لوزارة العدل، تفيد بأن الشركة تم تأسيسها «لتقديم البحوث والعلاقات الحكومية وخدمات الاستشارات الاستراتيجية»، نظير 150 ألف دولار شهرياً، و«يشمل ذلك الاتصالات مع أعضاء مجلس النواب ومسؤولي الفرع التنفيذي بالمجلس، ووسائط الإعلام وغيرهم من الأفراد».

ومن المؤكد أن لدى قطر مصلحة في إجبار ترامب على تغيير لهجته لصالحها، بشأن النزاع الذي نشب بينها وبين المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر، وتخفيف دعمه لهذه الكتلة. الجدير بالذكر أن ترامب أرسل تغريدة، في يونيو الماضي، يقول فيها: «خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه يجب ألا يكون هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار جميع القادة إلى قطر»، وإذا لم تستطع قطر أن تكسب ترامب إلى جانبها، فإنها تحاول على الأقل كسب الذين حوله، وأيضاً تغيير مواقف بعض أعضاء مجلس النواب.

ويبدو أن التهدئة في أزمة الخليج، التي اشتعلت في الخامس من يونيو، بعيدة المنال في الوقت، الذي تجد فيه إدارة ترامب نفسها وسط شد وجذب، بشأن مجموعة من قضايا السياسة الخارجية، التي تشمل إيران وإسرائيل وقطر.

وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، قد هدد بالحيلولة دون بيع الأسلحة العسكرية الفتاكة لدول المنطقة، وفي الوقت نفسه صرحت رئيسة اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس النواب، إليانا روس ليتينن، خلال جلسة الاستماع، بأن «النزاع القطري يثير نقاشاً مفيداً، حول تغاضي هذه الدولة الخليجية عن بيئة تمويل الإرهاب، وارتباطها بالجماعات المتطرفة».

الدعم بات سافراً

من المؤكد أن دعم قطر للحركات الإسلامية المتطرفة لا مثيل له في المنطقة، ووصلت إلى وضع حادٍّ جداً، بل فظيع، وقذر وسافر في السنوات الأخيرة. وتدعم دولة قطر التنظيمات التابعة لتنظيم «القاعدة»، و«الإخوان المسلمين»، و«طالبان» و«حماس»، وغيرها. وفي الوقت نفسه، استمرت قطر في استخدام شبكة الجزيرة المدعومة من الدولة، كمكبر صوت في جميع أنحاء العالم، لتوفير الدعاية للمتطرفين، ونشر ثقافة الكراهية، وزعزعة الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

ومثل هذا الدعم يقوض استقرار الدول المجاورة، ويستفز مشاعرها، ويسمم عقول الجيل القادم من الشباب العربي، ويحول دون أي اعتدال في الجانب الفلسطيني، ويقلل احتمال سعي إسرائيل للتوصل إلى صيغة سلام مع الدول المجاورة، بالإضافة إلى ذلك فإن أنشطة قطر ستعمل على تنشئة الفكر المتطرف، الذي سيصبح بديلاً عن تنظيم «داعش»، بمجرد هزيمته في ساحة المعركة.

ولسوء الحظ، فإن السلوك المزدوج لقطر يتجذر بشكل أعمق، فمن خلال إقامتها شراكة مع إيران ووكلائها الإرهابيين، فإن هذه الإمارة تؤازر ألدّ أعداء العالم العربي، وهي بذلك تقوض الأساس المتين لـ«المصالح المشتركة»، بين الولايات المتحدة والبلدان الـ55 ذات الأغلبية المسلمة، التي خاطبها ترامب خلال زيارته للمملكة العربية السعودية في مايو.

النفوذ الإيراني

روابط قطر بإيران من شأنها أن تعوق الجهود الأميركية لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، والحد من تسلط رجال الدين الإيرانيين، ومنع حيازتها الأسلحة النووية. الخلاف الدبلوماسي بين قطر وجيرانها أيضاً من شأنه أن يهدد وحدة مجلس التعاون الخليجي، الذي ظل منارة للاستقرار في منطقة مضطربة، حيث تتقاطع العديد من المصالح الأميركية الحيوية. وكانت السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان، قد شكلت مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981، كدرع ضد الحرب الإيرانية العراقية. وظل يمثل لعقود عدة ما يعرف بحلفاء أميركا التقليديين في المنطقة، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة كضامن لأمن الخليج.

وبالنظر إلى تأثير الحرب الإعلامية الجارية، فليس من المستغرب أن يشير البعض خطأ إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وجهات أخرى، على أنها المتسببة في عدم الاستقرار بالمنطقة. لكن بعد عقدين تقريباً من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أصبحت هذه الحجج بالية. ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، عندما يتعلق الأمر بتشجيع الحركات الإسلامية المتعددة، والأعمال التخريبية ضد الحكومات الإقليمية، فليس هناك يد أقذر من يد قطر في هذا المجال.

ومن شأن الأزمة مع قطر أن توفر لترامب فرصة، للضغط من أجل التغيير المنشود، وفقاً للخطوط التي ناقشها خلال زيارته إلى الرياض في مايو الماضي.

ماثيو ري برودسكي كبير محللي منطقة الشرق الأوسط بمؤسسة ويكسترات

تويتر