استخدمت «الجزيرة» كمنبر للترويج لها ولأفكارها

قطر صنعت «اتحادات العلماء» لشرعنة تدخلها في شؤون الدول ودعمها للإرهاب

قيادات وأعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يُدار قطرياً. أرشيفية

عقد في 5 أبريل 2017 في إقليم كردستان العراق، وتحديداً بالسليمانية، المقر الرئيس لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني الديمقراطي» بزعامة جلال طالباني، اجتماع لرؤساء وأمراء الجماعات والأحزاب الإسلامية «السنية» الكردستانية لبحث أمرين: الأول مسألة استفتاء استقلال الإقليم، والثاني توحيد الجهود الإسلامية الكردية بالدرجة الأولى لتكوين مراجع مشتركة وتقريب وجهات النظر والتنسيق في العمل في إطار سياسي واحد ومرجعية واحدة.

لا يقتصر الدور القطري على عقد الاجتماعات وتعزيز ظهور قيادات الجماعات المسلحة، وإنما كذلك الخروج برسم معالم العمل وخط سير الفصائل والجماعات.

وكانت «العربية نت» من بين الوسائل الإعلامية المختلفة، ومن بينها التركية والإيرانية والسورية، المتواجدة لتغطية الحدث الذي يعتبر مهماً في توقيته والظروف السياسية المحيطة، وبالأخص في ظل خارطة الحركات الإسلامية والجماعات الكردية المعقدة تبعاً للموقع الجغرافي للإقليم.

يشار إلى أن هناك ثلاث جماعات رئيسة لاتزال تفرض حضورها على المشهد السياسي في الإقليم، وذلك بعد تشتت الحركة الإسلامية الكردستانية منذ 2001، بدءاً بـ«الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، الذي يعد الفرع الكردي للإخوان المسلمين بالعراق والمقرب من (تركيا)، و«الجماعة الإسلامية» (السرورية) ممثلة بأميرها «علي بابير» والمقرب من إيران، إلى جانب «الحركة الإسلامية» ومرشدها العام عثمان عبدالعزيز.

من بين الوسائل الإعلامية بالطبع كانت قناة «الجزيرة»، التي في بادئ الأمر لم يكن هناك ما يستدعي الريبة، فلطالما تخصصت قناة «الجزيرة» بنقل كل ما يتعلق بالجماعات والحركات الإسلامية المتنوعة وعلى وجه الخصوص الراديكالية.

كان لافتاً حجم الطاقم المخصص من قبل القناة لمتابعة الحدث، إلا أن المبررات قد تكون متعددة، حتى تعرفنا إلى أحد صحافيي «الجزيرة» والذي أنيطت به أيضاً مهام الترجمة لمراسلها الرئيس، إلا أنه سرعان ما انكشف أنه هو نفسه أيضاً مدير المكتب الإعلامي لعلي قرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي تواجد لتمثيل الاتحاد الذي يرأسه يوسف القرضاوي، والذي أنشأته قطر، خلال اجتماع مخصص للأحزاب والجماعات الكردستانية الإسلامية لبحث مسألة الاستفتاء.

بهذا المشهد تتلخص دائرة العمل والتنسيق ما بين قطر واتحاد القرضاوي وقناة «الجزيرة»، التي تتخذ من الغطاء الإعلامي ستاراً يحجب خلفه ما هو أكثر من أداء الواجب الإعلامي والرأي والرأي الآخر.

القصة هنا كانت لتلخيص الدور الذي أنشأت له قطر برئاسة القرضاوي اتحاداً عالمياً لعلماء المسلمين، يشرعن تدخلها في كل الملفات السياسية عبر الجماعات والأحزاب الإسلامية «سنية وشيعية»، وفق النظرة الشمولية للإسلام تحت مصطلح «الخلافة» الموروثة عن الإخوان المسلمين وعن الأب الروحي لحركات الإسلام السياسي المنظر الهندي «أبوالأعلى المودودي».

في 2004 أعلن يوسف القرضاوي عن تأسيس اتحاده العالمي لعلماء المسلمين ومقره الرئيس في العاصمة القطرية الدوحة، هدف الاتحاد الرئيس كما تم الإعلان عنه: «جمع علماء الأمة الإسلامية حول العالم ويكون شعبياً وليس حكومياً»، مضيفاً: «إن المشكلة الكبرى هي عندما يتدخل الحكم في العلم، فيوجه العلم لخدمة الحكم، وهذه طامة كبرى على الأمم».

وسريعاً ما تفرع عن هذا الاتحاد المئات من الهيئات والروابط والاتحادات الإسلامية شملت مختلف الدول العربية والإسلامية «السودان وموريتانيا واريتريا والصومال وليبيا وتونس والمغرب وسورية ولبنان والعراق وفلسطين وشمال القارة الآسيوية وغيرها من البلدان»، حتى امتدت إلى الدول الغربية، وكان منها «المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث»، وعقد لقاءه التأسيسي برئاسة القرضاوي، ونائبه علي قرة داغي، في مدينة لندن ببريطانيا في مارس 1997، إلى جانب عدد آخر من بينهم راشد الغنوشي رئيس «حزب النهضة» التونسي وسلمان العودة.

هذا وانبثق عن المجلس لجان فرعية في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، كما أنشأ المجلس لجنة للبحوث والدراسات، وأقام أو شارك في دورات للأئمة والدعاة في عدد من الدول الأوروبية، منها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والسويد والنمسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وأيرلندا.

ظلت هذه الروابط والهيئات ورقة قطرية عابرة للقارات، تخوض من خلالها تطبيق مشروع جماعة الإخوان المسلمين، ولتكون بالدرجة الأولى ضد الجهاز الديني الرسمي كالأزهر وهيئات الإفتاء الرسمية.

لا يقتصر الدور القطري على عقد الاجتماعات وتعزيز ظهور قيادات الجماعات المسلحة، وإنما كذلك الخروج برسم معالم العمل وخط سير الفصائل والجماعات، كان من ذلك ما برز من خلال تكفل قناة «الجزيرة» بنشر شروحات برسوم توضيحية عن معالم الخط «الجهادي» وفنونه، وديناميكية عمله، إلى جانب توصيف موجز لقيادات الحركات الإسلامية الراديكالية.

أما في لبنان واللعب على ورقة الشيعة والسنة من قبل الجانب القطري، فأعلن في 2014 عن تأسيس ما يسمى «هيئة علماء المسلمين في لبنان»، ووفقاً لبيانها التأسيسي فهي تهدف إلى «نصرة الشعب السوري وثورته المباركة»، انضم إلى الهيئة علماء لبنانيون من جماعة الإخوان المسلمين وكذلك من التيار «السروري». تتلقى الهيئة دعمها المالي من قطر ما يقدر بـ50 ألف دولار سنوياً إلى جانب الإيرادات المالية التي يحصل عليها أعضاؤها مقابل مشاركاتهم المتكررة بإلقاء المحاضرات في قطر.

ورغم دعاية هيئة علماء المسلمين في لبنان بأن إنشاءها جاء لحفظ حقوق السنة من الطائفة الشيعية، فإن الهيئة كفت عن قول أي شيء يتعلق بإيران.

كما تدخل الاتحاد بشأن تطبيق حكم الإعدام من قبل السلطات السعودية لنمر النمر، وشجب رئيس الاتحاد ماهر حمود ما قاله مفتي السعودية بشأن إيران، كما وقف معارضاً تجاه التحالف العربي والإسلامي في حربه على الحوثي في اليمن.

بالمقابل احتفل اتحاد المقاومة بإعادة النظام الأسدي سيطرته على مدينة حلب.

وتجتمع كل هذه الروابط والهيئات والاتحادات بالوقوف المعادي أمام أي من السياسات السعودية والإماراتية والبحرينية، كما اتفقت جميعها في بياناتها على التنديد بالقرار الخليجي المتضمن قطع العلاقات مع قطر.

تويتر